بكين 24 أبريل 2023 (شينخوا) أكد محسن الجزولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية المغربي، على عمق العلاقات المغربية-الصينية في مختلف المجالات، وأهمية الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والتي من شأنها الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين الجانبين، بما يخدم مصالح الشعبين الصديقين، والدول الأفريقية والعالم.
وأضاف الجزولي خلال مقابلة مكتوبة مع مراسل وكالة أنباء "شينخوا" على هامش فعاليات معرض شانغهاي الدولي للسيارات، الذي يُقام هذا العام تحت موضوع "احتضان العصر الجديد لصناعة السيارات"، أن المعرض يعتبر حدثاً رئيساً في قطاع صناعة السيارات، حيث يجمع في كل نسخة منه أكثر من ألف عارض من مختلف بلدان العالم، ما رسخ مكانته كواحد من المعارض الرائدة التي تقدم أحدث التطورات التكنولوجية.
وأشار الجزولي إلى أهمية المعرض الذي يعتبر فرصة هامة للمغرب لتسليط الضوء على التقدم الاستثنائي الذي أحرزه في مجال صناعة السيارات، حيث بات حالياً منتجًا رئيسيًا لسيارات الركاب في أفريقيا، بسعة مركبة تصل لنحو مليون مركبة سنوياً، ومعدل تكامل يبلغ 65 بالمئة، ونظام إيكولوجي يشمل أكثر من 250 مقاولاً فرعياً يعملون في كامل سلسلة القيمة، و9 طرازات من السيارات المصنعة محليا.
وقال الجزولي إن المغرب نجح في أقل من 20 عاماً في بناء نظام إيكولوجي غني ومتنوع للسيارات، بدءًا من نقطة الصفر، ليدخل في مرحلة جديدة من التطور، تتيح العديد من الفرص الجديدة الناشئة، والتي يُمكن أن تعتبر أساساً لتنمية الشركات الصينية، لافتاً في ذات الوقت إلى ما يوفّره المغرب أيضاً من قاعدة هندسية قوية تستقبل أكثر من 24 ألف مهندس وتقني جديد يتخرجون سنوياً ليعملوا في شركات رائدة مثل " بيرتراند" أو "كاب جيميني" أو "ماغنا للهندسة".
وفي معرض حديثه عن الإنجازات التي تم تحقيقها بالفعل في مجال التعاون في صناعة السيارات بين المغرب والصين، والفرص المتاحة أمام الجانبين للارتقاء بها إلى مستويات جديدة، قال الوزير إن المغرب نفّذ في غضون 20 عاما فقط استراتيجيات قطاعية طموحة مكّنت قطاعات كاملة من اقتصاده من الانطلاق، لتنجح البلاد ضمن هذا الإطار الزمني القصير نسبياً في إنشاء أنظمة إيكولوجية صناعية معقدة ومتكاملة، مثل صناعة السيارات والطيران.
ونوّه الجزولي أيضاً بالخطوات العديدة التي اتخذتها الصين لتطوير صناعة السيارات فيها، والتي سجلت تقدماً سريعاً في السنوات الأخيرة، ولا سيما في مجال سيارات الطاقة الجديدة، ما يُفسح المجال واسعاً أمام البلدين لتعزيز تعاون الفوز المشترك الذي يزداد تعمقاً خلال السنوات الأخيرة.
وأشار الوزير إلى قطاع إنتاج بطاريات سيارات الطاقة الجديدة الذي يوفر مجالاً واعداً للتعاون بين المغرب والصين، حيث يمتلك المغرب احتياطيات كبيرة من المعادن، مثل الكوبالت والفوسفات، وهي مكونات أساسية لبطاريات المركبات الكهربائية، بينما تتمتع الشركات الصينية بخبرة واسعة في مجال تصنيع البطاريات، ما من شأنه تأمين الوصول إلى المواد الخام المهمة مع دعم الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون.
ولفت الجزولي إلى الجهود التي قام بها المغرب في العام الماضي لتقليل استهلاك الطاقة باستخدام الطاقة المتجددة، حيث شكلت السعة المركبة لإنتاج السيارات منزوعة الكربون 41 بالمئة، بينما يتمثل الهدف المخطط للعام 2030 بالوصول إلى أكثر من 50 بالمئة.
كما لفت إلى ما يتمتع به المغرب من موارد استثنائية من طاقتي الرياح والشمس، ما يُمكّنه حالياً من إنتاج طاقة خضراء، وفعالة من حيث التكلفة، ومستقرة، بينما يسعى بنشاط إلى تطوير ناقلات طاقة جديدة مثل الهيدروجين الأخضر، ما من شأنه أن يُسهم في ترسيخ مكانته كلاعب رائد في سوق الطاقة الخضراء العالمي.
وأشار الجزولي إلى أهمية إعلان الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والصين في العام 2016، ومذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين حول مبادرة "الحزام والطريق" في عام 2017، الأمر الذي فتح المجال واسعاً أمام البلدين لدخول حقبة جديدة من العلاقات الدبلوماسية، وزيادة التبادلات التجارية بشكل كبير إلى نحو 50 بالمئة، لتصل إلى 6 مليارات دولار أمريكي، بينما وصلت الاستثمارات إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق قبل بضع سنوات.
وأردف الجزولي أن المغرب كان أول بلد في المغرب العربي ومن أوائل الدول الأفريقية التي تنضم إلى مبادرة "الحزام والطريق" التي فتحت فرصًا جديدة للتجارة والاستثمار، ووفرت قوة دفع جديدة لتعاون أعمق يقود إلى مشاريع استراتيجية رفيعة المستوى، لافتاً إلى تنفيذ أكثر من 80 مشروعاً حالياً، من بينها مدينة محمد السادس طنجة - تيك، وهي منطقة صناعية تنافسية ستُعزز مكانة المغرب عالمياً في مجال الصناعات التحويلية.
وأكد الوزير على متانة وقوة العلاقات والشراكة المغربية-الصينية، التي تزخر بالكثير من الإمكانيات والآفاق الواسعة للتنمية والتطوير في القارة الأفريقية لصالح الشعوب والدول والعالم بأسره.
وفي معرض حديثه عما يشهده الوضع الدولي من تحديات جيوسياسية تهدد التجارة، أشار الجزولي إلى فرص الأعمال المزدهرة في المغرب، ولا سيما في مجالات الطاقة، والملاحة الجوية، والسيارات، وعلى نطاق أوسع مجال التنقل، سواء الكهربائي أو الحراري، حيث يمكن لمجال التنقل الكهربائي أن يُشكل حالة عمل قوية للتعاون بين المغرب والصين التي تعتبر رائدة في هذه الصناعة، داعياً الشركات الصينية للاستفادة من الفرص الكبيرة التي يزخر بها السوق المغربي، وبما يخدم مصلحة الجانبين المغربي والصيني.