بكين 15 يوليو 2019 (شينخوا) مع وصول الشحنة الأولى من مكونات أنظمة الدفاع الجوي الروسية أس-400 إلى قاعدة مرتد الجوية بالقرب من أنقرة في الجمعة الماضي، أصبحت تركيا أول بلد من حلف الناتو يتزود بالسلاح الروسي الحديث وسط تحذيرات أمريكية.
وبينما يدور الحديث عن عقوبات محتملة من قبل الولايات المتحدة، كان رد الاتحاد الأوروبي قويا على خطوة تركيا الجديدة في التنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص، العضو بالكتلة، حيث فرض إجراءات عقابية قد تؤدي إلى تردي العلاقات بين الطرفين.
شراء أس-400 وعقوبات أمريكية محتملة
واستمرت تدفقات مكونات الأنظمة إلى تركيا يوم الاثنين مع وصول الطائرة الروسية التاسعة إلى قاعدة مرتد الجوية، رغم تحذيرات متكررة من قبل الولايات المتحدة وحلف الناتو من عواقب شراء أنظمة الدفاع الجوي الروسية أس-400.
ودفاعا عن خطوة بلاده هذه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأحد إن بلاده تحاول ضمان السلام وأمنها الوطني من خلال شراء نظام الدفاع الجوي الروسي، ميديا تطلعه إلى تنازل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض عقوبات على تركيا.
وتحاول أنقرة منذ فترة تخفيف التوترات مع واشنطن. وبعد لقاء مع ترامب على هامش قمة مجموعة العشرين المقامة في اليابان في الشهر الماضي، قال أردوغان إن ترامب أعرب عن تفهمه لموقف تركيا حول شراء أنظمة أس-400 وأبلغه بأن الولايات المتحدة كانت تفكر في خيارات أخرى بهذا الشأن.
ولكن تسلم تركيا أنظمة أس-400 منذ الجمعة الماضي، قوبل بردود أفعال مختلفة داخل الولايات المتحدة، حيث أدان أعضاء بارزون من لجنتي القوات المسلحة والعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، اختيار تركيا الشراكة مع روسيا على حساب سلامة حلف الناتو، ودعوا ترامب إلى فرض عقوبات على تركيا.
وبينما يظل البيت الأبيض صامتا إلى حد ما في هذا الصدد، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في مقابلة منشورة يوم الأحد مع صحيفة ((واشنطن بوست)) إن القانون يستوجب فرض عقوبات على تركيا، معربا عن اعتقاده بأن ترامب سيمتثل للقانون.
ومن جانبه، قال تسو تشي تشيانغ، الباحث بمركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، إن إصرار تركيا على شراء أنظمة أس-400 قد أضر بالثقة الاستراتيجية بين تركيا والولايات المتحدة، ومن شأن ذلك أن يزيد من حدة الأزمة في العلاقات بين البلدين.
غير أنه أشار إلى أن "المصالح العملية المشتركة للبلدين في مجالي الأمن والاقتصاد تضمن أن علاقاتهما لن تنهار في النهاية، بالرغم من صعوبة عودتها إلى علاقة الحلفاء الأقوياء".
التنقيب عن الغاز والعقوبات الأوروبية
من جانب آخر، تخوض تركيا قضية معقدة أخرى مع قبرص والاتحاد الأوروبي، حيث تصاعدت التوترات بين تركيا والاتحاد الأوروبي عقب إرسال تركيا مؤخرا سفينتين للتنقيب عن الغاز الطبيعي قبالة سواحل قبرص.
وصرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الأحد بأن عمليات التنقيب قبالة سواحل قبرص ستتواصل إذا لم تقبل الحكومة القبرصية اقتراحا بالتعاون مع القبارصة الأتراك بشأن إدارة شؤون الغاز.
وهناك خلاف بين تركيا والحكومة القبرصية، المعترف بها دوليا، على عملية استكشاف الغاز قبالة جنوبي قبرص، وتتبادلان الادعاءات بشأن أحقية كل منهما في النفط البحري واستكشاف النفط والغاز في شرق المتوسط.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي المناطق التي تعمل سفينتا الشحن التركيتين فيها بالنيابة عن القبارصة الأتراك جزءا من المنطقة الاقتصادية الخاصة بجمهورية قبرص، بينما تقول أنقرة إن السفينتين تعملان في الجرف القاري التابع لها.
وردا على الخطوة التركية، اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس الاثنين على تنفيذ إجراءات عقابية ضد تركيا تتضمن إلغاء الحوارات السياسية رفيعة المستوى وتعليق المفاوضات حول الاتفاقية الشاملة للنقل الجوي مع تركيا وتقليل مساعدات ما قبل إنضمام تركيا للاتحاد الأوروبي للعام القادم وغيرها. جاء ذلك خلال اجتماع للوزراء في بروكسل.
وفي هذا الصدد، قال كان بايدرول، محلل العلاقات الأوروبية-التركية، إن الإجراءات الأوروبية ليست قوية بما يكفي لوضع تركيا تحت ضغط كبير، ولن تردعها عن عمليات التنقيب عن الغاز بالقرب من سواحل قبرص.
وفي وقت لا يرجح أن تتحول التوترات الجارية بين تركيا والاتحاد الأوروبي إلى أزمة كاملة، سلط تسو تشي تشيانغ الضوء على خلافات بارزة بين الطرفين في قضايا حقوق الإنسان والأمن وانضمام تركيا إلى الاتحاد، مشيرا إلى تراجع الثقة المتبادلة وركود العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي.