مقالة خاصة: المتاحف المتنوعة تعزز التنمية المستدامة وتحسن جودة الحياة في الصين

بكين 20 مايو 2023 (شينخوا) خلال عطلة عيد العمال لهذا العام، زار ما هوا لين، طالب في جامعة بكين للتكنولوجيا الكيميائية، سوقا خاصا يعرض منتجات ثقافية من عشرات المتاحف في العاصمة الصينية، بكين.

وفي هذا السياق؛ قال ما هوا لين: "لقد جمعت أختاما من متاحف متعددة اليوم، ويمكن اعتبار كل واحدة منها بصمة ثقافية بالنسبة لي".

ما هوا لين هو مجرد واحد من العديد من السياح المشاركين في هذا السوق الذي يحمل طابع المتحف، والذي يمثل بداية أول شهر لنشاط المتاحف في بكين. وتعد هذه الرحلة التي تستغرق شهرا واحدا من أحدث المبادرات التي اتخذتها المدينة للاحتفال باليوم العالمي للمتاحف، والذي صادف يوم الخميس المنصرم.

وتحت شعار "المتاحف والاستدامة والرفاهية"، سيشهد اليوم العالمي للمتاحف لهذا العام أيضا تنظيم آلاف الأنشطة ذات الصلة للعدد المتزايد من عشاق المتاحف في البلاد.

وأظهرت بيانات من وزارة الثقافة والسياحة أنه في عام 2021، استقبلت المتاحف في جميع أنحاء الصين أكثر من 748.5 مليون زيارة، بزيادة 32.7 في المائة مقارنة بعام 2012.

- الوصول إلى المناطق الريفية

وبالتوازي مع الاندماج في الحياة الثقافية لسكان المدن، تزدهر المتاحف في المناطق الريفية أيضا لتلبية الاحتياجات الثقافية المتزايدة لسكان الريف.

وتشتهر مدينة شاوشينغ، الواقعة في مقاطعة تشجيانغ بشرقي الصين، بكونها مسقط رأس لو شيون، أحد أكبر كتاب القرن الـ20 المرموقين في الصين. وأصبح منزل جدة الكاتب، الواقع في منطقة ريفية محلية، الآن متحفا، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بتجربة غامرة لطفولة هذا الأديب الكبير.

واستنادا إلى الموارد الثقافية الغنية، قامت مدينة شاوشينغ ببناء أكثر من 200 متحف ريفي ذات مواضيع مختلفة مثل التاريخ الثوري والتراث الثقافي غير المادي والعادات المحلية.

وتنتشر مثل هذه الأنواع من المتاحف في تشجيانغ، حيث خططت الحكومة المحلية لبناء ألف متحف ريفي في غضون خمس سنوات بدءا من عام 2021.

ومن جانبه؛ قال يانغ جيان وو، رئيس مديرية التراث الثقافي بالمقاطعة: "يهدف بناء المتاحف الريفية إلى الحفاظ على جذور الثقافة الريفية، وتمكينها من الازدهار في العصر الجديد".

وفي العام الماضي، أصدرت المقاطعة مبادئ توجيهية مفصلة حول بناء المتاحف الريفية لضمان تنميتها على نحو منظم للغاية. وفقا للمبادئ التوجيهية، يتم تشجيع المتاحف الريفية على أن تكون مفتوحة للجمهور مجانا.

- متحف بلا جدران

وبعيدا عن مقاطعة تشجيانغ الساحلية، يقدم متحف سوجيا في مقاطعة قويتشو جنوب غربي الصين إطلالة أخرى للزوار، إذ بوقوعه وسط الجبال، يقدم لمحة بشأن كيف يساعد المتحف في الحماية الثقافية والبيئية.

ونشأ مفهوم المتحف البيئي في فرنسا في سبعينيات القرن الماضي، وهو نوع جديد من المتاحف التي تهدف إلى الجمع بين جهود البشرية في الحفاظ على التراث الثقافي وجهود الحفاظ على البيئة. وفي المتاحف البيئية، يتم الحفاظ على التراث الثقافي في حالته الأصلية بدلا من أن يكون محصورا في متحف تقليدي.

وباعتباره الأول من نوعه في الصين، تم إنشاء متحف سوجيا البيئي في عام 1998 لحماية التراث الطبيعي والثقافي لسلالة تشينغ مياو، وهي فرع خاص لمجموعة مياو الإثنية في الصين، تتميز بارتدائها غطاء رأس على شكل قرن وأزياء تقليدية رائعة.

ويغطي متحف سوجيا البيئي مجتمعا كاملا لسلالة تشينغ مياو مكونا من 12 قرية موزعة على مساحة تزيد عن 120 كيلومترا مربعا، بينما تمثل الأزياء واللغة والموسيقى وحتى طريقة الإنتاج "معارض حية" فيها.

وخلال السنوات 25 الماضية، وإلى جانب حماية الثقافة المحلية من خلال تنمية مواهب ماهرة في صناعة الأزياء ووسائل أخرى، عملت الحكومات المحلية أيضا على تحسين جودة البيئة الإيكولوجية.

وقال لو قانغ، مدير متحف سوجيا البيئي: "بفضل جهود الحكومة في التشجير ووعي الناس المتزايد بحماية البيئة، تمتلئ الجبال المحيطة بالمتحف البيئي بالنباتات المورقة"، مضيفا أن أكثر من 70 ألف سائح من الداخل والخارج يأتون لزيارة المتحف البيئي كل عام.

- نحو الرقمنة

وبالإضافة إلى المتاحف الفعلية، توفر "المتاحف الافتراضية" المدعومة بالتكنولوجيا، توفر للشعب الصيني مزيدا من وسائل الوصول إلى فعاليات الأعياد الثقافية.

وفي منتصف أبريل الماضي، أُطلقت للجمهور منصة رقمية تفاعلية لنسخة افتراضية من الكهف المكتبة في كهوف موقاو، وهو موقع للتراث العالمي لليونسكو في دونهوانغ، بمقاطعة قانسو شمال غربي الصين.

وتعد المنصة "أول متحف تفاعلي في العالم يتجاوز حدود الزمان والمكان"، وفقا لأكاديمية دونهوانغ، لأنها تعيد إنتاج المشاهد التاريخية للكهف المكتبة قبل أكثر من مائة عام في العالم الرقمي من خلال تقنيات الألعاب الالكترونية المتقدمة، حيث يمكن للزوار تجربة تقمص الأدوار و "السفر عبر الزمن" إلى عهود الأسر القديمة، والتفاعل مع ثماني شخصيات تاريخية، والانغماس في ثقافة دونهوانغ.

بدوره؛ قال تسنغ بان، مسؤول في المتحف المحلي لمقاطعة هوبي بوسط الصين: "لقد تمكنت المزيد والمزيد من المتاحف من البقاء مفتوحة عبر الإنترنت"، مضيفا أن هذه المتاحف عبر الإنترنت يمكن أن تعرض للزوار معلومات متعددة الأبعاد من خلال وسائل جديدة، مما يمكنهم من الحصول على فهم أفضل للخلفية التاريخية والقيمة الفنية للآثار الثقافية.