فتحت إثيوبيا، ومصر والسودان مؤخرًا جولة جديدة من المفاوضات حول موضوع " سد النهضة" بوساطة الاتحاد الافريقي. وأشار محللون إلى أن التناقض بين الدول الثلاث المذكور بسبب "سد النهضة" يعود الى تاريخ طويل، حيث ان مصر والسودان الواقعتان على روافد نهر النيل قلقتان من أن يؤثر بناء إثيوبيا لـ " سد النهضة" على أمنها المائي. وفي ظل تعزيز المجتمع الدولي، فإن الدول الثلاث مستعدة حاليًا لحل القضية من خلال الحوار، ولكن كيفية التوصل إلى توافق حول بعض القضايا الرئيسية تختبر حكمة جميع الأطراف.
وضعت الحكومة الإثيوبية أساس لـ "سد النهضة" في عام 2011. وفي يوليو من هذا العام، تم الانتهاء من المرحلة الأولى من تخزين المياه، وبعد الانتهاء من بناء السد، سيكون أكبر مرفق لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا. وتشعر مصر، الواقعة في الروافد الوسطى والسفلى لنهر النيل، بالقلق من أن يؤثر السد على حصة البلاد السنوية البالغة 55.5 مليار متر مكعب من استخدام مياه النيل وقدرة سد أسوان على توليد الطاقة. والسودان التي تشعر بالقلق أيضًا من أن "سد النهضة" سيقلل من استهلاك المياه في البلاد، غير أن موقفها يبقى مرتاح نسبيًا، بسبب حاجتها إلى إمدادات الطاقة الإثيوبية للتخفيف من نقص الطاقة الخاص بها، وفي الوقت نفسه، فإن التحكم في تدفق المياه الذي ينظمه السد سيساعد على الحد من موجات الجفاف والفيضانات في السودان. وتوصلت الأطراف الثلاثة إلى إعلان مبادئ من خلال المفاوضات في عام 2015 لضمان الاحترام المتبادل لمصالح الدول الأخرى في الموارد المائية، وعلى وجه الخصوص، يجب ألا تتأثر حصة مياه النيل التي تمتلكها أي دولة. واتفقت الأطراف الثلاثة على مواصلة المفاوضات بشأن تفاصيل أخرى على هذا الأساس للوصول لاتفاق شامل حول موضوع السد.
وفي نهاية شهر يونيو من العام الجاري، تدخل الاتحاد الإفريقي رسميًا في المفاوضات الثلاثية بشأن قضية "سد النهضة". ووفقًا لبيان صادر عن الاتحاد الأفريقي، تم حل أكثر من 90٪ من القضايا في المفاوضات الثلاثية. وفي أوائل يوليو، استؤنفت المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي. وبعد أكثر من عشرة أيام من المفاوضات التي فشلت في التوصل إلى اتفاق، قدم كل من الأطراف الثلاثة تقريرًا إلى جنوب إفريقيا، الرئيس التناوب للاتحاد الأفريقي، لمناقشته في بعض القمم الأفريقية التي عقدها الاتحاد الأفريقي.
تحظى المفاوضات الثلاثية التي يستضيفها الاتحاد الأفريقي باعتراف المجتمع الدولي. وفي 29 يونيو، وبناءا على طلب مصري، ناقش مجلس الأمن الدولي مسألة "سد النهضة". ورغم فشل مجلس الأمن في إصدار قرار بشأن هذه القضية، اتجهت الدول الأعضاء في المناقشة إلى الاتفاق على "سد النهضة" ودعم المفاوضات الثلاثية التي يستضيفها الاتحاد الأفريقي، ومن المؤمل أن تستمر الدول الثلاث في حل القضية من خلال التعاون والحوار البناء.
في 4 أغسطس، ذكرت إثيوبيا إن مصر والسودان طلبا تعليق المفاوضات. وفي اليوم 5، بعثت مصر برسالة إلى جنوب إفريقيا، الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، تفيد بأنها ترفض قبول الحل الذي اقترحته إثيوبيا. في يوم 6، صرحت جنوب إفريقيا أن المفاوضات كانت "في مرحلة حرجة" ودعت جميع الأطراف إلى مواصلة الاتصالات.
وفقًا للرأي العام، ترتكز نقاط المفاوضات على كيفية تخزين المياه في المرحلة الأولى بعد تشغيل السد وكيفية الاستمرار في العمل. وإن الطبيعة الملزمة للاتفاقية الجديدة، وكيفية حل النزاعات، والعلاقة بين الاتفاقية الجديدة واتفاقية استخدام المياه الموقعة من قبل دول حوض نهر النيل من قبل، كلها صعوبات قانونية تحتاج إلى حل. وأوضح التحليل أنه على الرغم من أن المواقف الإيجابية للدول المعنية والمجتمع الدولي قد أدت إلى بزوغ فجر حل تناقض "سد النهضة"، إلا أنه لا يزال من الصعب نسبيًا حل هذه المشكلة في وقت قصير. ففي إثيوبيا، لا يعتبر "سد النهضة" مجرد مشروع للحفاظ على المياه، وإنما أيضا رمز للفخر الوطني. وفي مصر، يشعر الجمهور بالقلق من المخاطر المحتملة على سلامة المياه بسبب بناء "سد النهضة" الذي قد يتسبب في النقص الحاد في الموارد المائية المحلية.
قال حبيب، أستاذ البيئة بجامعة القاهرة، في مقابلة مع صحيفة الشعب اليومية، إن عوامل مثل التوسع السكاني، والتغير المناخي المكثف، والتنمية الصناعية والزراعية السريعة، أدت إلى زيادة كبيرة في الطلب على مياه النيل في مختلف البلدان. وقد تستمر قضية "سد النهضة" في التركيز الإقليمي في المستقبل، وتحتاج إلى حل مناسب من خلال المفاوضات والتعاون بين الدول المعنية.