بكين 18 سبتمبر 2019 (شينخوا) تصاعدت التوترات في الخليج في أعقاب هجمات استهدفت منشآت نفطية سعودية، مع تبادل التهديدات العسكرية بين الولايات المتحدة وإيران.
وتعرض موقعان تابعان لشركة النفط السعودية (أرامكو) بمحافظة بقيق وهجرة خريص شرقي المملكة لهجمات باستخدام طائرات مسيرة يوم السبت، الأمر الذي أدى إلى توقف حوالي 50 بالمئة من إنتاج شركة أرامكو السعودية المنتجة للنفط.
-- المنفذ الحقيقي غير واضح
ورغم أن جماعة الحوثي في اليمن أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات في نفس اليوم، إلا أن الولايات المتحدة والسعودية شككتا في ذلك. وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يوم السبت على تويتر: "وسط دعوات إلى خفض التصعيد، أطلقت إيران الآن هجوما غير مسبوق على امدادات الطاقة العالمية. ولا يوجد دليل على أن الهجمات جاءت من اليمن".
بينما جادل مسؤولون أمريكيون آخرون بأن التحقيقات أظهرت أن الهجمات انطلقت من الجانب الشمال الغربي للمنشآت السعودية، أي من إيران أو العراق وليس اليمن.
غير أن إيران نفت اتهامات الولايات المتحدة التي "لا أساس لها". وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني قبل مغادرته إلى أنقرة لحضور قمة ثلاثية مع نظيريه التركي والروسي، إن ما حدث في المنطقة هو نتاج الخطط والمؤامرات الخاطئة من الولايات المتحدة.
وفي تطور جديد، أعلنت السعودية يوم الاثنين أن التحقيقات الأولية أظهرت استخدام "أسلحة إيرانية" في الهجمات بيد أنها تجنبت إلقاء اللوم على إيران، مؤكدة أنها ستدعو خبراء دوليين للمشاركة في التحقيق في الهجمات والعمل جار على التحقق من مصدر تلك الهجمات.
والتزمت السعودية باتخاذ موقف حذر في التعامل مع القضية، فلم تؤكد اعتراف جماعة الحوثي بالمسؤولية من ناحية، وتجنبت إتباع الولايات المتحدة في إدانة إيران من ناحية أخرى.
وأرجع بعض الخبراء الحذر السعودي إلى ثمة تغير السياسات السعودية في التعامل مع قضايا المنطقة، مشيرين إلى أن الرياض لم تأخذ منذ فترة إجراءات تصعيدية في التعامل مع القضية النووية الإيرانية واليمن.
-- صب مزيد من الزيت على النار
مع ذلك، تصب الهجمات على المنشآت النفطية السعودية المزيد من الزيت على نيران التوترات المعتملة أصلا في المنطقة، مع تبادل التهديدات بين الولايات المتحدة وإيران اللتين تدهورت علاقاتهما منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في السنة الماضية، مما يثير المزيد من القلق إزاء احتمال وقوع صراع عسكري في المنطقة.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الاثنين إنه لا يريد حربا مع أية دولة، مشيرا إلى ضرورة تحديد من يقف وراء الهجمات بشكل واضح، بينما اتهم وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر إيران بأنها تقوض النظام الدولي، مؤكدا أن بلاده تعمل مع الشركاء لمواجهة هذه الهجمات غير المسبوقة.
وقالت الخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء إن بومبيو سيزور السعودية والإمارات في الفترة ما بين 17 و19 سبتمبر، وسيبحث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الهجمات و"الجهود لمواجهة العدوان الإيراني".
وكانت إيران قد ردت بقوة الأحد على اتهامات الولايات المتحدة لها، مهددة بأن القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة تقع ضمن نطاق الصواريخ الإيرانية.
وقال قائد القوة الجوفضائية بالحرس الثوري الإسلامي الإيراني أمير علي حاجي زاده، "بغض النظر عن مكان وجودهم (أمريكيون) إذا اندلع صراع فإن سفنهم الحربية ستكون أول هدف لنيراننا... إيران مستعدة دائما لخوض حرب كبيرة مع الولايات المتحدة".
في الوقت نفسه، قطع المرشد الأعلى الإيراني أية الله علي خامنئي يوم الثلاثاء الطريق أمام احتمال إجراء أي محادثات مع الولايات المتحدة التي أعلنت الأحد ان ترامب قد يلتقي روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وقال خامنئي:" هناك إجماع لدى كل المسؤولين الإيرانيين على عدم اجراء محادثات على أي مستوى كان".
في حين قال المدير التنفيذي للمركز العربي للبحوث والدراسات في القاهرة هاني سليمان إنه يتعين على الولايات المتحدة وإيران الجلوس على طاولة المفاوضات وتجنب التصعيد.
وأضاف سليمان أنه من المهم للأطراف المعنية أن تخفف التوترات عبر التوصل إلى آلية للمفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني وإيجاد حل سياسي.
-- تنديدات دولية ودعوات لخفض التصعيد
ورغم أن السعودية أعلنت يوم الثلاثاء أنها ستستعيد إنتاج النفط السعودي بالكامل في نهاية سبتمبر الجاري، إلا أن دول العالم لا تزال قلقة بشأن سلامة إمدادات النفط العالمية. وقد ارتفعت أسعار النفط بشكل ملحوظ بعد الهجمات.
وتوالت الدعوات الدولية المنادية بالهدوء وخفض التصعيد عقب الهجمات.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن إدانته للهجمات التي استهدفت منشآت الإنتاج النفطية السعودية، ودعا جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ومنع أي تصعيد وسط تصاعد التوترات، والامتثال في جميع الأوقات للقانون الإنساني الدولي.
كما قالت هوا تشون يينغ، المتحدثة باسم الخارجية الصينية، يوم الثلاثاء، إن الصين أدانت الهجمات على المنشآت النفطية السعودية ودعت الأطراف المعنية إلى تجنب اتخاذ إجراءات قد تؤدي إلى تصعيد الأوضاع في المنطقة.
فضلا عن ذلك، أعربت كل من روسيا وجامعة الدول العربية ومصر ولبنان والأردن وغيرها من المنظمات والدول عن إدانتها للهجمات.