دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الاثنين إلى مواصلة الجهود الرامية إلى تطوير المراحيض في البلاد ، في إطار حملة "ثورة المراحيض" الراهنة.
فلماذا شرعت الصين في هذه الحملة، ولماذا تحدث الزعيم الصيني عن هذه القضية التي تبدو ثانوية؟ التوجيهات الأخيرة للرئيس شي تجيب على بعض هذه التساؤلات.
لفهم أفضل لهذا الموضوع ، فإنه من الضروري العودة بالذاكرة إلى ما كانت عليه المراحيض الصينية في الماضي والتأثير بعيد المدى لتحديث تلك المراحيض.
التنمية الريفية
رغم أن الصين أضحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلا أن بعض المراحيض في المناطق الريفية الفقيرة ما زالت لا تعدو كونها ملاجئ مؤقتة محاطة بحزم من سيقان الذرة، فيما لا يزال بعضها الآخر مجرد حُفر مفتوحة بجوار حظائر الخنازير، ما يؤدي إلى مشاكل تلوث عديدة ناجمة عن الفضلات البشرية.
وبينما تحسنت مستويات المعيشة في المدن بشكل كبير بالتوازي مع النمو الاقتصادي المذهل للصين، إلا أنه يجب إيلاء المزيد من الاهتمام لتحسين البيئة المعيشية لـ600 مليون ريفي في الصين.
ولهذا استثمرت الحكومة أموالا ضخمة لبناء مراحيض جديدة في أفقر المناطق بالبلاد. وخلال الفترة من 2004 إلى 2013، بلغ إجمالي تلك الاستثمارات 8.27 مليار يوان. وبحلول نهاية 2015، كان 75 بالمئة من المنازل الريفية لديها مراحيض دافقة (مزودة بمياه للصرف) أو مراحيض جافة مزودة بخزانات تحت الأرض ولديها جدران وأسقف وأبواب ونوافذ ولا تقل مساحتها عن مترين مربعين.
لكنه ومع عدم كفاية ذلك بشكل واضح، أطلقت الصين "ثورة المراحيض" في جميع أنحاء البلاد في 2015 لجعل هذه المرافق أنظف وأكثر تنظيما.
وبالنظر إلى أن المراحيض كجزء من الحياة اليومية وتؤثر على جودة حياة الشعب الصيني، فإنه يتعين على الحكومة الصينية، التي قطعت عهدا بتكريس نفسها لتحسين معيشة جميع المواطنين، أن تتصدى للمشكلة بشكل مباشر.
وخلال زيارته لمناطق ريفية، سأل شي السكان المحليين عن أحوال المراحيض التي يستخدمونها، وأكد مرارا على أن مراحيض نظيفة للسكان المحليين أمر مهم لبناء "ريف جديد".
السياحة والاقتصاد
وفي الوقت الذي تذخر فيه الصين بالعديد من الموارد السياحية، إلا أن المراحيض غير الصحية في المواقع السياحية بالبلاد مثلت عاملا منفرا للزوار.
وبينما تفقد محركات النمو التقليدية زخمها، تعلق الصين آمالا على الخدمات، بما في ذلك السياحة، كقوة جديدة لدعم النمو الاقتصادي، ومن ثم أضحى تحسين المرافق العامة في المواقع السياحية مهمة ملحة.
وعلى مدار ثلاث سنوات، شهدت "ثورة المراحيض" التي أُطلقت في 2015، استثمار أكثر من 20 مليار يوان (حوالي 3 مليارات دولار أمريكي) في تركيب أو تحديث 68 ألف مرحاض في مواقع سياحية، متجاوزة هدف 57 ألف مرحاض.
وخلال الأعوام الثلاثة المقبلة، تتطلع السلطات إلى إضافة 47 ألف مرحاض وتحديث 17 ألفا أخرى، بحسب خطة كشفت النقاب عنها مصلحة السياحة الوطنية الصينية.
وقال لي جين تساو، رئيس المصلحة المذكورة، إنه "بالمقارنة مع النمو السريع لصناعة السياحة وحاجة الناس المتزايدة إلى حياة أفضل، فإن تطوير المراحيض لا يزال غير متوازن وغير كاف. وثمة حاجة ماسة إلى برنامج آخر يستمر على مدار ثلاث سنوات."
وحققت صناعة السياحة المحلية بالصين عائدات بلغت 3.9 تريليون يوان في 2016، فيما تخطط البلاد لزيادة عائدات السياحة إلى 7 تريليونات يوان بحلول 2020.
فرص لـ"صنع في الصين"
شهدت الأعوام الأخيرة انتشار حمى بين الطبقة المتوسطة في الصين لشراء أغطية مراحيض ذكية خلال جولاتهم السياحية في اليابان، رغم أن العديد من هذه المنتجات، هي بالفعل مصنعة في الصين.
وأملا في الاستفادة من "ثورة المراحيض" تبذل العديد من الشركات جهودا ذاتية لإنتاج وتسويق منتجات عالية الجودة.
وبحسب تقرير أصدرته الجمعية الصينية للأجهزة الكهربائية المنزلية، فإن الحجم السوقي لقطاع المراحيض الذكية المحلي بالصين نما بواقع 59 بالمئة على أساس سنوي ليصل إلى 3.1 مليون وحدة في 2016.
لكن مدى تغلغل هذه المنتجات لا يزال أقل من واحد بالمئة، ما يعني أنه لا تزال هناك إمكانات سوقية هائلة في الصين، بحسب التقرير.
وفي ضوء حملة أوسع لتطوير المنتجات التي تحمل شعار "صنع في الصين"، فإنه من المؤمل أن تحقق "ثورة المراحيض" القائمة تغييرات يصل مداها إلى ما هو أبعد من الصناعة.