الأخبار الأخيرة

الدورتان في عيون عربية: الدورتان السنويتان بالصين وأبرز نقاط الجذب فيهما (2)

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/  13:17, March 10, 2017

    اطبع
الدورتان في عيون عربية: الدورتان السنويتان بالصين وأبرز نقاط الجذب فيهما

تدويل العملة الصينية الرنمنبي

هذه نقطة تثير اهتماما كبيرا في نقاشات الدورتين السنويتين بالصين. فمنذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، أدركت الصين ومعها الكثير من الاقتصادات في العالم، أن النظام النقدي العالمي فيه العديد من العيوب، بسبب هيمنة الدولار الأمريكي عليه. ومن أجل تخفيف تداعيات تلك الأزمة، وتحسبا لأزمات أخرى قد تحدث، تسعى الصين إلى جعل عملتها، الرنمنبي(الرنمنبي هو مصطلح للتعبير عن العملة الشعبية بالصين، واليوان هو الوحدة الأساسية للنقد بالصين، وهو مماثل للدولار أو الجنيه أو الدينار)، مستخدمة في التعاملات التجارية والمالية دوليا.

التطورات الكبيرة التي تشهدها الصين في مجال التجارة الدولية، جعلتها ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، وكذلك أكبر مصدّر، ومن بين أقوى المستوردين والمستثمرين، والعملة الصينية حاليا من بين أكبر 5 عملات نقدية شائعة الاستخدام بالتجارة العالمية، وتستخدم في أكثر من ربع التعاملات التجارية عبر حدود الصين. وفي إطار مساعيها لجعل اليوان الصيني أكثر استخداما دوليا، أو تدويله، تسعى الحكومة الصينية خلال العقد الماضي لاتخاذ المزيد من الإجراءات المعمقة لتحقيق تدويل العملة الصينية. ومن أبرز هذه الإجراءات قيام الحكومة بتخفيف القيود تدريجيا لجعل العملة الصينية أكثر ملائمة ومساواة مع الشركاء التجاريين بالعالم، سواء الدول المتقدمة والنامية، وكذلك توسيع تداول الرنمنبي ليستخدم بالمزيد من التسويات المالية الدولية، وتشجيع المناخ الاستثماري بالرنمنبي دوليا. وبالفعل نجح بنك الشعب الصيني المركزي في جعل الرنمنبي عملة للتجارة الدولية، وعملة استثمارية أيضا، وكذلك احتياطي نقدي عالمي، وهذه النقطة بالذات تعززت من خلال إعلان البنك الدولي عام 2015، أن الرنمنبي يلبي معايير البنك لا سيما معيار استخدامه بحرية في التعاملات التجارية العالمية، ولذلك فقد قام البنك بضمّ الرنمنبي إلى سلة عملاته لحقوق السحب الخاصة، وهو ما يجعل الرنمنبي ضمن العملات الخمس الرئيسية بالعالم.

الصين تتصرف على أنها دولة مسئولة، ولا تنوي منافسة الدولار الأمريكي، ولا الدخول في حرب عملات، ولكنها تسعى لتقليل آثار المخاطر على النظام المالي والنقدي بالعالم. ربما هذه المساعي لا تعجب هيمنة الدولار الأمريكي، الأمر الذي سبب ظهور اتهامات للصين من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة، وهذه الاتهامات تكاثرت خلال الحملة الانتخابية لدونالد ترامب، الذي تصاعدت لهجته خلال الحملة، ولكنها خفتت تدريجيا، بسبب واقعية بعض مستشاريه الذين نصحوه بترك هذا التصعيد، لأنه لا أساس له، ولأنه لا يصب في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية الباحثة – حسب قول ترامب- عن تعزيز فرص العمل. فكيف يمكن لإدارته تعزيز فرص العمل، إذا كان يتهم هذا البلد أو ذاك، ويقاطع هذه الدولة أو تلك؟!

الإنفاق الدفاعي

هذه نقطة اهتمام بارزة أخرى خلال فترة انعقاد الدورتين بالصين. ويمكن القول إن الاهتمام يأتي أساسا من القوى الكبرى، بدافع من المتغيرات الاستراتيجية التي تحدث بالعالم. هذا العام، أعلنت الحكومة الصينية أنها ستزيد الإنفاق الدفاعي بمعدل 7%، وهي أدنى زيادة خلال أكثر من 6 سنوات. هذا يعني بالأرقام أن الإنفاق الدفاعي الصيني سيكون 1.04 تريليون يوان صيني(152 مليار دولار أمريكي). الصين تأخذ بالاعتبار أن هذه المخصصات، التي تمثل نحو 1.3% من إجمالي الناتج المحلي، يجب أن تتماشى مع واقع التنمية الاقتصادية للبلاد، ومع المتطلبات الدفاعية.

في هذا الإطار، ومن أجل إعطاء فكرة مقارنة، ينبغي الإشارة إلى مخصصات الدول الأعضاء بحلف الناتو مثلا، حيث تعهدت بتخصيص ما لا يقل عن 2% من إجمالي الناتج المحلي لكل منها، للشئون الدفاعية. وكذلك تجدر الإشارة إلى ميزانية الإنفاق العسكري الأمريكية، حيث اقترحت إدارة ترامب بالشهر الماضي، زيادة الإنفاق العسكري بـ10%، أي زيادة بأكثر من 54 مليار دولار لهذا الإنفاق العسكري. ولا بد من إيضاح بسيط هنا حول الفارق بالتوجهات الصينية والأمريكية للإنفاق بهذا المجال. الصين تركز على الإنفاق بما يخدم مجالات أساسية أبرزها حماية سيادة البلاد واستقلالها الوطني وحدودها البرية والبحرية والجوية، وكبح أي تهديد إرهابي، وضخ الاستثمارات لتحسين أساليب التدريب وحياة العسكريين وتجهيزاتهم، لا سيما المستويات القاعدية. وكذلك الاهتمام التام بتطوير التقنيات العلمية المتعلقة بالدفاع بما يجعل القوات المسلحة الصينية متكيفة تماما مع تغيرات الأوضاع العسكرية بالعالم. بينما تهتم الولايات المتحدة بعقلية الهيمنة على العالم.

نظام ثاد الصاروخي الأمريكي في كوريا الجنوبية

في الحقيقة، هذه نقطة ساخنة ومثيرة للقلق. ومما لا شك فيه، أن الكثير من نواب الشعب الصيني والمستشارين السياسيين، قد أثاروا هذه المسألة الحساسة في نقاشاتهم.الصين تعارض بشدة قيام الولايات المتحدة بنشر هذه المنظومة الصاروخية في كوريا الجنوبية المجاورة للصين. منظومة ثاد، أو منظومة الدفاع الجوي الصاروخي للارتفاعات العالية، هي منظومة متطورة ذات رادارات شديدة الحساسية، يمكن أن تستخدم للتجسس. وهذا هو أحد الأسباب التي تثير اعتراض الصين، لأن المنظومة يمكن أن تقوم بأعمال تجسس على الصين، وعلى بحريتها وعلى أنظمتها الأخرى المتعلقة بالأمن القومي.

وفي الوقت الذي تعارض فيه الصين، نشر هذه المنظومة في كوريا الجنوبية، بحجة الاستعداد لأي طارئ من كوريا الشمالية، فإنها، أي الصين، تدعو بحزم إلى معالجة أي قلق أمني، عبر التشاور الإقليمي للدول المعنية بالأمر وبالمنطقة، ولا داعي للاستنجاد بطرف خارجي، طالما أنه من الممكن بحث بواعث القلق بين المعنيين. يرى العديد من المحللين الآسيويين والصينيين المهتمين بهذا الشأن أنه من الأجدر والأفضل أن تتم مناقشة إحلال السلام في شبه الجزيرة الكورية عموما عبر آلية المفاوضات السداسية المباشرة، لنزع فتيل أي توتر بالمنطقة، تكون له عواقب جسيمة.

سياسات استقدام الكفاءات الأجنبية

من الأمور التي يتابعها الأجانب حول الصين، السياسات المعنية باستقدام الكفاءات الأجنبية من كل العالم، للعمل في الصين، وكذلك رجال الأعمال والمستثمرين. والمناقشات السنوية لنواب الشعب الصيني ومستشاريه السياسيين، لا تخلو في كل عام من قضايا تتعلق بالخبرات والاستثمارات الأجنبية العاملة بالصين، ولهذا يولي الأجانب اهتماما للدورتين لما يتمخض عنهما من مشاريع قرارات تخص عمل الأجانب، والقوانين والسياسات الاستثمارية.

الصين خلية نحل كبيرة تعج بفرص العمل، وسياساتها المعنية تركز على جذب الكفاءات التي تحتاجها عملية التنمية الابتكارية والخضراء بالبلاد، ولا سيما الكفاءات بالمجالات العلمية والتقنيةالحديثة وبكافة فروع الاقتصاد والمال والأعمال والبحوث العلمية والأكاديمية وحماية البيئة. مجالات العمل والاستثمار بالصين أصبحت تنافسية بقوة، والصين تبذل كل جهد ممكن لتهيئة بيئة عمل مناسبة للكفاءات وللمستثمرين الأجانب. لم تعد هناك حاجة لغير الكفاءات ولا الاستثمارات غير الصديقة للبيئة، في الصين المتطورة بحيوية يوميا، والسياسات التفضيلية تتوالى لجذب الأكفاء والاستثمارات والتقنيات الصديقة للبيئة. ولكن مازال هناك الكثير من الإصلاحات المطلوبة بإلحاح في مجال سياسات التعامل مع الخبرات الأجنبية.الصين تعترف في كل مناسبة، بأنها تدين بالكثير لجهود الخبراء الأجانب العاملين فيها، فهم يسهمون فعلا في كافة مجالات التنمية والتحديث بالبلاد. في المقابل، تنتظر الخبرات الأجنبية المزيد من الإصلاح في مجال الإقامة والرواتب والضمان الصحي والإئتمانات المصرفية، وإمكانية شراء عقار بالبلاد بشكل يماثل الصينيين. وهناك نقطة مهمة أخرى، يحتمل كثيرا أنه جرت مناقشتها بالدورتين التشريعية والاستشارية لهذا العام، وهي تأشيرة العمل، وإمكانية جعلها بطاقة خضراء Green Card لمن يستحقها. وبذلك، تكون حياة الأجانب أسهل وعملهم أكثر فاعلية. البطاقة الخضراء توفر الوقت والجهد المطلوبين في كل سنة حاليا، لتجديد إقامة العمل في الصين، ولكن إجراءاتها ومتطلباتها مازالت صعبةمعقدة وكثيرة. الأمر المشجع في الصين، سواء في هذا المجال أو غيره، هو أن المجالس التشريعية والاستشارية على كافة المستويات، تناقش وتسعى للتحسين والتكميل، وفي ظل هذه الحقيقة، لا بد من تحقيق إصلاحات فعلية في سياسات الدولة فيما يتعلق بالخبرات والكفاءات الأجنبية. 


【1】【2】

صور ساخنة

أخبار ساخنة

روابط ذات العلاقة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×