الصفحة الرئيسية >> الأعمال والتجارة

تعليق: تعزيز التنويع الاقتصادي وتقوية التعاون الاقتصادي والتجاري مع الصين ينعش الاقتصاد في الشرق الأوسط

وفقًا لتقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر مؤخرًا عن صندوق النقد الدولي (IMF)، يحافظ اقتصاد منطقة الشرق الأوسط على اتجاه نمو، ومن المتوقع أن يبلغ معدل النمو 3.2٪ في عام 2023 وسيرتفع إلى 3.5٪ العام المقبل. قالت كريستالينا جورجيفا العضو المنتدب لصندوق النقد الدولي، إن دول الشرق الأوسط تعمل بنشاط على تعزيز التنويع الاقتصادي، وفتح مساحة أوسع في مجالات مثل جذب الاستثمار، وتشجيع الابتكار، وتطوير التكنولوجيا، وإظهار قدر أكبر من المرونة عندما يواجه النمو الاقتصادي العالمي العديد من الشكوك والإمكانات.

اقتصادات العديد من البلدان تتمتع بزخم نمو قوي

حققت اقتصادات العديد من دول الشرق الأوسط نموًا سريعًا في عام 2022 وسيكون زخم النمو لبعض الصناعات قوياً مع زيادة إنتاج النفط والتعافي المستمر للصناعات الأخرى.

وفقًا لتقرير صادر عن الحكومة السعودية في مارس من هذا العام، حقق الناتج المحلي الإجمالي للبلاد نمو بنسبة 8.7٪ في عام 2022، متجاوزًا تريليون دولار لأول مرة. كما نما قطاع النفط السعودي بنسبة 15.4 في المائة العام الماضي، في حين نما القطاع غير النفطي بنسبة 5.4 في المائة. وبالإضافة إلى ذلك، شهدت مجالات النقل والتخزين والاتصالات والتصنيع وغيرها من المجالات نموًا مرتفعًا نسبيًا.

صرح البنك المركزي لدولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا أن اقتصاد الدولة نما بنسبة 7.6٪ في عام 2022، وهو أعلى مستوى في 11 عامًا. من بينها، وصلت التجارة الخارجية غير النفطية إلى مستوى قياسي بلغ 2.23 تريليون درهم. وقد أدى المعرض الدولي "إكسبو دبي "إلى ضخ قوة دفع في اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أظهرت الأبحاث أن المعرض الدولي "إكسبو دبي " سيستمر في تحقيق عائدات إجمالية قدرها 42.2 مليار دولار لدولة الإمارات العربية المتحدة وخلق ما معدله 35000 فرصة عمل سنويًا قبل عام 2042.

ارتفعت الصادرات غير النفطية لمصر بنسبة 12 في المائة إلى 30.4 مليار دولار في الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي، وفقًا للهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات في مصر. ووفقا لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، يحتمل أن يصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر إلى 4.2٪ في عام 2022. وباعتبارها أحد المصادر الرئيسية للإيرادات المالية واحتياطيات النقد الأجنبي، بلغت إيرادات قناة السويس إلى 8 مليارات دولار أمريكي في عام 2022، وهو رقم قياسي.

كما حققت اقتصادات بعض البلدان الأخرى نموا سريعا بدرجات متفاوتة. في عام 2022، بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي العماني 4.3٪، ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لتركيا 5.6٪. ووصل المؤشر الصناعي الأردني إلى 127.6 في عام 2022، بزيادة قدرها 12.2 عن عام 2021، ويعتبر التوسع في الصادرات الصناعية العامل الدافع الرئيسي.

تحسين بيئة الأعمال لتعزيز التحول الاقتصادي

واجهت العديد من الدول في الشرق الأوسط ضغوطات خفض قيمة عملاتها والتضخم منذ العام الماضي، متأثرة بعوامل مثل التشديد المستمر للسياسة النقدية من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وفي مواجهة التحديات، اعتمدت دول الشرق الأوسط تدابير مختلفة لتعزيز التحول الاقتصادي، وتحسين بيئة الأعمال، وزيادة الجهود لجذب الاستثمار الأجنبي، وتطوير السياحة، والخدمات اللوجستية، والمالية، وغيرها من الصناعات الخدمية بقوة.

أدخلت دولة الإمارات العربية المتحدة سلسلة من السياسات لتعزيز الانفتاح الاقتصادي. على سبيل المثال، يُسمح للمستثمرين الأجانب تأسيس شركات وتملكها بنسبة 100%، ويتم تنفيذ سياسات تأشيرة أكثر مرونة لجذب المزيد من الاستثمار والمواهب.

كما حفزت المملكة العربية السعودية الاقتصاد من خلال سلسلة من التدابير مثل تحسين القوانين واللوائح، وتبسيط عملية الموافقة، وتطوير الاقتصاد الرقمي، وزيادة الاستثمار في البنية التحتية. ومن أجل جذب الاستثمار المحلي والأجنبي، أنشأت الحكومة السعودية وكالة تشجيع الاستثمار، وتسعى جاهدة لزيادة الاستثمار إلى أكثر من 12 تريليون ريال بحلول عام 2030.

أعلنت الحكومة المصرية مؤخرًا أنها تخطط لزيادة نسبة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي بأكمله من 30٪ حاليًا إلى 65٪ بحلول عام 2025، وفي نفس الوقت توافق على خطة حوافز ضريبية جديدة لتشجيع المستثمرين على الاستثمار في الاقتصاد الأخضر والصناعات الناشئة الأخرى.

تعمل الحكومة الأردنية بقوة على تطوير السياحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها من الصناعات. كما تخطط الحكومة لخلق مليون فرصة عمل في غضون 10 سنوات، وتحقيق هدف زيادة الدخل الحقيقي للفرد بنسبة 3٪ سنويا ومضاعفة الناتج المحلي الإجمالي.

كما قامت العديد من دول الشرق الأوسط بزيادة استثماراتها في البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي ومجالات أخرى. وفي عام 2021، وضعت الكويت خطة حوافز ضريبية لشركات التكنولوجيا التي تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي. وأنشأت تركيا مراكز أبحاث البيانات والمختبرات لتشجيع الشركات على استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بنشاط. ويعتقد عصام، المدير الإقليمي للبنك الدولي لدول الخليج، أن الوقت الحالي هو الوقت المناسب لتعزيز استراتيجية النمو الأخضر، ومن خلال تطوير التكنولوجيا الخضراء والعمالة عالية المهارة، ستعمل على تحسين كفاءة الإنتاج وتعزيز النمو الاقتصادي الإقليمي.

توسيع التعاون مع الصين لزيادة زخم التنمية

تعتبر اقتصادات دول الشرق الأوسط والصين متكاملة للغاية، وقد أظهر التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين حيوية ومرونة وإمكانيات قوية. وفي عام 2022، وصل حجم تجارة الصين مع دول الشرق الأوسط إلى 507.152 مليار دولار أمريكي، بزيادة سنوية قدرها 27.1٪، وتحافظ الصين على مكانتها كأكبر شريك تجاري في الشرق الأوسط. من بينها، صدرت واستوردت الصين إلى الشرق الاوسط على التوالي 228.9 مليار دولار أمريكي و278.2 مليار دولار أمريكي، بزيادة سنوية قدرها 16.4٪ و37.6٪ على التوالي، وتم تحسين الهيكل التجاري بين الجانبين بشكل أكبر وأكثر توازناً.

بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين والمملكة العربية السعودية في عام 2022، 116.04 مليار دولار أمريكي، بزيادة سنوية قدرها 32.9٪. وتواصل الصين والمملكة العربية السعودية تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية وغيرها من المجالات. وتعتبر قطر شريكا اقتصاديا وتجاريا مهما للصين في منطقة الخليج العربي. ففي عام 2022، بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين وقطر إلى 26.55 مليار دولار أمريكي، بزيادة سنوية قدرها 54.6٪.

يوفر الدفع عبر الحدود باليوان الصيني راحة أكبر للتجارة والاستثمار بين الصين ودول الشرق الأوسط، ويزيد من تعميق التعاون المالي بين الجانبين. ومنذ وقت ليس ببعيد، أعلن البنك المركزي العراقي أنه سيسمح بتسوية التجارة مع الصين بالرنمينبي. وفي ديسمبر من العام الماضي، أكملت مدينة ايوو الصينية والمملكة العربية السعودية أول أعمال دفع باليوان عبر الحدود.

تلقت مبادرة التنمية العالمية للصين دعما نشطا من 18 دولة في الشرق الأوسط، وانضمت 12 دولة منها إلى "مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية". واستمر تعميق التعاون بين الطرفين في مجالات التكنولوجيا الفائقة مثل 5G والذكاء الاصطناعي والطاقة الجديدة والأقمار الصناعية الفضائية.

قال عجلان بن عبد العزيز، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة لدول مجلس التعاون الخليجي ورئيس الاتحاد السعودي لغرف التجارة والصناعة، إن المزيد من الشركات الصينية زادت من استثماراتها في الشرق الأوسط، مما يعود بالمزيد من فرص التنمية إلى دول بما في ذلك المملكة العربية السعودية. وقال كايل ديبات، أستاذ كلية العلاقات الدولية بجامعة قطر، إنه في سياق التعافي الاقتصادي العالمي البطيء الحالي، تعد الصين محركًا مهمًا للتنمية الاقتصادية العالمية، ولن يفيد تعميق التعاون بين دول الشرق الأوسط والصين كلا الجانبين فحسب، بل سيعود بالنفع على العالم أيضًا.

صور ساخنة