أعلنت الإدارة العامة للجمارك الصينية يوم الخميس أن الصادرات بالدولار الأمريكي قد ارتفعت بنسبة 3.3٪ على أساس سنوي خلال شهر يوليو الماضي. وهو رقم تجاوز التوقعات السابقة، وانخفضت الواردات بنسبة 5.6٪ على أساس سنوي، بمستوى أقل من المتوقع. وبلغ الفائض التجاري لشهر يوليو 45.06 مليار دولار أمريكي ، بزيادة قدرها 63.9 ٪ على أساس سنوي.
ويُعتقد على نطاق واسع أن هذه الأرقام تعكس واقعًا كبيرًا ، حيث إن للحرب التجارية تأثيرًا سلبيًا على التجارة الخارجية للصين ، لكن مرونة التجارة الخارجية للصين تجاوزت بكثير توقعات جميع الأطراف. ولا تزال قدرة شركات التجارة الخارجية الصينية على التكيف عالية نسبيا، حيث تم إحراز بعض التقدم في الجهود المبذولة لتقليل تأثير زيادة التعريفة الأمريكية.
خلال الأشهر السبعة الأولى، حققت واردات الصين وصادراتها إلى الأسواق الرئيسية مثل الاتحاد الأوروبي وآسيان واليابان نمواً ملحوظا، كما فاق معدل نمو الواردات والصادرات على طول بلدان "الحزام والطريق" المستوى الإجمالي ، وبالإضافة إلى ذلك ، نمت الواردات والصادرات للمؤسسات الخاصة بوتيرة أسرع. وشهدت المنتجات الالكترونية والسلع المتمركزة حول العمالة نموا مضطردا. ورغم العقبات التي تواجهها التجارة بين الصين والولايات المتحدة، فقد استمرت قوة التنظيم الذاتي للتجارة الخارجية في البروز، وتعززت قدرات الاقتصاد الصيني على كبح تأثيرات الحرب التجارية.
طبعا، لا ترغب الصين في الدخول في حرب تجارية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة، ولكن اذا كانت الحرب التجارية شرّا لابد منه، فسيكون الاقتصاد الصيني قادرًا على فتح طرق جديدة لتقليل الخسائر إلى حدّها الأدنى. فالصين لن تنتحر على عمود السوق الأمريكية وتجارتنا الخارجية يمكن أن تجد أسواقا بديلة، وهذا ليس فرضا للارادة وانما استجابة طبيعية من الاقتصاد الصيني تحت الضغوط المسلّطة.
سيظل وضع التجارة الخارجية في النصف الثاني من العام شديدًا، ومن المرجح أن تستمر الحرب التجارية الصينية الأمريكية في التدهور، كما أن الانكماش الاقتصادي العالمي يمثل سحابة أخرى. لكن الوضع السابق أظهر بأنه حتى في حالة الفيضان، يبقى الاقتصاد الصيني "السبّاح الأفضل". فهناك بعض الساسة الأمريكيين يأملون ارباك الاقتصاد الأمريكي لكن أملهم سيخيب في النهاية.
وفي كل مجال تضغط فيه أمريكا على الصين، ستحقق الصين اختراقات في هذا المجال، ولن تحدث الصدمة التي تتوقعها. مثلا قبل الإصلاح والانفتاح، كانت هناك بعض الصناعات في الصين تزداد قوتها كلّما تزايد الضغط عليها، والآن أصبحت القدرات الصناعية الصينية شاملة وأكثر نضجا، وشكل الانفتاح على البلاد العديد من القنوات ، وقد حققت قدرتنا على مقاومة "العقوبات" قفزة نوعية.
هناك فرق شاسع بين الصين وأمريكا، فالصين تتصرّف بواقعية وتستعد لأسوأ الاحتمالات، وفي ذات الوقت تعمل جاهدة على تحقيق أفضل النتائج الممكنة. بينما تطلق الحكومة الامريكية اجمل الوعود لجماهير شعبها لكنها في النهاية لاتنفذ هذه الوعود، واضعة نفسها في الطريق الخطأ.
دائمًا ما تقلل الولايات المتحدة من قدرة الاقتصاد الصيني على تحمل الحرب التجارية، مما يخلق وهما بأن الصين لن تكون قادرة على الوقوف وستتنازل لصالحها. كما يتم في الوقت الحالي اختلاق العديد من الأكاذيب الأمريكية لدعم ثقة سوق الأسهم. ويمكن القول على وجه اليقين أن الحكومة الأمريكية تشارك بنشاط في صناعة "الرغوة الاقتصادية"، وتلعب عودة الأموال الساخنة والرافعة المالية دورا كبيرا في هذا الجانب، وهو الثمن الذي سيدفعه عاجلا أم اجلا المستثمر الامريكي.
الحرب التجارية الصينية الأمريكية هي حرب طويلة الأمد، وقد بات المجتمع الصيني مهيأً لذلك. لكن سنسعى جاهدين للحفاظ على التعاون الطبيعي الضروري مع الولايات المتحدة ، وعلى التنمية المستقبلية للصين أن تطور ديناميات متنوعة، وعلينا أن نواصل تنسيق العلاقة بين تمتين القوة الذاتية والانفتاح الشامل، ولن تؤدي الحرب التجارية الأمريكية إلى اضعاف الصين، بل ستخلق مزيدا من القوى لدفع مسيرة النهوض الشامل للصين.
قد تكون البيانات قصيرة المدى للاقتصاد الصيني جيّدة أحيانًا وسيئة أحيانا أخرى، ولكن الصين تزداد قوة بشكل عام ، وهو اتجاه عام يمكن للعالم إدراكه بوضوح. فالمرونة الحقيقية للاقتصاد الصيني تنبع من الإمكانات الهائلة للبلاد والقدرة المتزايدة على تطوير هذه الإمكانات، وطالما أن الصين لا ترغب في التوقف، فليس هناك أي دولة تستطيع أن توقفها عن التقدم.