في الصورة الملتقطة يوم 7 فبراير 2022، المبنى المغلق للمجلس الأعلى للقضاء في تونس العاصمة، تونس. (شينخوا) |
تونس 8 فبراير 2022 (شينخوا) قرر قضاة تونس اليوم (الثلاثاء) تنفيذ إضراب عن العمل في كامل محاكم البلاد لمدة يومين، للاحتجاج على ما وصف بـ "الانتهاك الصارخ لاستقلالية السلطة القضائية"، وذلك في إشارة إلى قرار الرئيس قيس سعيد المتعلق بحل المجلس الأعلى للقضاء.
وقالت جمعية القضاة التونسيين في بيان حمل توقيع رئيسها أنس الحمادي، اليوم، إنها دعت "كافة القضاة من الأصناف الثلاثة العدلي والإداري والمالي إلى التعليق التام للعمل بكافة محاكم الجمهورية غدا الأربعاء وبعد غد الخميس".
وأوضحت أن هذه الخطوة تأتي "احتجاجا على الانتهاك الصارخ لاستقلالية السلطة القضائية من قبل رئيس الجمهورية، وحل المجلس الأعلى للقضاء كآخر ضمانة للفصل بين السلط وتحقيق التوازن بينها".
وأشارت في بيانها إلى أنها ستنظم بعد غد الخميس، وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء، وذلك للدفاع على استقلال القضاء، ودولة القانون وحمايتها من أي تدخل.
واعتبرت أن "إعلان حل المجلس الأعلى للقضاء بصفته مؤسسة دستورية مستقلة تسهر على حسن سير القضاء وتضمن مبدأ الفصل بين السلط يشكل تدخلا مباشرا في السلطة القضائية، وتقويضا لنظام الفصل بين السلط، وتراجعا خطيرا عن تصور السلطة القضائية المستقلة المحققة للتوازن بين السلط والضامنة لاقامة العدل وسيادة القانون ونفاذه".
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد أعلن في كلمة من مقر وزارة الداخلية في ساعة متأخرة من ليلة السبت الماضي، عن قرار يتعلق بحل المجلس الأعلى للقضاء
وقال سعيد في كلمة في مقطع فيديو بثته الرئاسة التونسية في أعقاب زيارة إلى مقر وزارة الداخلية "فليعتبر هذا المجلس نفسه في عداد الماضي من هذه اللحظة".
واعتبر سعيد في كلمته التي ألقاها أمام وزير الداخلية توفيق شرف الدين، وعدد من كبار المسؤولين الأمنيين" لقد صار مجلسا (المجلس الأعلى للقضاء) يتم وضع الحركة القضائية فيه بناء على الولاءات".
وأثار هذا القرار جدلا في البلاد مازال متواصلا، تباينت فيه المواقف التي توزعت بين الترحيب والرفض.
وتردد صدى هذا الجدل خارج البلاد، حيث أعرب سفراء كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة وأمريكا والاتحاد الأوروبي لدى تونس، في بيان مشترك، عن "القلق البالغ إزاء نية الرئيس قيس سعيد حل المجلس الأعلى للقضاء من جانب واحد".
واعتبروا أن مهمة هذا المجلس تتمثل في "ضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاليته"، وأكدوا أن "قيام قضاء مستقل ذي شفافية وفاعلية والفصل بين السلطات ضروريان لحسن سير منظومة ديمقراطية تخدم مواطنيها على أساس سيادة القانون وضمان الحقوق والحريات الأساسية".
وقبل ذلك، أعربت الأمم المتحدة عن القلق إزاء "عدم إحترام السلطات القضائية بتونس"، وقال فرحان حق نائب الناطق الرسمي باسم الأمم المتحدة خلال مؤتمر صحفي "نراقب ما سيحدث على الأرض في تونس، ومن الواضح أن الأمر سيكون مصدر قلق إذا لم يتم إحترام السلطات القضائية من قبل القوى السياسية الأخرى".
من جهتها، حثت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، الرئيس قيس سعيد على "إعادة العمل بمجلس القضاء الأعلى"، واعتبرت في بيان اليوم، أن "حل المجلس الأعلى للقضاء شكل تدهورا بارزا في الإتجاه الخاطئ".
وتعيش تونس حاليا على وقع إجراءات استثنائية أعلنها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو الماضي جمد فيها أعمال البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وأقال رئيس الحكومة إلى جانب إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.
وفي 13 ديسمبر الماضي، أعلن الرئيس التونسي "خارطة طريق" للخروج من الوضع الاستثنائي تضمنت إجراء استفتاء في 25 يوليو 2022 حول مشاريع إصلاحات دستورية، وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في 17 ديسمبر القادم.