ذكرت قناة سي إن إن في 23 يوليو الجاري، أن الرئيس الإيراني روحاني قد قال خلال اجتماع مع دبلوماسيين، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمارس سياسة عدائية تجاه ايران، وأضاف بأنه "على الولايات المتحدة أن تدرك بأن الحرب مع إيران هي أم الحروب، وأن السلام مع إيران هو أم السلام ". كما حذر ترامب من أن "اللعب بذيل الأسد، لن يجلب غير الندم".
وفي وقت متأخر من نفس الليلة، ردّ ترامب على روحاني عبر حسابه على تويتر، قائلا: "لا تهدد أمريكا مجددا وإلى الأبد، وإلا فإن إيران ستتعرض إلى عواقب لم تشهد لها مثيلا في التاريخ ".
أمريكا تتراجع، وايران تواجه
يرى سون ده قانغ، نائب مدير معهد أبحاث الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، أن تبادل رسائل التهديد بين الرئيسين الإيراني والأمريكي، تمثل محاولة من كل طرف لإختبار صبر الطرف الآخر، وإعلامه بأنه لن يرضخ لضغوطه.
قبل ذلك، أعلنت الولايات المتحدة في 8 مايو من العام الحالي، عن انسحابها من الإتفاقية النووية الإيرانية. على أساس أن هذه الإتفاقية يمكن أن تسمح لإيران بتطوير السلاح النووي، ومن ثمّ، قامت بإستئناف العقوبات المفروضة على إيران قبل الإتفاق. لاحقا، هدّدت إيران بغلق مضيق هرمز على ناقلات نفط الشرق الأوسط، في حال قامت أمريكا بحظر الصادرات النفطية الإيرانية.
في مواجهة العقوبات الأحادية، قامت إيران بتشجيع الشركات الاجنبية المستثمرة على مواصلة الاستثمار والإنتاج للحفاظ على توازن ميزان المدفوعات؛ من ناحية أخرى، لجأت إيران إل إستعادة "الإقتصاد المقاوم"، الذي طبقته منذ إندلاع الثورة الإسلامية في عام 1979، لمواجهة العزلة والعقوبات المفروضة من العالم الغربي؛ في ذات الوقت، تسعى إيران جاهدا للإستعانة بتركيا والهند وغيرهما من الدول، لمواجهة العقوبات الأمريكية الأحادية.
على الصعيد الدولي، تعمل إيران على حث الصين وروسيا والدول الأوروبية الكبرى على التعاون وفقا لما تم التوصل إليه في الإتفاق النووي. وتسليط إهتمام المجتمع الدولي على المواقف الأحادية والانعزالية التي تمارسها أمريكا، والحصول على تعاطف المجتمع الدولي.
آثار العقوبات لايمكن تجنبها
إن إعلان ترامب عن الإنسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، يعني نهاية "سياسة الانسحاب" الأمريكية في الشرق الأوسط، التي بدأها أوباما. حيث إستأنفت الولايات المتحدة موقف الإصطفاف في الشرق الأوسط، وعززت تحالفاتها التقليدية مع السعودية والإمارات، والأردن ومصر واسرائيل وغيرها من الدول. وهوما يفرض طوقا أمريكيا على إيران في المنطقة.
على الرغم من تبني إيران سلسلة من الإجراءات للحد من تأثير العقوبات الأمريكية، إلا أنه يبقى من الصعب عليها تجنب تأثير العقوبات على اقتصادها. سيما صادراتها النفطية، حيث تشير البيانات إلى أن صادرات إيران اليومية من النفط الخام، قد تراجعت إلى 2.2 مليون برميل في شهر يونيو، بعد أن بلغت 2.7 مليون برميل خلال شهر مايو. ومن المتوقع أن ينخفض هذا الرقم مجددا في شهر يوليو.
بسبب العقوبات أحادية الجانب، التي تفرضها أمريكا على إيران، بدأ كبار مشتري النفط الإيراني في آسيا، مثل كوريا الجنوبية واليابان والهند، بتخفيض وارداتهم النفطية من إيران. وفي ذات الوقت، انخفضت قيمة العملة المحلية الإيرانية، وارتفعت أسعار السلع، وبات التوظيف يواجه ضغوطا كبيرة. ووفقا لتقارير وسائل إعلام إيرانية، بلغ سعر صرف الريال الإيراني، 1 دولار أمريكي مقابل 42560 ريال، أما في السوق السوداء فبلغ، 1 دولار أمريكي مقابل 900000 ريال.
تسبب الانكماش الاقتصادي في سلسلة من المشاكل الاجتماعية، وتصاعدت أصوات الشارع المنادية بتحسين مستوى معيشة الناس، وتحسين فرص العمل. في 25 يونيو، خرجت مظاهرة واسعة في الشارع الإيراني، احتجاجا على الركود الاقتصادي الناجم عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
التنافس الجيوسياسي يزيد من حدة الصراع
زاد الصراع الأمريكي الإيراني من حدة التناقضات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وبات يشكل تهديدًا للتنمية الاقتصادية والاستقرار العسكري في الشرق الأوسط.
وأشار سون ده قانغ إلى أن الاندماج الاقتصادي في الشرق الأوسط سيواجه تحديات هائلة، حيث ستزداد تكاليف التعاون الاقتصادي والتجاري ومخاطر الاستثمار في الشرق الأوسط، ما سيؤثر على التحول الاقتصادي والتنمية الاجتماعية في دول هذه المنطقة.
"تعيش العلاقات الأمريكية الإيرانية حربا باردة متصاعدة. ولايستبعد إندلاع عمليات عسكرية بين الجانبين. مع ذلك، يبقى من غير المرجح حدوث عمليات عسكرية واسعة النطاق بين البلدين. " يقول سون ده قانغ. ويضيف بأن الجانبين، قد يلجآن إلى حرب الوكلاء. حيث من الممكن أن تدعم أمريكا القوات السعودية والإماراتية في سوريا واليمن في ضرب القوى الحليفة لإيران. لمنع إيران من توسيع نفوذها العسكري في شرق البحر الأبيض المتوسط.