وقع هجوم إرهابي في محيط البرلمان البريطاني وسط لندن يوم 22 مارس الجاري بالتوقيت المحلي، أسفر عن سقوط خمسة قتلى، ونحو 40 جريحاً. وبعد عشية وضحايا ، أصبحت لندن تتصدر عناوين الصحف في العالم.
وكانت الشرطة البريطانية قد أعلنت يوم أمس أن الهجوم إرهابيا. وقد قبلت رئيس الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى حد ما هذا الاستنتاج. وفي الوقت نفسه، قالت تيريزا ماي:" أن عمل إرهابي حاول إسكات ديموقراطيتنا، و نحن لسنا خائفين ولن نتردد أبدا في مواجهة الإرهاب، نحن نعلم أن الديمقراطية والقيم التي تنطوي عليها ستنتصر دائماً، أن البرلمان سيجتمع غدا كالعادة."
ومع ذلك، يعتبر هجوم لندن الإرهابي علامة سيئة للغاية. أولا، بريطانيا لن تجلس مكتوفة الايدي في ظل الهجمات الارهابية التي تضرب أوروبا، حيث تجاوزت الهجمات الارهابية هذه المرة بحر المانش، حتى وأن خرجت بريطانيا من الاتحاد الاوروربي، خشية بريطانيا أن تدفع تكلفة أعلى للوقاية من الهجمات الارهابية. ثانيا، طريقة الهجمات الإرهابية مذعرة، تماثل عمل الدهس بالشاحنة الإرهابي الشنيع الذي شهدته مدينة نيس الفرنسية في العام الماضي، واصبح اتخاذ الارهابييين وسائل النقل العادية لتنفيذ الهجمات الارهابية اختبار لقدرة الاستجابة الفورية للشرطة ووحدات مكافحة الإرهاب.
ومن المحتمل جدا أن يصبح الخوف جزءا لا يتجزأ في الحياة اليومية. ويصبح الإرهاب معضلة المزيد والمزيد من الدول الأوروبية: ينبغي تحمل خطر الهجمات الارهابية من أجل الحفاظ على مجتمع منفتح وحر. وأن اختيار الأمن بحاجة الى التضحية بالحرية الفردية، والمزيد من التكاليف الأمنية، وتحويل الدولة الى " دولة مكافحة الإرهاب ".
وما يحتاج إلى التذكير، أن تأثير " هجوم لندن الإرهابي" هذه المرة بدأ الآن فقط. وفي الآونة الاخيرة، أصبحت الهجمات الارهابية مألوفة في أوروبا. ومثل هذا الوضع، قد يحفز المزيد من تنمية الشعبوية الاوروبية ، وسيغير الارهاب مجرى اوروبا.
بريطانيا على وشك أن تبدأ تنفيذ برنامج خروج من الاتحاد الأوروبي، وستعقد فرنسا وألمانيا الانتخابات العامة قريبا. و قد عانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا في العامين الماضيين من الهجمات الإرهابية، ليتحول الإرهاب مشكلة رئيسية تواجهها السياسة الأوروبية. وفي مواجهة التهديدات المشتركة ، هل الدول الاوروبية بحاجة الى توحيد أم كل دولة تحل المشكلة بوحدها؟ قد يمكن لبريطانيا أن لا تكون خارج الاتحاد الاوروبي، ولكن لا يمكن أن تكون خارج مفهوم " اوروبا". وتواجه الدول الاوروربية يوميا تهديدات الإرهاب الدولي ممثله تنظيم " الدولة الاسلامية " ، وفي مواجهة " العدو" ، سيكون تعزيز الهوية الذاتية في أوروبا غير مسبوق، ولكن يسمح أيضا للاحزاب المعادية للمسلمين في فرنسا وألمانيا على الحصول على ورقة مساومة كبيرة في الانتخابات.