بيونغ يانغ/ سول/21 سبتمبر 2018 / خلال القمة التي استغرقت ثلاثة أيام في بيونغ يانغ، اتفق زعيما الكوريتين على الاستمرار في المحادثات بشأن نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، واتخاذ خطوات نحو خلق سلام دائم في شبه الجزيرة.
ويرى الخبراء الآن مسارين منفصلين للتنمية في شبه الجزيرة الكورية وإن كانا مترابطين. ففي الوقت الذي من المنتظر فيه أن تحقق إجراءات صنع السلام تحسنا في العلاقات بين الكوريتين وتقليل خطر اندلاع الحرب، فإن عملية نزع الأسلحة النووية تعتمد على استجابة الولايات المتحدة وهي القوة الكبرى في مقعد القائد بالمحادثات.
وطلبت جمهورية كوريا الديمقراطية إعلانا للسلام من الولايات المتحدة كخطوة أولى نحو نزع السلاح النووي.
ورفضت الولايات المتحدة هذا الطلب، وطلبت "نزع السلاح النووي أولا بشكل تام ويمكن التحقق منه" وتعهدت بالحفاظ على "أقصى ضغط" قبل تحقيق ذلك الهدف.
وكتب فيكتور تشا، رئيس قسم كوريا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والأستاذ بجامعة جورج تاون، وأبراهام دنمارك، مدير برنامج آسيا في مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين والعضو البارز في معهد كيسنجر الخاص بالصين والولايات المتحدة "هناك مجال مع ذلك لتحقيق تقدم ملموس، إذا أعادت الولايات المتحدة التفكير بشأن استراتيجيتها التفاوضية".
مفاجأة كبيرة
بدأت قمة بيونغ يانغ بترحيب الزعيم الأعلى لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية كيم جونغ أون بالرئيس الكوري الجنوبي الزائر مون جاي- ان في المطار في احتفال كبير. وأصدر الجانبان إعلانا مشتركا يهدف إلى جعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من الأسلحة النووية أو التهديدات بصراع مسلح وشهدت القمة توقيع اتفاق عسكري منفصل حول خفض التوتر وبناء السلام بين البلدين.
ومع ذلك فإن السؤال الذي يخيم بظله الكبير فوق القمة هو كيف سترد الولايات المتحدة على كوريا الديمقراطية.
لقد وعد كيم باتخاذ المزيد من الخطوات نحو نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية إذا اتخذت الولايات المتحدة خطوات مناظرة وفقا للإعلان الموقع بين كوريا الديمقراطية والولايات المتحدة في يونيو.
وتشمل الخطوات التدمير الشامل لمنشأة يونغبيون النووية الرئيسية لكوريا الديمقراطية، إضافة للتدمير الشامل لمنشأة دونغتشانغ-ري لتجارب محركات الصواريخ ومنصات إطلاق الصواريخ في وجود خبراء من الدول ذات الصلة.
تلك الخطوات جاءت مفاجئة للبعض.
وقال هاري كازيانيس مدير مركز دراسات الدفاع في مركز المصالح الوطنية الذي يتخذ من واشنطن مقرا له "إن هذا شئ لم نكن نعتقد أنه سيقوم به، لذلك فإنني أعتقد أنه شئ جيد. ومن المأمول أن يرد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإصدار إعلان للسلام."
ورحبت الصين بالتقدم في العلاقات بين الكوريتين.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية قنغ شوانغ في إفادة صحفية إن "الصين باعتبارها جارة قريبة، تدعم دائما جهود شمال شبه الجزيرة وجنوبها لتحسين العلاقات فيما بينهما ودفع المصالحة والتعاون قدما عبر الحوار والتشاور."
وجهات نظر متناقضة
وقال تشا ودنمارك إن محادثات نزع الأسلحة النووية " تعثرت لأسباب منها التناقض الجوهري في وجهات النظر في العالم."
وقالا إنه بالنسبة لكوريا الديمقراطية من المستحيل تخيل أن تنزع سلاحها النووي دون وعد حازم بعلاقات سلمية وطبيعية من الولايات المتحدة. ومع ذلك تصر الولايات المتحدة على نزع السلاح النووي بشكل كامل يمكن التحقق منه أولا.
وكتب الخبيران على بلومبرج أنه "طالما ظلت تلك القضايا مترابطة، وطالما ظل زعماء واشنطن وبيونغ يانغ مستمرين في التشبث بفهمهم الخاص بشأن كيفية ارتباطها، فإنه من غير المحتمل أن تثمر حتى أن قمة أخرى بين ترامب وكيم عن نتائج كبيرة."
ومن المتوقع أن يسلم مون رسالة كيم لترامب خلال الزيارة المقررة له لنيويورك لحضور اجتماعات الأمم المتحدة هناك الأسبوع المقبل. فما تمت مناقشته خلال لقاء كيم ومون حول نزع السلاح النووي ولم يتضمنه الإعلان المشترك، سيتم نقله للرئيس الأمريكي، وفقا لما قال مون في سول.
وحذر الخبيران من "استمرار الولايات المتحدة في مقاومة ما سوف يكون في جوهره إعلانا رمزيا."
وكتبا "إن المفاوضين الأمريكيين عليهم ان يتذكروا أن تقليل احتمال شن حرب مدمرة في شبه الجزيرة الكورية يساوي في الأهمية على الاقل هدف نزع السلاح النووي كاملا."
"مسارات منفصلة"
وقد غطى الاتفاق العسكري بين كوريا الديمقراطية وكوريا الجنوبية خطوات مفصلة لتنفيذ إعلان بانمونجوم الذي أصدره كيم ومون في أبريل.
وتشمل تلك الخطوات إنشاء منطقة عازلة ومنطقة حظر طيران على الحدود وسحب بعض مواقع الحراسة من المنطقة منزوعة السلاح والتنقيب المشترك عن رفات الجنود الذين سقطوا في الحرب. وقال مون في سول إن كوريا الجنوبية تهدف إلى إصدار إعلان انتهاء الحرب بحلول نهاية العام الجاري.
إضافة لذلك، اتفق البلدان على تعاون ملموس في الاقتصاد والثقافة والرياضة وهو ما ينظر إليه باعتباره نقطة بداية أكثر سهولة.
وقال تيم شوروك الكاتب والمعلق على السياسة الخارجية والاستخبارات للولايات المتحدة "يبدو ان الكوريتين تتحركان قدما نحو تنفيذ إعلان بانمونجوم...هناك نوع من فصل قضية نزع السلاح النووي عن حاجة الكوريتين نحو التقدم قدما."
وقال تشا ودنمارك إن الولايات المتحدة "غير قادرة على أن تجد عزاء لنفسها في مواصلة حملتها "بممارسة اقصى ضغط " من أجل عزل الشمال."
وكتبا أن "كوريا الجنوبية تبدو أنها تسارع إلى عقد محادثات سلام خاصة بها....ومع مرور الوقت، فإن هذا الانقطاع بين الحليفين سيخلق توترا في علاقاتهما ويضع ضغوطا على واشنطن لكسر الجمود."