مكسيكو سيتى 12 نوفمبر 2019 (شينخوا) تقع الصين وأمريكا اللاتينية على جانبين متقابلين من الكرة الأرضية، ولكن المحيط الهادئ الشاسع على نحو هائل الذي يفصلهما لم يمنعهما من مشاركة تاريخ طويل من التبادلات.
الآن تؤسس الدولة النامية الكبيرة الواقعة في الشرق علاقة شراكة أوثق بشكل متزايد مع المنطقة الديناميكية في نصف الكرة الغربي، وخاصة منذ أن تولى الرئيس الصيني شي جين بينغ منصبه عام 2013 وطبق ما يعرف الآن بدبلوماسية شي.
خلال الستة أعوام الماضية، زار شي 11 دولة في أمريكا اللاتينية والكاريبي. وبدأ اليوم (الثلاثاء)، زيارة للمنطقة لخامس مرة منذ توليه منصب الرئيس، حيث وصل إلى البرازيل لحضور قمة بريكس الـ11 القادمة.
وبشكل كبير يرجع الفضل لجهود شى في ان تشهد العلاقات العريقة التي تحدت المسافة بين الصين وأمريكا اللاتينية ، ازدهارا بحيوية جديدة. وأصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري لأمريكا اللاتينية، بينما تعد الأخيرة أحد أسرع مصادر الصادرات نموا بالنسبة للصين. كما ارتفعت التجارة الثنائية بينهما بنسبة 18.9 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 307.4 مليار دولار أمريكي في 2018.
-- رؤية واسعة
يؤكد شي في كل مرة يزور فيها أمريكا اللاتينية، التزام الصين بتعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع التعاون متبادل النفع.
ذهب شي خلال رحلته الأولى للمنطقة بعد توليه منصب الرئيس في 2013، إلى ترينيداد وتوباغو وكوستاريكا والمكسيك. وفي العام الذي يليه سافر شي إلى البرازيل والأرجنتين وفنزويلا وكوبا.
والتقى شي في البرازيل بقادة من 11 دولة بأمريكا اللاتينية والكاريبي وقدم لأول مرة رؤيته الواسعة لبناء مجتمع المصير المشترك بين الصين وأمريكا اللاتينية.
وقال شي في خطاب هام ألقاه في أول اجتماع لقادة الصين ودول أمريكا اللاتينية والكاريبي في 2014 "دعونا نستغل الفرص الموجودة أمامنا ونعمل معا لشق طرق جديدة لبناء مجتمع المصير المشترك من أجل تحقيق تقدم مشترك والتحرك نحو مستقبل مشرق للعلاقات بين الصين وأمريكا اللاتينية والكاريبي.
ثم اقترح شي إطار تعاون "1+3+6" بهدف "دعم تعاون أسرع وأوسع وأعمق بين الجانبين لتحقيق نتائج حقيقية."
يشير الرقم "1" إلى "خطة واحدة"، خطة تعاون الصين وأمريكا اللاتينية والكاريبي (2015-2019) والتي تأسست لدعم نمو شامل وتنمية مستدامة.
بينما يشير الرقم "3" إلى "ثلاثة محركات" لدفع التعاون العملي إلى تنمية شاملة، وهى تحديدا، التعاون التجاري والاستثماري والمالي.
أما رقم "6" فيشير إلى مجالات الستة ذات الأولوية في التعاون، الطاقة والموارد وتأسيس البنية الأساسية والزراعة والصناعة والابتكار العلمي والتكنولوجي وتكنولوجيا المعلومات.
وفي 2016، زار شي الإكوادور وبيرو وتشيلي. وبعد عامين، سافر إلى الأرجنتين لحضور قمة مجموعة العشرين وبنما فى أمريكا الوسطى والتي أسست علاقات دبلوماسية مع الصين في يونيو 2017.
وشرح شي أهمية تعزيز التعاون بين الصين وأمريكا اللاتينية في خطاب بارز ألقاه في برلمان بيرو في ليما عام 2016.
وقال شي إن "الصين ودول أمريكا اللاتينية والكاريبي التى تمثل مساحتها خمس مساحة العالم وتعدادها نحو ثلث سكان العالم، تعتبر قوة حاسمة في تحقيق السلام والاستقرار العالمي."
وأضاف شي أن الصين "تعتزم زيادة مشاركة خبرة الحوكمة وتحسين التخطيط وتنسيق السياسات الكلية مع دول أمريكا اللاتينية والكاريبي من أجل تعاون أفضل فى خطط واستراتيجيات التنمية الخاصة بنا."
وإلى جانب المشاركات رفيعة المستوى، تواصل شي مع أشخاص محليين من جميع مناحي الحياة من أجل مواصلة تعزيز علاقات الصداقة بين الصين وأمريكا اللاتينية والدعم العام للعلاقات الثنائية.
وقام شي خلال وجوده في كوستاريكا بزيارة مزرعة بن تديرها أسرة واحتسى بعض المشروبات المحلية. وقال لمستضيفيه بابتسامة "أعتقد أنه من الممكن تصدير المزيد من القهوة إلى الصين."
والآن تصدر كوستاريكا القهوة إلى السوق الآسيوية، بالإضافة إلى لحم الخنزير ومنتجات الألبان والأناناس ومنتجات زراعية عالية الجودة، خاصة بعد تدشين معرض الصين الدولي للواردات في 2018.
-- فرص جديدة
وفى ظل الزخم الذى حظى به التعاون الدولي فى انحاء العالم فى إطار مبادرة الحزام والطريق، تخلق الرؤية التي اقترحها شي فرصا جديدة في تعاون الصين وأمريكا اللاتينية.
وتشمل مبادرة الحزام والطريق، التى وضعت لتعزيز التنمية المشتركة على طول طرق التجارة الواقعة على طريق الحرير القديم وما هو أبعد ، حزام طريق الحرير الاقتصادي وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، ويرتبط الأخير بأمريكا اللاتينية بشكل وثيق.
ولمدة قرنين ونصف، بداية من منتصف القرن السادس عشر وحتى بداية القرن التاسع عشر، أبحرت السفن الشراعية المحملة بالحرير الصيني والتوابل والخزف وبضائع أخرى عبر المحيط وصولا إلى المدينة الساحلية التي تعرف اليوم باسم أكابولكو على ساحل المحيط الهادئ في المكسيك.
قال شي في اجتماع مع رئيس الأرجنتين الزائر ماوريسيو ماكري في مايو 2017، إن أمريكا اللاتينية إمتداد طبيعي لطريق الحرير البحري للقرن الـ21.
وأكد شي في رسالة تهنئة أرسلها للاجتماع الوزاري الثاني لمنتدى الصين - مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي الذي عقد في تشيلي في 22 يناير 2018، أن الصين ودول أمريكا اللاتينية والكاريبي" تحتاج إلى وضع خطة جديدة للجهود المشتركة وفقا لمبادرة الحزام والطريق وفتح طريق للتعاون عبر المحيط الهادئ، يربط بشكل افضل بين الأراضي الغنية بالثروات في الصين وأمريكا اللاتينية بشكل أفضل ودخول عصر جديد من العلاقات بين الصين وأمريكا اللاتينية."
وكان الرئيس يؤكد دائما خلال زياراته على التنسيق بشكل أفضل بين مبادرة الحزام والطريق، منصة مفتوحة للتعاون ، وخطط تنمية دول أمريكا اللاتينية والكاريبي.
وحث شي خلال اجتماعه مع ماكري على ربط مبادرة الحزام والطريق باستراتيجية التنمية الخاصة بالأرجنتين وتوسيع التعاون في مجالات، من بينها البنية الأساسية والطاقة والزراعة والتعدين والتصنيع وتنفيذ مشروعات تعاون كبيرة موجودة بالفعل في مجالات الطاقة الكهرومائية والسكك الحديدية ومجالات أخرى.
وبشكل مماثل، قال شي خلال زيارته إلى بنما في ديسمبر 2018، إن استراتيجية اللوجستيات الوطنية الخاصة ببنما 2030 ومبادرة الحزام والطريق متوافقتان بشكل كبير، وحث الجانبين على تنسيق استراتيجيات التنمية الخاصة بهما ودعم التعاون وتعزيز التواصل.
وحتى الآن، وقعت 19 دولة من دول أمريكا اللاتينية والكاريبي على اتفاقيات تعاون الحزام والطريق مع الصين. وقد عزز تعاون الصين وأمريكا اللاتينية في مجالات مختلفة الاقتصاد المحلي والتنمية الاجتماعية بشكل فعال وحقق نتائج واضحة وملموسة لشعب أمريكا اللاتينية.
كما قال شي في خطابه في برلمان بيرو في 2016 "سوف تتشارك الصين خبرتها وفرص التنمية مع باقي العالم وترحب بدول أخرى لركوب قطار تنميتها السريع حتى نستطيع أن نتطور معا."