الخرطوم أول ديسمبر 2024 (شينخوا) في المناطق المتأثرة بالصراع، ولاسيما العاصمة السودانية الخرطوم، تحولت عشرات المدارس إلى التعليم عن بعد والمنصات الرقمية كوسيلة لإعادة الطلاب إلى أجواء الدراسة.
ومع اقتراب موعد امتحانات شهادة الثانوية السودانية، والتي لم يتم تنظيمها منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023، بدأت غالبية مدارس ولاية الخرطوم، وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بإنشاء منصات تعليمية رقمية لتوفير المواد التعليمية لجميع الفئات.
وأنشأت وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم منصة لتسجيل الطلاب الممتحنين لشهادة الثانوية السودانية والمقررة في 28 ديسمبر الجاري.
وقال مدير شؤون الطلاب والامتحانات والمدارس بوزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم عماد أدم سبيل " قامت الوزارة بإنشاء منصة إلكترونية للتواصل مع الطلاب للتسجيل لامتحانات شهادة الثانوية السودانية ".
وأضاف في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم (الأحد) " تمكنا من استلام بيانات الطلاب الذين يتواجدون في مناطق النزاع بالولاية ولا يستطيعون الوصول إلى مقر الوزارة".
وأشاد سبيل باتجاه المدارس نحو التعليم الإلكتروني، وقال " نحن نشجع هذه المبادرات باعتبارها تتيح فرصة للطلاب للعودة إلى أجواء الدراسة رغم ظروف الحرب".
وأضاف " لقد تم تدمير البنية التحتية للتعليم بولاية الخرطوم، وتعرضت مئات المدارس للتخريب أو تم اتخاذها ثكنات عسكرية، ولا يمكن في الوضع الراهن إعادة الطلاب إلى الدراسة المباشرة وخاصة في مناطق الصراع".
ويعتبر نظام (Ip School) أحد أهم نظم التعليم الإلكتروني المستحدثة بالسودان، والتي تعمل بها الآن مئات المدارس بالعاصمة السودانية الخرطوم.
وقال المدير الإداري لمنظومة "سوفت اكشن" لتقنية المعلومات والاتصالات المشرفة على النظام ماجد إبراهيم حاكم " هذا نظام رائد يعتمد على النظم الإلكترونية والتحول الرقمي لتحقيق جودة التعليم كهدف أساسي من أهداف التنمية المستدامة".
وأضاف حاكم لـ ((شينخوا)) أن " نظام Ip school، هو نظام لحل مشاكل التعليم في السودان، وهو يعمل الأن بولاية الخرطوم، ويهدف النظام لمساعدة الولاية علي تجميع كل المعلومات المختصة بالعملية التعليمية في مكان واحد".
وأشار إلى أن " تفعيل التعليم الإلكتروني أو التعليم عن بعد هو أحد الحلول الواقعية التي يمكن الاستفادة منها في ظل ظروف الحرب الحالية".
ويرتكز النظام على قاعدة بيانات ضخمة، توفرها بيانات قاعدية من المدارس، وخطط واستراتيجيات توفرها الجهات الرسمية المختصة بالعملية التعليمية، وفقا لحاكم.
وأوضح حاكم أن النظام يشمل كل المراحل التعليمية بالسودان، ابتداء من التعليم قبل المدرسي ومرورا بالتعليم الأساس والمتوسط وانتهاء بالتعليم العالي، كما يتضمن كل أنماط التعليم، مثل التعليم الديني، وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة وتعليم الكبار.
وأشار إلى أن النظام يعتمد بالأساس علي تطبيق هاتفي يستخدم منهج الدراسة عن بعد من خلال نظام تفاعلي، كما يتضمن التطبيق الهاتفي مناهج وامتحانات وأوراق عمل، ويوفر التطبيق معلومات مهمة تتعلق بالطلاب.
ورغم أهمية تجربة التعليم الإلكتروني، يشير أساتذة وطلاب إلى وجود تحديات وعقبات في ظل الوضع الحالي، منها تدمير البنية التحتية وشبكات الاتصال خلال الحرب، والانقطاع المتكرر للكهرباء، وعدم قدرة الأسر علي توفير أجهزة حاسوب أو هواتف ذات إمكانيات عالية.
وقال أستاذ مادة الفيزياء بمنصة صدي التعليمية محمد خيري محمد فقير إن التعليم عن بعد يوفر امكانيات في ظل الحرب، وهو بديل معقول، لكنه أشار إلى تحديات تواجه التجربة.
وأضاف أن " هناك طلاب نازحون، وآخرون في دول أخري، وفي ظل هذا الوضع فإن التعليم عن بعد خيار جيد، غير أن عقبات يمكن أن تؤثر على هذه التجربة، مثل عدم توفر الإنترنت والكهرباء".
فيما قال عضو مجلس إدارة مدارس الفتح الخاصة بالخرطوم أيمن حسن محمدين " إن مشكلات الإنترنت والكهرباء تؤثر على نجاح تجربة التعليم الإلكتروني".
وأضاف أننا " لاحظنا الكثير من الطلاب لديهم الرغبة في الانضمام إلى المنصات الإلكترونية، لكن عدم استقرار التيار الكهربائي و ضعف الإنترنت يحرم كثير منهم من التواصل".
وتخشى الطالبة ابتسام عوض (17 عاما) من عدم تمكنها في التأقلم مع طريقة الدراسة عن بعد، والتي تعد واحدة من آلاف الطلاب الذين كانوا يستعدون لامتحانات شهادة الثانوية السودانية في مايو 2023، ولكن اندلاع الحرب في 15 أبريل من ذات العام أضاع عليها نحو 18 شهرا.
وقالت ابتسام " أقيم في منطقة الأندلس بجنوب الخرطوم، وهي ما تزال إحدي مناطق الصراع، ولا توجد مدرسة تعمل في هذه المنطقة، وقمت بالتسجيل لامتحان الشهادة عبر منصة وزارة التربية والتعليم، وأدرس عن طريق منصة تعليمية إلكترونية".
وأضافت " أعاني بسبب عدم توفر الإنترنت، وفي مواعيد الحصص الدراسية أذهب بهاتفي لأحد محلات الإنترنت، وفي مرات لا أجد وسيلة لشحن هاتفي بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء، أخشى أن يتدني تحصيلي الأكاديمي وأن لا أحقق نتيجة جيدة في إمتحان الشهادة".
ووفقا لأحدث إحصائية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، فإن الحرب المستمرة في السودان حرمت نحو 17 مليون طفل من الالتحاق بالمدارس.
ووفقا للإحصائية الصادرة في 21 نوفمبر الماضي، فقد ظل نحو 17 مليونا خارج المدارس، بينهم عالقون في مناطق القتال أو في مناطق توقفت فيها العملية التعليمية، وآخرون اضطروا للفرار داخليا أو خارجيا مع أسرهم، ولم يتمكن سوى نحو 750 ألف منهم من الالتحاق بالمدارس.
ومن المقرر أن يجلس نحو 900 ألف طالب وطالبة لامتحان شهادة الثانوية السودانية المقررة، وستنظم الامتحانات في مراكز داخل وخارج السودان، وفقا لمنشور صادر عن وزارة التربية والتعليم بالسودان.
ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلفت 27120 قتيلا وفقا لموقع (ACLED)، وهي منظمة غير حكومية متخصصة في جمع بيانات النزاعات المفصلة.
ووفقا لمنظمة الهجرة الدولية فإن عدد النازحين واللاجئين في السودان بلغ أكثر من 14 مليون شخص.