يبدأ دونالد ترامب اليوم أول زيارة خارجية له منذ توليه منصب الرئاسة، حيث سيزور السعودية، اسرائيل، فلسطين الفاتيكان وإيطاليا. بعد ذلك سيحضر قمة الناتو وقمة مجموعة السبع. وتحظى هذه الزيارة بإتمام عالمي واسع من وسائل الإعلام، خاصة وأن ترامب قد خرج لأول مرة عن تقاليد الرؤساء الأمريكيين السابقين، بتخصيص الزيارة الأولى إلى المكسيك وكندا.
تعديل تحالفات الشرق الأوسط
يهدف ترامب من خلال تخصيص زيارته الأولى منذ توليه الرئاسة إلى منطقة الشرق الأوسط إلى تعزيز علاقات التحالف مع دول المنطقة. في هذا الصدد، يشير المدير الشرفي لمركز أبحاث الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الأجنبية تشو واي لييه إلى أن إفراد ترامب السعودية ومنطقة الشرق الأوسط بزيارته الأولى، تظهر نيته تعميق علاقات التعاون مع حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط بل ربما مع كامل العالم العربي. كما تعبر عن سعيه في التركيز على مصالح عمالقة الصناعة العسكرية والطاقة من خلال شعار "أمريكا أولا". من جهة أخرى، يريد ترامب من خلال هذه الزيارة إرسال رسالة للعالم، مفادها بأن أمريكا لن تتخلى عن الشرق الأوسط، وبأنها تتمسك بدورها الريادي في نظام الشرق الأوسط.
"سيلتقي ترامب خلال زيارته إلى السعودية بأعضاء منظمة التعاون الإسلامي، لشرح موقفه من قرار حظر دخول المسلمين إلى أمريكا الذي أصدره بعد تسلمه الحكم. ويسعى بذلك لتحسين علاقته مع مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي." يقول تشو وي لييه.
من جانب آخر، يمكن القول أن جولة ترامب في الشرق الأوسط، ستكون جولة لإصلاح العلاقات، بعد التأثيرات التي لحقت بالعلاقات الأمريكية السعودية والامريكية الإسرائيلية في الفترة الماضية. في هذا الصدد، قال موقع قناة سي آن آن الأمريكية، "إن ترامب يسعى لتدارك إخفاقات أوباما في الشرق الأوسط." وأضاف نفس المصدر بأن ترامب "يعمل جاهدا على إبراز إختلافه الكبير عن سابقه." وخاصة في ما يتعلق بموقفه الصارم من إيران، ورغبته في توحيد مختلف القوى الأساسية في الشرق الأوسط لضرب تنظيم داعش. ويعسى ترامب من خلال هاتين الورقتين لتدارك سياسات أوباما التي أضعفت التحالفات الأمريكية في المنطقة.
طريق صعب
ذكر مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك ماستر، بأن جولة ترامب تهدف إلى تحقيق 3 أهداف كبرى، وهي: تأكيد قيادة أمريكا للعالم؛ مواصلة تأسيس علاقات هامة مع مختلف قادة العالم؛ وتعزيز الوحدة. فهل سينجح ترامب في تحقيق مساعيه من خلال هذه الزيارة؟
بالنظر من المصادر السعودية، نجد أن السعوديين متفائلين بتحسن العلاقات بين البلدين. حيث قالت رويترز بأن الرياض تأمل في الحصول على ضمانات أمريكية جديدة، واقناعها بالضغط على إيران وطلب الدعم الأمريكي في الأزمة اليمنية. كما تحتاج "رؤية 2030" السعودية للإستثمارت الأمريكية.
رغم أن الأوساط الأجنبية يتطلعون إلى تحسن في العلاقات الأمريكية السعودية، لكن بعض المحللين يشيرون إلى إستمرار وجود العديد من النقاط الخلافية في العلاقات بين البلدين. أولا، هل ستوافق أمريكا على توفير مزيدا من الضمانات التي تخدم مصلحة السعودية، خاصة وأن ترامب قد رفع شعار "أمريكا أولا"، وإنتقد بشدة إهدار أمريكا لـ 6 تريليونات دولار بمنطقة الشرق الأوسط. ثانيا، مع حدوث ثورة الغاز الصخري في أمريكا، بدأ نموذج التعاون القائم بين البلدين منذ 1945 على أساس "النفط مقابل الأمن" يواجه تحديا، وهو مايمثل مصدر القلق المتصاعد لدى المملكة العربية السعودية. في المقابل، يبقى من غير المؤكد موافقة ترامب على تغيير سياسة"الإستقلالية الطاقية" من أجل المصالح السعودية.
مقارنة بزيارته إلى السعودية، تعد زيارة ترامب إلى إسرائيل أكثر تعقيدا. في هذا الصدد قالت سي آن آن، في الظاهر يبدو أن زيارة ترامب لإسرائيل كانت أسرع زيارة لرئيس أمريكا إلى اسرائيل بعد توليه السلطة، كما أن ترامب سيكون أول رئيس أمريكي يزور حائط المبكى. مع ذلك شككت وسائل إعلام إسرائيلية في قدرة ترامب على لعب دور فعال، حيث رأت بإن ترامب تنقصه دراية بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.، وأن ترامب قد يتجاهل هذه القضية إذا فشلت جهوده.
في ذات السياق، قال نائب رئيس الجمعية الصينية للدراسات الشرق أوسطية بان قوانغ، إلى أن ترامب قد طلب من ناتنياهو أثناء زيارته إلى واشنطن في فبراير الماضي، وضع حد لبناء المستوطنات اليهودية. ومن المتوقع أن يستمر في ترامب خلال جولته الشرق أوسطية في التشبث بموقفه السابق، بدعم عملية السلام في الشرق الأوسط؛ وترك الفلسطينيين والإسرائيليين وحدهم يختارون بين حل الدولة الواحدة أو الدولتين؛ المطالبة بالحد من عمليات بناء المستوطنات؛ وعدم طرح نقل مقر السفارة الأمريكية. ومن المتوقع أن يسعى ترامب لتهدئة الصراع وتعديل علاقات المصلحة من خلال هذه النقاط الأربعة المذكورة.
وتعليقا على التقارير الإعلامية التي تحدثت عن أن مصادر إسرائيلية هي من كشفت عن تبادل ترامب معلومات إستخباراتية مع روسيا، يرى بان قوانغ أن الجانبين قد يتجاهلان هذه الجزئية. خاصة وأن بعض التقارير تقول بأن مصر كانت مصدر المعلومة. من جهة أخرى، سيسعى ترامب خلال هذه الجولة لتخفيف التأثيرات السلبية، وإجمالا لن يكون لموضوع "التسريبات" تأثيرا كبيرا على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.