أول نوفمبر 2024/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ أعلنت المملكة العربية السعودية مؤخرًا عن إنشاء المنطقة الاقتصادية السعودية الصينية الخاصة في المنتدى اللوجستي العالمي، ومن المتوقع أن يبدأ البناء في عام 2025، مع التركيز على تطوير التصنيع واللوجستيات والصناعات التجارية.
وكتب لان تشينغ شين، مدير وأستاذ مركز أبحاث البريكس في جامعة الاقتصاد والتجارة الدولية (UIBE)، وتيان قنغ، طالبة دكتوراه في كلية الاقتصاد والتجارة الدولية، بجامعة الاقتصاد والتجارة الدولية (UIBE)، مقالاً تحليلياً في صحيفة غلوبال تايمز مؤخراً، أشارا فيه الى أن المنطقة الاقتصادية السعودية الصينية الخاصة ستقع داخل مطار الملك سلمان الدولي وستغطي ثلاثة مجالات وظيفية رئيسية: الأول، المنطقة اللوجستية والصناعية الخفيفة، والتي تهدف إلى تعزيز إنشاء وتحسين سلسلة التوريد المحلية في المملكة العربية السعودية وتعزيز قدرة الإنتاج الصناعي المحلي. الثاني، مجمع الأعمال الدولي، الذي يلتزم بتوفير خدمات متكاملة للمؤسسات المستقرة، وتبسيط عملية استقرار المؤسسات، وخفض تكاليف التشغيل، وتوفير الراحة التجارية. الثالث، منطقة دعم المعيشة، والتي توفر بشكل أساسي مرافق وخدمات المعيشة لموظفي الشركات المستقرة في المنطقة وعائلاتهم. وفي المستقبل، ستوفر المنطقة الاقتصادية الخاصة بين المملكة العربية السعودية والصين المزيد من الإمكانيات للبلدين لتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري، وتحقيق احتياجات كل دولة واستكمال مزايا كل منهما.
تعد الصين والمملكة العربية السعودية شريكين تجاريين مهمين لبعضهما البعض، وهو أساس مهم لإنشاء مناطق اقتصادية خاصة. ومنذ عام 2013، ظلت الصين أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية، واستمر الاعتماد التجاري بين الجانبين في الزيادة، ووصل حجم التجارة الثنائية بين الصين والمملكة العربية السعودية إلى 107.23 مليار دولار أمريكي في عام 2023، من بينها، بلغت صادرات الصين إلى المملكة العربية السعودية 42.86 مليار دولار أمريكي، وبلغت الواردات 64.37 مليار دولار أمريكي. كما تجاوز حجم التجارة بين الجانبين 50 مليار دولار أمريكي في النصف الأول من عام 2024.
ولفترة طويلة، كان النفط الخام يشكل "الجزء الأكبر" من صادرات المملكة العربية السعودية إلى الصين. وفي الوقت نفسه، تتمتع المملكة العربية السعودية أيضًا بطلب قوي على المنتجات الميكانيكية والكهربائية الصينية، ومعدات النقل، والمعادن ومنتجاتها. وتوسع حجم التجارة بين الصين والمملكة العربية السعودية بشكل مطرد خلال العقد الماضي، مما أرسى أساسًا متينًا لإنشاء منطقة اقتصادية خاصة بين المملكة العربية السعودية والصين. كما سيوفر إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة بيئة تشغيل أكثر ملاءمة وحرية للشركات الصينية لدخول السوق السعودية، وتحسين كفاءة التجارة. لذلك، فإن إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة السعودية الصينية يتماشى مع مسارات التنمية لكلا الطرفين وسيعزز بشكل فعال التنمية عالية الجودة للتجارة بين الصين والمملكة العربية السعودية.
إن تسريع التحول المتنوع للاقتصاد السعودي والتطور المتسارع للقوى الإنتاجية الجديدة في الصين هما القوى الدافعة الرئيسية لإنشاء المناطق الاقتصادية الخاصة. ومن أجل التخلص من اعتمادها الكبير على النفط، قامت المملكة العربية السعودية بنشاط بإعادة الهيكلة الصناعية في السنوات الأخيرة، مع التركيز على تطوير الاقتصاد الرقمي والطاقة الخضراء والبنية التحتية والتصنيع. وفي هذه المجالات، أحرزت الصين تقدمًا في التقنيات الرئيسية مثل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والاتصالات الكمومية من خلال التخطيط الاستشرافي للصناعات المتقدمة والصناعات المستقبلية، وتحتل الصين مكانة مهمة في العالم في مجال الطاقة الخضراء والمنتجات الكهروضوئية والمركبات الكهربائية وغيرها من السلاسل الصناعية، جنبًا إلى جنب مع موارد الطاقة المتجددة الغنية في المملكة العربية السعودية، مثل الضوء والمد والجزر، تكمل سوق المحيط الأزرق الرقمي، مما يخلق ظروفًا مواتية للتعاون المشترك في سلسلة التوريد الرقمية الخضراء. بالإضافة إلى ذلك، عززت الصين بقوة التحول الرقمي للصناعات التحويلية التقليدية وعززت التعاون الاستثماري بين الشركات الصينية والسعودية من خلال إنشاء مناطق اقتصادية خاصة، والتي لا يمكنها تقليل تكاليف الإنتاج للشركات الصينية وتحسين قدرتها التنافسية الدولية فحسب، ولكن أيضًا تعزيز التطوير المتسارع للصناعة التحويلية في المملكة العربية السعودية وتحسين مستوى التصنيع فيها وتحقيق المنفعة المتبادلة والتعاون المربح للجانبين.
وتتوافق "رؤية 2030" السعودية بشكل كبير مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، ما يمثل الدعم المفاهيمي لإنشاء مناطق اقتصادية خاصة. أولاً، عززت المشاركة في البناء المشترك لـ "الحزام والطريق" بشكل فعال دور المملكة العربية السعودية كقوة إقليمية. وانطلاقا من البناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق"، التزمت الصين والمملكة العربية السعودية بالتعددية، وعززتا التعاون في الشؤون الدولية والإقليمية، وحققتا العديد من النتائج، وأصبحتا قوة مهمة في نظام الحوكمة العالمية. ثانياً، أعطى البناء المشترك لـ "الحزام والطريق" المملكة العربية السعودية اتجاهاً كقوة استثمارية. وتتمتع المملكة العربية السعودية بقدرات استثمارية قوية، ولا يجعل البناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق" التجارة والاستثمار الأكثر سلاسة بين الصين والمملكة العربية السعودية فحسب، بل يساعد المملكة العربية السعودية أيضًا على أن تصبح نقطة أساسية في القسم الغربي من "الحزام والطريق"، مما يعزز دور المملكة العربية السعودية في التعاون بين الصين ودول الخليج. وأخيرا، يمكن للبناء المشترك لـ "الحزام والطريق" أن يضيف الوقود إلى جهود المملكة العربية السعودية لتصبح مركزا عالميا يربط التبادلات الاقتصادية والتجارية بين آسيا وإفريقيا وأوروبا. وإن تخطيط البنية التحتية المتكامل بين "الأرض والبحر والسماء والشبكة" الذي تم تشكيله من خلال البناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق" سيعزز بشكل فعال تحقيق مفهوم المملكة العربية السعودية لتصبح ركيزة للاتصال. لذلك، فإن "رؤية المملكة العربية السعودية 2030" تتفق إلى حد كبير مع مبادرة "الحزام والطريق" في الصين، مما يوفر دعما مفاهيميا قويا للتنمية المستدامة المستقبلية للمنطقة الاقتصادية السعودية الصينية الخاصة.
وعلى وجه التحديد، سيكون للمنطقة الاقتصادية السعودية الصينية الخاصة ثلاثة تأثيرات رئيسية مباشرة على الشركات في كلا البلدين: ـ
أولاً، تشكيل تأثير التكتل الصناعي وتعزيز تحسين سلاسل الصناعة والتوريد
سيؤدي إنشاء المنطقة الاقتصادية السعودية الصينية الخاصة إلى تعزيز تنفيذ مختلف الصناعات العنقودية، حيث ستجتمع هنا المؤسسات في جميع جوانب شراء المواد الخام وإنتاجها ومعالجتها والمبيعات والصادرات، وتحسين قدرات التطوير المنسقة للسلاسل الصناعية وسلاسل التوريد الأولية والنهائية. وستكون الشركات الصينية في المملكة العربية السعودية قادرة على إنشاء قواعد إنتاج في مناطق اقتصادية خاصة، وخفض تكاليف الإنتاج من خلال دمج الموارد الطبيعية المحلية، والاستفادة من مزايا النقل المحلي لتحسين كفاءة النقل وجعل حركة سلسلة التوريد الإقليمية أكثر مرونة.
ثانياً، تعزيز القدرة التنافسية لمنتجات الصناعة الناشئة في السوق الدولية
بعد إنشاء المنطقة الاقتصادية السعودية الصينية الخاصة، ستتمكن المنتجات الصينية من دخول السوق السعودية بتكلفة أقل، وبالتالي تكوين مزايا نسبية في الجودة والسعر والخدمة. وفي الوقت نفسه، وبالنظر إلى أن الصناعات في الصين والمملكة العربية السعودية متكاملة إلى حد كبير، فإن نموذج أعمال "الإنتاج المحلي والمبيعات المحلية" للشركات الصينية في المملكة العربية السعودية سيساعد على الاندماج المنتجات بعمق في السوق السعودية، وتعزيز الاعتراف بالعلامة التجارية، سيكون مفيدًا لتشغيل الشركات على المدى الطويل.
ثالثاً، القيام بدور رائد في التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ودول غرب آسيا وأوروبا الشرقية وأفريقيا
تقع المملكة العربية السعودية على الممر الاقتصادي بين الصين وآسيا الوسطى وغرب آسيا، وهي نقطة مهمة في البناء المشترك لبنية اتصالات "الحزام والطريق". وسيؤدي إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة بين المملكة العربية السعودية والصين إلى بناء جسر اتصال جديد للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ودول أخرى في آسيا وإفريقيا وأوروبا، وسيلعب دورًا مهمًا في تعزيز التنمية الشاملة عالية الجودة لمبادرة الحزام والطريق.