12 يونيو 2020/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ تقع قرية "ايكه شو" (الشجرة) في بلدة هواماتشي بمدينة ووتشونغ في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي بشمال غربي الصين. ويقول أحد سكان هذه القرية، وهو رجل مسن في السبعين من العمر، أن أثناء طفولته، كانت هناك شجرة واحدة في هذه القرية، وحيدة وسط الصحراء. وفي ثمانينات القرن الماضي، اختفت هذه الشجرة، وبقيت الرمال فقط.
وعلى امتداد قرن من الزمن، انتقلت القرية من شجرة وحيدة إلى صحراء خالية، ومن صحراء خالية في الثمانينات الى 10 اشجار، ف 100 شجرة، ف 1000 شجرة ف مئات الاف الاشجار. حيث قامت سيّدة من سكان القرية، تدعى باي تشونلان وزوجها ماو شيان في عام 1980 بقيادة 10 عائلات للتصدي للرمال وتخضير الصحراء. لاحقا انضم إليهم العديد من الاشخاص، لكنهم سرعان ما تركوا الأمر لعدم تحمّلهم المشاق، بينما بقيت باي تشوانلان وزوجها هنا. واستمرّ كفاحهم في تخضير الصحراء 40 سنة.
في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، كان 75٪ من سكان محافظة يعيشون في الصحراء والأراضي المتضررة. حيث كانت القرية محاصرة بكثبان الرمال وغير صالحة للزراعة.
"لم نكن نشبع في ذلك الوقت، ومهما زرعت فلا شيء ينمو في التربة. لذا دعت المحافظة الجميع إلى زراعة الأشجار واصلاح التربة. في ذلك الوقت، كنت أشعر أنه مهما بلغت المشاق، فسأعمل إذا كنت في النهاية بإمكاني أن أعالج مشكلة الغذاء." تتذكر باي تشونلان. وفي السابعة والعشرين من عمرها، أخذت هي وزوجها أبنائها ووضعت اثاث البيت على عربة حصان وانتقلوا قرية "ايكه شو" البعيدة 8 كلم.
"الجميع يطلق عليها قرية الشجرة الوحيدة، ولكن عندما جئنا لأول مرة، لم نتمكن من رؤية اللون الأخضر. فقط الرمال الصفراء". كانت باي تشونلان تقطع 16 كلم في اليوم، بينما يقضي زوجها الليلة في الصحراء في العراء يعتني بالشتلات الصغيرة المزروعة خلال النهار". لأن الشتلات التي يتم زرعها للتو حساسة للغاية ولديها معدل حياة منخفض، يجب الاعتناء بها جيدا ومنحها ما تحتاجه من ماء.
"كانت العواصف الرملية تحدث دائما، وذات مرّة اخذت العاصفة ابنتي الصغيرة بينما كنت أضعها فوق الكثبان." لكن باي تشونلان لم تنتبه، وحينما انتبهت كانت ابنتها قد أغمي عليها. ومن حسن حظّها أن تمكنت من انقاذها.
والى اليوم، لا تزال باي تشونلان نادمة وتشعر أنها كادت ترتكب خطأ لا يمكن إصلاحه.
على الرغم من ذلك، تقول باي تشونلان بأن ذكرياتها السعيدة في قرية "الشجرة الوحيدة" أكثر.
في عام 1984، زرعت باي تشونلان 3 فدادين من القمح، وحصدت 4 أكياس من القمح في العام المقبل. وهذا لم يُسعدها فحسب، بل جعلها تشعر بأنه من الممكن زراعة الأشجار في القرية، وبأنه هناك طريق للحياة داخل القرية، وأن سكانها لن يموتوا جوعا.
ورغم أن باي تشونلان اكتفت بالمرحلة الابتدائية فقط، لكن حبّها للأرض جعلها تصبح خبيرة في التربة بعد حوالي 40 سنة من العمل.
إن السيطرة على الصحراء لا تتطلب العمل الشاق فحسب، بل تتطلب الدعم العلمي والتكنولوجي أيضا. في البداية، لم يكن لدى باي تشونلان وزوجها خبرة. وفي أوائل ربيع عام 1984، قامت لجنة يانتشي للعلوم والتكنولوجيا بمكافأة باي تشونلان بمجموعة متنوعة من شتلات العنب الممتازة. حيث قامت باي تشونلان بزراعتها في الرمال، لكن الشتلات لم تعش. فاستشارت باي تشونلان خبيرًا، وعرفت بأن لزوجة الأرض ليست كافية لاحتواء الماء.
منذ ذلك الحين، بدأت باي تشونلان تبحث دائمًا عن فرص للتدريب الفني. وعرفت أن هناك محطة اختبار أنشأها معهد بحوث الصحراء في لانتشو، وليست بعيدة عن قريتها. فطلبت من الخبراء تعليمها كيفية إصلاح الرمل بالعشب. واستطاعت بفضل ارشاد الخبراء استزراع الارض الصحراوية، وقد بلغ معدل بقاء الشتلات التي زرعتها باي تشونلان وزوجها أكثر من 70 ٪.
منذ عام 2005، بدأت باي تشونلان في تطوير صناعة السياحة بعد أن تحولت قريتها الى وجهة سياحية جذابة داخل الصحراء. حيث جمعت باي تشونلان بين الزراعة وتربية الماشية والسياحة لتقود سكان قريتها من الفقر إلى العيش الرغد.
ما تزال باي تشونلان البالغة من العمر 67 عامًا تتمتع بصحة جيدة ولا تزال عاكفة على زراعة الأشجار. ويتزايد رفاقها باستمرار أيضا لمقاومة التصحر.
"هنا تكمن سعادتي، وقد اخترت مسيرتي المفضلة، حتى أتمكن من المضي براحة بال."