هونغ كونغ 15 نوفمبر 2024 (شينخوا) في الوقت الذي يستعد فيه القادة للاجتماع في العاصمة البيروفية ليما لحضور الاجتماع الـ31 لقادة اقتصادات منتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، ثمة سؤال يلوح بشدة في الأفق وهو: كيف يمكن لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ الحفاظ على استمرارية تطورها في عالم تسوده حالة من عدم اليقين؟
إن منطقة آسيا والمحيط الهادئ تشكل منذ عقود من الزمان قوة اقتصادية تدفع النمو من خلال تحرير التجارة والاستثمار، وتيسير الأعمال التجارية، والتعاون الاقتصادي والتقني.
كما أن "معجزة آسيا والمحيط الهادئ" لم تتحقق بسهولة. فقد تشكلت في بيئة من السلام والشمول والتعاون بين مختلف الاقتصادات، التي التزم كل منها بالرخاء المشترك.
لكن العالم اليوم يبدو مختلفا. فالتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، والمقترنة بالاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن الإجراءات الحمائية التي تتخذها الولايات المتحدة ومحاولات القيام بما يسمى "فك الارتباط" و"إزالة المخاطر"، تفرض ضغوطا غير مسبوقة على استقرار المنطقة وازدهارها.
والآن يقف منتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) أمام قرار مصيري: إما التمسك بدوره كمنارة للنمو الاقتصادي التعاوني أو المخاطرة بالتحول إلى ساحة للصراعات الجيوسياسية أو حتى ساحة لـ"حرب باردة جديدة".
إن منطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي تضم ثلث سكان العالم وأكثر من 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وما يقرب من نصف إجمالي التجارة العالمية، لا يمكنها تحمل الانقسام. ويجب أن تواصل أداء دورها كعامل استقرار ومحفز للاقتصاد العالمي.
وعند التأمل في إنجازاتها، يتبين أن نجاح المنطقة يعتمد على وجود بيئة سلمية ومستقرة، وعلى التزام مشترك بالانفتاح والتكامل.
وكان هذا الأساس من الاستقرار سببا في تهيئة ظروف مواتية للنمو الاقتصادي السريع. ومن خلال الجهود المتضافرة التي بُذلت للحفاظ على السلام والاستقرار، تمكن الأعضاء الإقليميون من التركيز على أولويات مثل تحسين مستويات المعيشة وخلق فرص العمل والحد من الفقر، وهو ما أدى بدوره إلى تنشئة اقتصادات أقوى ومجتمعات أكثر قدرة على الصمود.
ومن خلال احترام الاختلافات، واحتضان التنوع، والسعي لتحقيق الأهداف المشتركة، أثبت أعضاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ أن الوحدة والتعاون أمران حاسمان في التصدي للتحديات المشتركة.
وقد ساهم التزام المنطقة بتعزيز التجارة والاستثمار والتعاون التكنولوجي عبر الحدود في خلق بيئة دينامية تستطيع الاقتصادات في ظلها أن تزدهر معا. وهذا الانفتاح على التكامل قد مكّن الأعضاء من الاستفادة من مواطن القوة لدى بعضهم البعض وتحقيق نتائج مربحة للجميع.
كما حافظت المنطقة على حسّ مجتمعي قوي. وتعتبر الإنجازات التي حققتها في الماضي شاهداً على الجهود المشتركة التي بذلها جميع أصحاب المصلحة وبُنيت على أساس من الثقة المتبادلة والشمول والتعاون والمنفعة المتبادلة. وإذا كان لنا أن نسترشد بالتاريخ، فإن التعاون الاقتصادي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لم يكن قط لعبة صفرية، بل كان منصة لتحقيق النجاح المتبادل والتنمية المشتركة.
إن الطريق إلى الأمام مليء بالتحديات. وبينما يجتمع قادة أبيك في بيرو، يتعين عليهم تجديد التزامهم ببناء منطقة متكاملة ومنفتحة تعطي الأولوية للتعاون وليس المواجهة.