القدس / رام الله / غزة 22 مايو 2022 (شينخوا) لاقى قرار محكمة الصلح الإسرائيلية في مدينة القدس اليوم (الأحد) السماح لليهود بالصلاة والاستلقاء على الأرض أثناء زيارة المسجد الأقصى (جبل الهيكل) شرق المدينة المقدسة، رفض وغضب فلسطيني.
وقال بيان صادر عن المحكمة إنه "يُسمح لليهود قراءة نصوص دينية وترديد الصلوات والاستلقاء أرضا ضمن الطقوس في باحات المسجد الأقصى".
وجاء القرار بعد استئناف قدمته منظمة "حوننو" اليمينية التي تتعامل مع القضايا القانونية التي يواجهها الأشخاص على خلفية الوضع الأمني والعام في إسرائيل، ضد اعتقال ثلاثة إسرائيليين استلقوا أرضا وقرأوا نصوصا أثناء زيارتهم للأقصى سابقا.
ووفقا للبيان، ألقت الشرطة القبض على الإسرائيليين الثلاثة الأسبوع الماضي وجلبت أمر إبعاد 15 يوما لهم من البلدة القديمة بعد أن استلقوا وصلوا داخل الحرم القدسي، وكان إدعاء الشرطة في طلب الإبعاد أن سلوكهم قد يؤدي إلى "انتهاك السلم العام".
وفي أعقاب الاستئناف أمر قاضي محكمة الصلح في القدس صهيون سهراي بإلغاء عمليات الإبعاد والشروط التقييدية التي فرصتها الشرطة على اليهود.
وكتب القاضي في قراره إن "الاستلقاء وقراءة النصوص يحملان اشتباها معقولا بأن هذا السلوك قد يؤدي إلى الإخلال بالهدوء على النحو الذي يقتضيه القانون، ومن الصعب التغلب على موقف يكون فيه تلاوة نصوص في الحرم القدسي بمثابة جريمة جنائية لفعل يمكن أن يؤدي إلى الإخلال بالسلام".
من جهته قال المحامي ناتي روم من منظمة حوننو"نحن سعداء جدا بالقرار، حان الوقت لكي تبدأ الشرطة في فرض واعتقال مثيري الشغب والأشخاص الذين يرتكبون جرائم في القدس، وحماية سكان المدينة".
وقال في تصريحات للصحفيين "تعرف شرطة إسرائيل أن هذه ليست جريمة جنائية لذا فهم يحاولون التعامل مع جميع أنواع الانتهاكات المختلفة والغريبة ضد الزائرين للحرم القدسي، نحن سعداء بقرار المحكمة".
وكانت محاكم الاستئناف الإسرائيلية قد ألغت قرارات شبيهة في الماضي، حيث أنه في أكتوبر 2021 سمحت محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس لليهود بأداء صلوات صامتة في الحرم القدسي للمرة الأولى.
وقالت المحكمة في بيان آنذاك إن الصلاة الصامتة بالهمس في الحرم القدسي لا تنتهك تعليمات الشرطة في المكان، ولكن سرعان ما تم إلغاء القرار.
في المقابل لاقى قرار محكمة الصلح الإسرائيلية رفضا وغضبا فلسطينيا رسميا.
واعتبرت الرئاسة الفلسطينية القرار "مساسا خطيرا بالوضع التاريخي القائم في الحرم القدسي الشريف وتحديا سافرا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية".
وحذرت الرئاسة في بيان وزع للصحفيين من خطورة القرار، مطالبة الإدارة الأمريكية بالتدخل العاجل لوقف "الاعتداءات" الإسرائيلية على الفلسطينيين ومقدساتهم.
ودعا البيان الشعب الفلسطيني إلى تحدي هذه "الاعتداءات" والتصدي لها، مؤكدا أن القدس ستبقى العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وسيبقى أهلها بمسيحييه ومسلميه، وبكنائسه ومساجده عنوان الحق والصمود الفلسطيني على أرضه التي لن يتخلى عن ذرة من ترابها الطاهر.
بدوره قال مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش، إن أي محاولة لتغيير الوضع التاريخي في المسجد الأقصى سيقود إلى "حرب دينية تشعل العالم أجمع وتكتوي المجتمعات الإنسانية كافة من نتائجها وتبعاتها".
واعتبر الهباش في بيان تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه قرار المحكمة "خطير يمهد لتنفيذ مخطط المستوطنين المتطرفين الرامي لتغيير الوضع التاريخي في المسجد الأقصى وتنفيذ مؤامرات التقسيم الزماني والمكاني".
وأكد أن المسجد الأقصى بكل مساحته البالغة 144 دونمًا مكان إسلامي خالص ولا حق لغير المسلمين فيه، مشددا على أن الصلاة الوحيدة فيه هي صلاة المسلمين ومناسكهم وعبادتهم، وغير ذلك هو "عدوان وإعلان حرب وجريمة توجب وقفة جادة حقيقية من قبل المسلمين في كل مكان".
وطالب الهباش المجتمع الدولي بلجم "العدوان" الإسرائيلي ضد المسجد الأقصى، داعيا إلى طرد إسرائيل من كافة المؤسسات الحقوقية العالمية والإقليمية لأنها تشكل منظومة قضائية تمارس "الفاشية" ضد الفلسطينيين ومقدساتهم.
من جهتها اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية قرار المحكمة "انقلابا إسرائيليا رسميا على الوضع القائم وتغييره بالكامل، محذرة من "انفجار ساحة الصراع والمنطقة برمتها" في أعقاب ذلك.
وقالت الوزارة في بيان صحفي إن القرار دليل على توفير الحماية القانونية والتغطية لاقتحامات اليهود للمسجد الأقصى، بهدف تكريس تقسيمه الزماني ريثما يتم تقسيمه مكانيا.
وحمل البيان الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن القرار ونتائجه الخطيرة، مؤكدا أن الوزارة ستتابع القضية مع المجتمع الدولي لوقف تنفيذه فورا.
وسبق أن قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ووزير خارجيته يائير لابيد قد صرحا في مناسبات عدة الأسابيع الماضية أن إسرائيل "ستحافظ" على الوضع الراهن في الحرم القدسي.
والوضع الراهن أو ما يعرف باسم "ستاتسكو" هو الوضع الذي ساد في الحرم القدسي الذي تديره الأوقاف الأردنية قبل سيطرة إسرائيل على الجزء الشرقي من مدينة القدس في حرب العام 1967.
ووفقا للوضع الراهن، يتم السماح للمسلمين بالصلاة وزيارة الأقصى معظم أيام الأسبوع، بينما يسمح لليهود زيارة المسجد الأقصى طيلة أيام الأسبوع عدا يومي الجمعة والسبت عبر باب المغاربة على فترتين الصباحية وما بعد الظهر.
وفي الإطار حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من أن قرار محكمة الصلح "لعب بالنار، وتجاوز لكل الخطوط الحمر، وتصعيد خطير يتحمل القادة الإسرائيليين تداعياته التي ستكون وبالا عليهم وعلى حكومتهم والمستوطنين".
وأكدت الحركة في بيان أن كل شبر من المسجد الأقصى حق خالص للمسلمين، ولا سيادة فيه إلا للشعب الفلسطيني، ولن يفلح الاحتلال ومستوطنيه في فرض واقع جديد على أرضه المباركة بالقوّة والإرهاب.
كما اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي على لسان عضو مكتبها السياسي محمد الهندي قرار المحكمة "لإرضاء جمهور اليمين الديني الذي تتسابق جميع الأحزاب لإرضائه في التحضير لحملة انتخابات قريبة للكنيست الإسرائيلي".
وقال الهندي في بيان إن المحاكم الإسرائيلية إحدى أدوات "الاحتلال للاعتداء على الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى وجود تبادل أدوار بين الشرطة الإسرائيلية والمحاكم.
ويأتي القرار وسط تحذيرات فلسطينية من تنظيم مسيرة الأعلام يوم 29 من مايو الجاري فيما تعرف لدى الإسرائيليين باسم يوم "توحيد القدس" والسماح بمرورها من الحي الإسلامي بالبلدة القديمة.
وفي السياق ذاته، اعتبرت اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) مسيرة الأعلام "استفزازا عدوانيا وجزءاً من الحرب الإسرائيلية المفتوحة ضد القدس وتندرج في إطار عمليات تهويد المدينة وتكريس ضمها ومحاولة إلغاء أي مظهر من مظاهر الوجود الفلسطيني فيها".
وحملت اللجنة في بيان عقب اجتماع لها في مدينة رام الله، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية المباشرة عن تبعات هذا القرار التصعيدي ومخاطره على الأوضاع برمتها، داعية الفلسطينيين إلى التصدي لهذه المسيرة ورفع علم فلسطين عاليا.
كما حذر رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في وقت سابق اليوم إسرائيل من عودة التوتر في حال نفذت اقتحامات لباحة المسجد الأقصى أو تنظيم مسيرة الأعلام.
وقال هنية في كلمة عبر الفيديو خلال مؤتمر عقدته حماس في غزة بمناسبة مرور عام على موجة التوتر الأخيرة مع إسرائيل "نتابع التهديدات والتلويحات باقتحام المسجد الأقصى يوم 29 مايو أو تنظيم مسيرة الأعلام التي مزقتها صواريخ المقاومة الفلسطينية قبل عام".
وكانت مسيرة الأعلام أحد الأسباب في اندلاع توتر عسكري بين إسرائيل والفصائل المسلحة في قطاع غزة استمر لمدة 11 يوما وأسفر عن مقتل 260 فلسطينيا و13 إسرائيليا في مايو من العام المنصرم.