جذبت الأخبار المتداولة اهتمامًا واسعًا عالميا، والتي تفيد بأنه تم تطويق صحراء تاكليماكان في الصين، بالحواجز البيئية طولها أكثر من 3000 كيلومتر. ويعتقد الرأي العام الدولي أن هذا المشروع الأكبر للتشجير في العالم لن يساعد في منع التصحر فحسب، وإنما سيقدم أيضاً مساهمة مهمة في زيادة التغطية الحرجية العالمية وهي سور الصين العظيم الأخضر لمواجهة تحديات تغير المناخ العالمي.
تعد صحراء تاكليماكان أكبر صحراء في الصين وثاني أكبر صحراء متنقلة في العالم. ويعد إنجاز الحاجز البيئي المحيط بصحراء تاكليماكان مثالا حيا لتعزيز الصين لمنع التصحر ومكافحته. وبعد أكثر من 40 عاما من الجهود المتواصلة، شرعت الصين بنجاح في السير على طريق منع التصحر ذي الخصائص الصينية، ودخلت حماية البيئة وتحسين معيشة الشعب في دورة حميدة، وأصبحت نموذجا دوليا لمنع التصحر ومكافحته. وحتى الآن، تمت السيطرة بشكل فعال على 53% من الأراضي المتصحرة في الصين، وتقليص مساحة الأراضي المتصحرة بمقدار 65 مليون مو (حوالي 43 ألف كم)، وتعد الصين أول دولة في العالم تحقق "النمو الصفري" لتدهور الأراضي و"الحد المزدوج" من التصحر والأراضي المتصحرة. وأنشأت منطقة سيهانبا في مقاطعة خبي أكبر الغابات الاصطناعية في العالم، وحققت ماووسو في نينغشيا أكبر تحولات بيئية في العالم، وشرعت كوبوتشي في منغوليا الداخلية في مسار جديد لمكافحة التصحر الصناعي. وقد منحت أمانة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (المشار إليها فيما يلي باسم "الاتفاقية") الصين مرتين "جائزة المساهمة المتميزة في مكافحة التصحر"، حيث ترى أن "منع التصحر ومكافحته في العالم يعتمد على الصين".
إن الإجراءات التي اتخذتها الصين لتعزيز مكافحة التصحر وتعزيز التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة قد أثارت إعجاب العالم بأسره. وقد أنشأ المؤتمر الـ16 لأطراف الاتفاقية، الذي عقد في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، جناحا صينيا خصيصا، ولأول مرة، عرضت الصين جهودها في الخارج عما حققتها لمنع التصحر والسيطرة عليه وبرنامج "غابات الملاجئ الثلاثة الشمالية". وقال أندريا ميزا موريلو، نائب الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر: "لقد صدمت بشدة عندما رأيت صور جهود الشعب الصيني في مكافحة التصحر معروضة في الجناح الصيني، وهذا يعكس القيادة المتميزة للصين في مكافحة التصحر." مضيفا، إن القيادة القوية، وصنع القرار الفعال، والمشاركة الواسعة للحكومات المحلية والمجتمع بأكمله، وتكامل الأساليب التقليدية والتكنولوجيات المبتكرة، ساهمت في النجاح الكبير الذي حققته الصين في مكافحة التصحر.
تعد إنجازات منع التصحر ومكافحته مثالا على تقدم الصين على طريق بناء الحضارة الإيكولوجية. ومنذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، عززت الصين الحماية الإيكولوجية والبيئية في جميع الجوانب والمناطق والعمليات، وحققت تحولا كبيرا من التصحيح الأساسي إلى الإدارة الشاملة، ومن الاستجابة السلبية إلى العمل الاستباقي، ومن الحوكمة البيئية العالمية مشارك إلى القائد، ومن الاستكشاف العملي إلى تحول كبير في توجيه النظريات العلمية. وحافظ معدل التغطية الحرجية وحجم الغابات في الصين على "نمو مضاعف" لمدة 40 عاما متتالية، وهي الدولة التي تتمتع بأكبر نمو في موارد الغابات وأكبر مساحة غابات صناعية في العالم، وتساهم بربع المساحة الخضراء الجديدة في العالم. ويعتقد جون كوب، زميل في الأكاديمية الأمريكية للعلوم الإنسانية، أن الصين شرعت في السير على طريق التنمية الخضراء عالية الجودة، "ستجلب ضوء الأمل لبناء حضارة إيكولوجية عالمية".
اتخذت الصين إجراءات حازمة وقوية لدعم مكافحة التصحر العالمي، تتمثل في تعزيز إنشاء لجنة استعراض الامتثال بموجب الاتفاقية وصياغة إطار استراتيجي وأهداف التنفيذ، وإنشاء مكتب تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في الصين وصياغة خطة عمل وطنية للتنفيذ، وتعزيز إنشاء آليات إقليمية لتنفيذ المعاهدات وتعزيز التعاون الإقليمي في تنفيذ المعاهدات، وعقد المؤتمر الـ13 لأطراف الاتفاقية بنجاح وتطوير آلية تعاون "الحزام والطريق" لمكافحة التصحر، كما تم عقد تسعة منتديات دولية متتالية لصحراء كوبوتشي لتعزيز الحوار والتبادلات بشأن السياسات الدولية. ومنذ ثلاثين عامًا من توقيع الاتفاقية، تشارك الصين بنشاط في مكافحة التصحر العالمي، كما تقاسمت بنشاط التكنولوجيا والخبرة في مجال منع التصحر ومكافحته مع البلدان النامية الأخرى لمساعدة بلدان الجنوب العالمي على تحقيق التنمية الخضراء، وتعاونت مع أمانة الاتفاقية لإنشاء المركز الدولي للتدريب لمنع التصحر ومكافحته والمركز الدولي لإدارة المعرفة لمنع التصحر ومكافحته، ومن خلال تنظيم التدريب الدولي وإنشاء قواعد تجريبية لمكافحة التصحر، تدرب ما يقرب من مائة من الكوادر الأساسية لمكافحة التصحر في البلدان النامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية كل عام. والتواصل بشكل فعال مع مبادرات "الجدار الأخضر الكبير لأفريقيا" و"الشرق الأوسط الأخضر" من خلال آليات مثل منتدى التعاون الصيني ـ الأفريقي، ومنتدى التعاون الصيني ـ العربي، وتم إنشاء المركز الصيني ـ العربي الدولي لأبحاث الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي. وتوفر الخبرة والتكنولوجيا القادمة من الصين مرجعا مفيدا للبلدان لتعزيز منع التصحر ومكافحته.
إن منع التصحر ومكافحته قضية عظيمة تتعلق بالتنمية المستدامة للبشرية. والصين مصرة على أن تكون مشاركا ورائدا في مكافحة التصحر العالمي، وتتعاون مع جميع الأطراف لبناء الحضارة البيئية، وتعزيز التنمية المستدامة، وبناء عالم نظيف وجميل.