يصادف عام 2022 الذكرى العشرين لإنشاء الولايات المتحدة لسجن غوانتانامو. ولطالما اعتبر سجن غوانتانامو وصمة عار في جبين الولايات المتحدة التي ما انفكت تقدّم نفسها مدافعا ووصيا على حقوق الإنسان في العالم، في حين كان نزلاء السجن الأمريكي يتعرضون لأبشع صور التعذيب. وقد تتالت الدعوات الدولية لإغلاق معتقل غوانتانامو، ووعد العديد من الرؤساء الأمريكيين مرارًا بإغلاق السجن. لكن وبعد 20 عامًا، لا يزال هذا اليوم بعيد المنال.
سجن غوانتانامو هو سجن بناه الجيش الأمريكي في القاعدة البحرية الأمريكية في خليج غوانتانامو بكوبا. ووفقًا لتقرير صادر عن "دويتشه فيله" في 8 يناير الجاري، فإن هناك 780 سجينا تم احتجازهم في غوانتانامو أثناء انشاءه في عام 2002. ولم يتم توجيه تهم جنائية للعديد منهم، ولا يزال هناك 39 شخصًا يقبعون في السجن حتى الآن.
على مدى السنوات العشرين الماضية، تصدرت فضائح التعذيب في سجن غوانتانامو عناوين الصحف مرات عديدة. ووفقًا لتقرير "نيويورك تايمز" في 31 أكتوبر 2021، كشف المعتقل الباكستاني في سجن غوانتانامو ماجد خان، عن تفاصيل ما سمي بـ "الاستجواب المعزز" الذي أجرته وكالة المخابرات المركزية بشأن الإرهابيين المشتبه بهم، وذكرا بأنه قد تم استجوابه عاريا وسط الظلام مقيّد اليدين، متهما وكالة المخابرات المركزية بارتكاب أعمال عنف بشعة في حقه، بما في ذلك الاعتداء الجنسي.
ووصف مقال على موقع الأمم المتحدة في فبراير 2021 "كوابيس" سجن غوانتانامو على النحو التالي: "العديد من المعتقلين هم من كبار السن وفي كثير من الحالات متضررون جسديًا وعقليًا من الاستغلال اللامتناهي للحرية والعقوبات القاسية. وداخل السجن لا يوجد أي معنى لسيادة القانون، بل هناك فقط زيادة مستمرة لمعدلات الإجبار والعنف.
وأصدرت لجنة من خبراء حقوق الإنسان تم تعيينها من قبل مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بيانًا في 10 يناير، حثت فيه الولايات المتحدة على إغلاق سجن غوانتانامو، وأدان النظام القضائي الأمريكي "لعدم لعبه دورًا ذا مغزى في حماية حقوق الإنسان والحفاظ على سيادة القانون والسماح بتوسيع الثقب الأسود القانوني في سجن غوانتانامو.
في الحقيقة، وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، كانت هناك دعوات من المجتمع الدولي لتحقيق في أعمال التعذيب داخل سجن غوانتانامو ومطالبة الولايات المتحدة بإغلاق المعتقل نهائيا. لكن الواقع كان مخيبا للآمال بشكل متزايد. وقد وعد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في عدة مرات بإغلاق معتقل غوانتانامو، لكنه لم يفِ بهذا الوعد حتى نهاية فترة ولايته. وبعد أوباما، أصبح "إغلاق غوانتانامو" شعار حملة بايدن، لكن وفقًا لتقرير صادر عن صحيفة نيويورك تايمز في 29 ديسمبر 2021، فإن البنتاغون ينفق 4 ملايين دولار لبناء محكمة جرائم حرب جديدة في غوانتانامو سراً.
الأمر الأكثر إثارة للخوف هو أن سجن غوانتانامو لم يكشف إلا عن غيض من فيض "السجون السوداء" في الولايات المتحدة. فقد نشرت "دويتشه فيله" مقالاً قالت فيه إن السجون الأمريكية السرية منتشرة في جميع أنحاء العالم، واعتبرت أن ذلك ليس شيئا جديدا. وعلى غرار معتقل غوانتانامو تواصل الولايات المتحدة ارتكاب فضائع وانتهاكات في العديد من السجون السرية حول العالم. ورغم ذلك لاتزال الولايات المتحدة تقدّم نفسها إلى العالم على أنها الراعي والمدافع عن حقوق الإنسان في العالم.