بقلم: أحمد ردمان الشميري، صحفي يمني
يعتبر الحوار الحضاري أحد الأعمدة الأساسية في بناء العلاقات بين الأمم والشعوب عبر العصور، وساهمت التبادلات الثقافية في تعزيز الفهم المتبادل وتكوين روابط تسهم في السلام والاستقرار. في هذا السياق، تضع المملكة العربية السعودية الثقافة في مقدمة أولوياتها ضمن رؤية 2030، حيث تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية والارتقاء بالمجتمع من خلال الثقافة والفنون. وكذلك، تعي الصين أهمية الثقافة والتبادلات الثقافية بمختلف أطيافها في سياق مبادرة الحزام والطريق، وتعزز مفهومها من خلال مبادرة الحضارات العالمية وغيرها لتعزيز التبادل الفكري والثقافي بين الشعوب.
في سبتمبر2024 اعتمدت الرياض وبكين العام 2025 عامًا ثقافيًا سعوديًا صينيًا، ما يعكس الالتزام المشترك بين البلدين في تعميق العلاقات الثقافية وتعزيز التفاهم بين شعبيهما. سبق هذه الخطوة خطوات ثقافية سعودية صينية مشتركة تعكس عمق العلاقات بين البلدين التي تطور بشكل متسارع على كافة المستويات ونذكر هنا أمثلة بسيطة لهذه الخطوات خلال العام 2024 كمعرض "العلا: واحة العجائب في الجزيرة العربية" الذي سلط الضوء على التراث الثقافي والطبيعي السعودي، و"ليالي الفيلم السعودي" التي جابت مدنًا صينية متعددة، كما أُقيمت فعالية "الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية" بمشاركة بارزة من حرفيين صينيين، بالإضافة إلى مسابقة "جسر اللغة الصينية" التي شهدت إقبالًا كبيرًا من طلاب الجامعات السعودية ، كما أعلنت السعودية مؤخراً عن جائزة محمد بن سلمان للتعاون الثقافي السعودي الصيني والتي تعتبر جائزة ثقافية كبرى تهدف إلى دعم التقارب الثقافي والحضاري بين البلدين وغيرها العديد من الفعاليات والأنشطة التي تعكس حرص السعودية والصين على تعميق العلاقات ثقافياً لتكتب تاريخاً ملهماً للأجيال القادمة.
يتطلع الشارع الثقافي العربي والصيني إلى جملة من الأنشطة والفعاليات الثقافية المبهرة والفريدة المنتظرة خلال العام الثقافي2025، بدءًا من الاحتفاء بالحرف اليدوية التقليدية وتعزيز الفنون الإبداعية، وصولًا إلى إقامة معارض امتداد الأزياء التقليدية وتنظيم فعاليات رياضية وسياحية مشتركة تعزز الروابط بين الشعبين. في مجالات السينما والفنون، من المتوقع أن تُقام مهرجانات لعرض أفلام صينية وسعودية وربما يصل إلى الإنتاج المشترك للسينما والمسرح العربي الصيني لتوسيع دائرة الفهم الثقافي. علاوة على ذلك، إقامة المعارض الثقافية التي تُبرز أعمال فنانين ورسامين من كلا البلدين، مع اهتمام خاص بالخط العربي والرموز الصينية والتراث الثقافي والادبي العربي والإسلامي والصيني في كلا البلدين، ويبقى المهتمون بانتظار العديد من الكرنفالات الثقافية المبهرة التي تفوق التوقعات في هذا العام لأن البلدين لهما تاريخهما في إبهار العالم.
يظل العام 2025 موعدًا استثنائيًا يُنتظر أن يُحدث تأثيرًا كبيرًا في تعزيز الثقافة العربية التي تُجسدها المملكة لدى الجمهور الصيني، مع تعزيز القيم الثقافية الصينية في العالم العربي، ويؤسس لمرحلة جديدة من الحوار الحضاري بين الصين والعالم العربي.
إن هذه المبادرة الثقافية تمثل مصدر إلهام للشعبين وتؤكد على دور الثقافة في تعزيز العلاقات الدولية وتبادل الأفكار وابتكارها بشكل إيجابي وبنّاء.