روابط ذات العلاقة
تونس 4 أبريل 2023 (شينخوا) رغم مرور 50 عاما، لا يزال شياو تشنغ جينغ يتذكر بوضوح اليوم الذي سافر فيه إلى تونس في أول رحلة له إلى الخارج.
ويتذكر شياو، 84 عاما، تجربة السفر المثيرة على متن طائرة بوينغ بينما يرتدي سماعات الأذن ويستمع إلى موسيقى تعود لعام 1973، قائلا: "كل شيء كان جديدا بالنسبة لي".
وكان شياو، طبيب أمراض الدم المخضرم والذي ينحدر من مقاطعة جيانغشي جنوب شرقي الصين، أحد أعضاء أول فريق طبي صيني يتم إرساله إلى تونس في بادرة حسن نية لتقديم المساعدة الطبية للدولة الواقعة في شمال إفريقيا. وأطلق شياو على نفسه وزملائه لقب "دبلوماسيين يرتدون ملابس بيضاء"، إذ أنهم يساهمون في تعميق التفاهم المتبادل والصداقة بين شعبي البلدين.
بينما وجد هوانغ جيان، طبيب التخدير الصيني وعضو الدفعة الـ27 الحالية من الأطباء الصينيين الذين تم إرسالهم إلى تونس في ديسمبر الماضي، العديد من الأسماء المألوفة عند تصفحه قائمة الفرق السابقة، من بينهم زملاؤه ومدراء مستشفيات متقاعدون وحتى جاره شياو تشنغ جينغ.
وعلى مدار نصف القرن الماضي، أرسلت مقاطعة جيانغشي الصينية ما مجموعه 1153 عاملا طبيا على 27 دفعة إلى تونس، إذ ساهموا في تقديم ما إجماليه 6.1 مليون خدمة لمرضى العيادات الخارجية من التونسيين.
ولا يعمل الأطباء الصينيون فقط في المدن الحضرية، ولكن أيضا في المناطق الريفية والنائية، مما يساهم في تخفيف آلام عشرات الآلاف من التونسيين. وفي الوقت الحالي، هناك نحو 38 عاملا طبيا صينيا يقدمون خدمات العلاج في أربع مدن تونسية، بما في ذلك العاصمة تونس وسيدي بوزيد وقفصة وجندوبة.
وتقول بنغ شي هوا، وهي طبيبة تخدير ضمن الفريق المتواجد في مدينة سيدي بوزيد، إن الانضمام إلى الفريق الطبي الصيني في تونس كان حلما أصبح حقيقة.
وصرحت بنغ لوكالة أنباء ((شينخوا)): "منذ أول يوم لي هنا ، تم إخباري كيف مثل فريق جيانغشي الطبي وطننا الأم في تقديم المساعدة لتونس. لقد تركت هذه القصص أثرا في قلبي".
وقبل مغادرتها إلى تونس، كانت بنغ مستعدة تماما للعمل الصعب الذي ينتظرها. ومع ذلك، كانت لا تزال مندهشة من نقص الموارد الطبية وعبء العمل الثقيل عند وصولها. وبصفتها أخصائية التخدير الوحيدة في مستشفى سيدي بوزيد الإقليمي، تلقت ذات مرة 37 طلبا في صباح يوم واحد لإجراء عمليات جراحية.
وبسبب تفاني بنغ واحترافيتها، فإن الأطباء والممرضات التونسيات في المستشفى يستمتعون بالعمل معها، حيث غالبا ما يجلبون لها أطباق الكسكس، وهو طبق تونسي تقليدي، كتعبير عن الامتنان.
وفي مدينة جندوبة شمال غربي تونس، عاصمة ولاية جندوبة، حافظت هدى دبوسي، أرملة الحاكم السابق للمدينة، على التقليد الخاص بدعوة كل الفرق الطبية الصينية إلى منزلها في السنوات الأربعين الماضية.
وقالت دبوسي: "الجميع في جندوبة يعلم أن مدام هدى صديقة جيدة للشعب الصيني"، مضيفة أنها تأثرت بإصرار الأطباء الصينيين على الوفاء بمسؤولياتهم في مساعدة الشعب التونسي حتى أثناء الاضطرابات في 2011.
وأثناء حفل وداع أقُيم في ديسمبر من العام الماضي للفريق الطبي الصيني الـ26 المنتهية مهمته، أشاد وزير الصحة التونسي علي مرابط بالأطباء الصينيين لتقديمهم مساهمة كبيرة في رعاية صحة التونسيين.
وأشار مرابط إلى أن الأداء المذهل للفريق الطبي الصيني يجسد جوهر الصداقة الصينية التونسية والتعاون الطبي.
وبالنسبة للعديد من التونسيين، أدت صداقتهم مع الأطباء الصينيين على مر السنين إلى استكشاف المزيد عن الثقافة الصينية والشعب الصيني.