وزير الخارجية الصيني وانغ يي يجتمع مع نظيره اللبناني جبران باسيل اليوم 23 يونيو فى بيروت. |
بيروت 23 يونيو 2017 / أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي اليوم (الجمعة) في بيروت أنه من الضروري حل المسألة السورية عن الطريق السياسي، مشيرا إلى تبني مجلس الأمن الدولي القرار 2254 الذي وضع خريطة طريق لحل هذه المسألة.
وقال وانغ، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره اللبناني جبران باسيل، إنه "على الأطراف كافة تغليب مصلحة الدولة والشعب السوري لحسن تنفيذ القرار الأممي والتزام مبدأ الحل بقيادة الشعب السوري وبذلك سيسير الحل السياسي بسرعة".
ورأى أنه "مع تحسن الوضع في سوريا من الطبيعي ان يعود النازحون السوريون إلى بلدهم والقيام بإعادة الإعمار لأن اللاجئين ليسوا مهاجرين ومقصدهم هو وطنهم الأم".
وشدد وانغ على أنه "ليس هناك اي لاجئ لا يريد العودة"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن ان تتم عودة اللاجئين في يوم واحد إذ إنه بعد التحسن الجزئي يمكن عودة بعض اللاجئين وبعد التحسن الشامل يمكن عودة الجميع".
ورأى أنه "على المجتمع الدولي التزام ما ورد في القرار 2254 وأن الصين على استعداد لبذل جهد مشترك مع لبنان وسواه من الدول للعب دور بناء في هذا المجال".
واعتبر وانغ ان حل قضية اللاجئين في الشرق الأوسط يتطلب حل اولا القضايا الساخنة في المنطقة وتخفيف التوتر بما يوفر لهم بيئة سلمية للعودة إلى بلدانهم".
وأشار إلى أن "اللجوء لا يقتصر على السوريين بل هناك لاجئون فلسطينيون هم من أوائل اللاجئين في العالم ومنذ 70 سنة لم يحقق الفلسطينيون حلمهم ومطلبهم العادل بإقامة دولتهم المستقلة".
وعبر وانغ عن اعتقاده بأن هذا الوضع يجب ألا يستمر وعلى المجتمع الدولي أن يبذل جهودا مشتركة لحل المسألة السورية والقضية الفلسطينية باعتبارها القضية الجذرية لقضية الشرق الأوسط وبالتالي على هذا الأساس يمكن حل قضية اللاجئين".
وأكد أن "الصين كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي ستواصل دورها البناء في المحافل الدولية لحل القضايا الساخنة وسنعمل من ناحية أخرى على تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للاجئين المنتشرين في الشرق الأوسط".
وأضاف "قدمنا سابقا مساعدات للبنان على دفعات وسنواصل تقديم هذه المساعدات في المستقبل وفقا لحاجات لبنان".
ولفت وانغ من جهة ثانية إلى أن "الصين تدعو دائما إلى المساواة بين جميع الدول سواء كانت كبيرة أو صغيرة وزيارتي اليوم إلى لبنان تجسد اهتمام الصين البالغ للعلاقات مع لبنان".
وقال "تم إنشاء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ 46 عاما ورغم حصول تغيرات كثيرة على الأوضاع الإقليمية والدولية فإن العلاقة الصينية اللبنانية تطورت بشكل مستمر".
وأضاف " يتبادل البلدان دائما الفهم والثقة والدعم وسنواصل دعمنا الثابت لجهود لبنان للحفاظ على سيادته وسلامة أراضيه، كما سنواصل دعمنا للبنان في المحافل المتعددة الأطراف ونحن على ثقة بأن لبنان سيواصل دعمه لنا في القضايا المتعلقة بمصالحنا الجوهرية".
وقال وانغ في جانب آخر إن "لبنان محطة مهمة في طريق الحرير القديم ونرحب بدعم لبنان ومشاركته في مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ".
وأشار إلى مشاركة لبنان أخيرا في منتدى "الحزام والطريق للتعاون الدولي" الذي انعقد في بكين مبديا اعتقاده ان "الصين ولبنان يمكن ان يكونا شريكين جيدين للتعاون في اطار "الحزام والطريق" وتعزيز مجالات التعاون وتوظيف إمكانات التعاون وتحقيق آلية مشتركة".
ووصف لبنان بأنه "دولة مميزة في المنطقة حيث التعايش المتناغم بين مختلف الأديان والثقافات في الأسرة الواحدة"، مبديا ارتياح الصين الي العملية السياسية في لبنان التي شهدت انتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة وتبني قانون جديد للانتخابات التشريعية".
وأمل أن" تكون تجربة لبنان في التعايش السلمي بين مختلف القوميات والثقافات نموذجا لحل القضايا في الشرق الأوسط".
من جانبه، أكد باسيل أن "الحزام والطريق" كانا وما زالا يمران بلبنان ودورنا الطبيعي أن نكون في هذا البلد بوابة للصين في غرب آسيا وبوابة لعالمنا المجاور إلى الصين".
وقال "زياراتنا المتبادلة ليست إلا تأكيد لإرادتنا المشتركة بإعادة إحياء رابط تاريخي يعود إلى أكثر من ألفي عام ونحن معنيون بتأكيد الارادة المشتركة بإعادة إحيائه".
وتقدم باسيل بالشكر إلى الصين على "كل الدعم الذي تقدمه الصين للبنان في ما يخص مساهمتها في قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان "يونيفيل" ومساعدتها في استقرار الجنوب وكل لبنان".
وأضاف "نرى في هذه المساهمة دليلا على عمق الصداقة بين البلدين حيث لقوات اليونيفيل دور محوري في تثبيت الهدوء في جنوب لبنان على الرغم من خروقات إسرائيل اليومية لسيادتنا برا وبحرا وجوا وتجاهلها لقواعد القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
وجدد "التزام لبنان الكامل تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته"، متطلعا "إلى تجديد ولاية اليونيفيل في شهر اغسطس المقبل دون تعديل في حجمها وولايتها".
وأوضح أن "اجتماعنا تطرق إلى مشكلة النزوح التي يواجهها بلدنا حيث يشكل اليوم النازحون السوريون واللاجئون الفلسطينيون نصف عدد سكاننا وهذا أمر غير موجود في أي بلد في العالم".
واعتبر ان "هذا الوضع لا يمكن أن يستمر لأنه يشكل تهديدا وجوديا حقيقيا على أمن لبنان وازدهاره واستقراره ومستقبله ومجتمعه"، لافتا إلى أن "لبنان يجد نفسه بين سندان المانحين يغلقون حنفيات التمويل ومطرقة جيران غربيين يغلقون الحدود".
وشكر للصين "مساعداتها للأمم المتحدة" طالبا منها "تفهم حاجة لبنان للمساعدة المباشرة لمجتمعه المدني ولبلدياته ولمؤسسات الدولة".
وحذر من أن "تخفيف المساعدات من دول العالم للنازحين يعني أن لبنان على برميل الانفجار فيما يخص موضوع النزوح" معتبرا أن "الحل الوحيد الممكن والمستدام هو بعودة النازحين السوريين الى بلدهم".
وأكد باسيل أن "عودة النازحين السوريين ممكنة ويمكن ان تكون متدرجة قبل الحل السياسي وبعد الانتهاء منه".
كما أكد اتفاق وجهات النظر على أن "عودة النازحين لا يمكن أن تكون فورية وستكون متدرجة بطبيعة الحال مشددا في المقابل أنه "لا يمكن للبنان ان يقبل به هو الاندماج والبقاء الطويل لأي نازح على أرضه".
ورأى أن عودة السوريين الى بلدهم بدأت ونرى يوما بعد يوم ان السوريين يعودون الى سوريا بدل أن يأتوا الى لبنان من سوريا".
وفي مجال آخر، قال باسيل إن "لبنان يواجه الإرهاب على حدوده مباشرة من خلال جيشه"، شاكرا الصين لدعمها الجيش اللبناني.
ولفت إلى تبني لبنان "سياسة عدم التدخل في شئون غيرنا كما الصين التي تعتمد هذا الأمر في منطقتنا بما يؤمن المساعدة الاساسية للحلول السياسية في المنطقة".
ورأى أن "الرد على الارهاب يحصل هو في وحدة الموقف والنسيج الداخلي أو وحدة الموقف الاقليمي من خلال تقديم نموذج لعدم صراع الدول".
وشدد على "اعطاء الاولوية لاجتثاث الارهاب ومبدأ ضرورة حل النزاعات بالحوار بين الاطراف"، مشيرا إلى أن هذا الأمر ينطبق على قضية بحر الصين الجنوبي وعلى ازمات المنطقة وعلى رأسها الازمة في سوريا من خلال مسار يديره السوريون أنفسهم ويقررون مستقبلهم".
وبالنسبة إلى القضية الفلسطينية، اعتبر باسيل ان "حلها يكون عبر الحوار ونجاح الضغط على إسرائيل لإلزامها التقيد بالقانون الدولي والابتعاد عن عنصرية وتقوقع وأحادية تحاكي مشاريع التنظيمات التكفيرية الإرهابية".
وحول المواضيع الاقتصادية التي تناولتها المحادثات، قال باسيل "شجعت الوزير الصديق على تزخيم التبادل المرتفع بين البلدين ولو بخلل اقتصادي كبير" لافتا إلى أن الصين اصبحت المورد الاول للبنان في العالم".
ودعا الشركات الصينية إلى الاستثمار في قطاعي النفط والغاز، كما دعا إلى "تشجيع الصينيين على الدخول في مجالات عدة رغم التحديات التي نواجهها في الارهاب والنزوح إلا أن لبنان مستقر وفي طريقه الى الازدهار".
وقال " نشجع اخوتنا في الصين على زيارة لبنان والسياحة والاستثمار في المشاريع الكبرى للطرق وسكة الحديد الساحلي وخط الغاز الساحلي التي يمكن أن تدخلها الصين عن طريق الاستثمار والشراكة مع القطاع الخاص او الدخول في المشاريع الممولة من الصناديق الدولية او من الدولة اللبنانية".
وقال "إنه طريق واحد وحزام واحد وإرادة واحدة نجسدها معا في لبنان والصين للتكامل والتطلع معا إلى طريق اقتصادية واحدة تربط بين ضفة المحيط الهادىء وضفة البحر المتوسط وهي طريق تؤدي إلى لبنان ومنه إلى كل العالم بفضل الانتشار اللبناني".
وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي قد وصل إلى لبنان في وقت سابق اليوم وسلم الرئيس اللبناني رسالة من نظيره الصيني أكدت على "الصداقة التي تجمع بين لبنان والصين وضرورة تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين".