الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

تحليل إخباري: اتفاق غزة يواجه تحديات سياسية وميدانية تضفي شكوكا على فرص تنفيذه

/مصدر: شينخوا/   2025:01:17.10:54

عواصم عربية 16 يناير 2025 (شينخوا) يواجه اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تحديات سياسية وميدانية تضفي شكوكا على فرص تنفيذه في ظل التصعيد العسكري المستمر في القطاع، وتبادل إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الاتهامات بشأن نوايا تطبيق الاتفاق، بحسب محللين عرب وإسرائيليين.

وأعلنت مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية في بيان مشترك مساء أمس (الأربعاء) توصل حماس وإسرائيل إلى اتفاق لتبادل الأسرى والمحتجزين والعودة إلى الهدوء المستدام، بما يحقق وقفا دائما لإطلاق النار بين الطرفين.

ووفق البيان، من المتوقع أن يبدأ سريان الاتفاق اعتبارا من يوم 19 يناير الجاري.

ومع ذلك، قتل 77 فلسطينيا، بينهم 21 طفلا و25 سيدة، وأصيب 250 آخرون في غارات إسرائيلية طالت منازل سكنية مكتظة بغزة منذ الإعلان عن الاتفاق، وفقا لجهاز الدفاع المدني الفلسطيني.

وغداة الإعلان عن الاتفاق، اتهم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان، حماس بالتراجع عن التفاهمات ومحاولة فرض شروط جديدة، بينما نفت حماس هذه الاتهامات وأكدت أن التصعيد الإسرائيلي محاولة "يائسة" من نتنياهو لتخريب الاتفاق بسبب ضغوط سياسية داخلية.

لماذا الاتفاق الآن؟

وقال الدكتور عبد المهدي مطاوع مدير منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي بالقاهرة، إن الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة هو "إنجاز بعد مرور 15 شهرا من حرب الإبادة".

وأضاف مطاوع لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن الأسباب التي دفعت للوصول إلى الاتفاق الآن هي تدخل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بشكل مباشر في المفاوضات وقيامه بالضغط على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لإبرام الاتفاق، كما تم أيضا الضغط علي حماس.

وتابع أن ترامب مارس هذا الضغط لأنه يريد أن يدخل حفل تنصيبه كرئيس أمريكي بدون دماء، وأن يكون هو سبب إخراج الرهائن الأمريكيين من غزة، على حد قوله.

وأردف أن "تنفيذ الاتفاق سيبدأ ظهر الأحد، ومع احتساب فارق التوقيت سيكون قبل ساعات من تنصيب ترامب رئيسا لأمريكا، وبذلك يكون نتنياهو حقق وعده لترامب الذي حقق بدوره وعده لجمهوره بأنه سينهي هذه الحرب قبل دخوله البيت الأبيض"، على حد تعبيره.

وشاطره الرأى المحلل العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي بقوله إن عقد اتفاق غزة في هذا التوقيت "يعود لرغبة ترامب في انتهاء الحروب بالشرق الأوسط".

وأضاف لـ((شينخوا)) أن إسرائيل تعول على إدارة ترامب لإبداء المزيد من المرونة إزاء قيامها بشن عمليات لإحباط محاولات حماس إعادة بناء قوتها، بينما رأت حماس في رغبة ترامب إنهاء الحرب فرصة للتوصل لاتفاق.

واستطرد أن إسرائيل لم تحقق أهداف الحرب المتمثلة في القضاء على سلطة حماس في غزة لكنها على الأقل ستنجح من خلال هذا الاتفاق في إنقاذ حياة المحتجزين بغزة، وهذا إنجاز يستحق تقديم تنازلات كبيرة.

أما المحلل السياسي السوري علي يوسف، فرأى أن هناك أسبابا كثيرة خارجية وداخلية وراء الوصول للاتفاق الآن، لكن الواضح أن الأسباب الداخلية هي التي فرضت وقف إطلاق النار، بسبب تصاعد الاحتجاجات في الداخل الإسرائيلي على سياسات نتنياهو وتحديدا في ملف الأسرى، والتي كادت تخرج عن السيطرة وتشعل فتيل حرب أهلية.

بينما قال المحلل اللبناني العميد عادل مشموشي إن اسرائيل فشلت في إطلاق أسراها بغزة والقضاء على حماس وتهجير الشعب الفلسطيني، وبالتالي لم تعد الحرب على غزة إلا استمرارا لأطماع المتشددين في إسرائيل وسط استياء دولي واسع.

ورأى أن الإنذارات التي وجهها ترامب ساعدت في تسريع التوصل للهدنة، واعتبر أن خضوع إسرائيل لإملاءات ترامب قد دفع بحماس إلى تسهيل التوصل للاتفاق.

تحديات كثيرة أمام اتفاق وقف إطلاق النار

وقال المحلل اليمني رشاد الشرعبي إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة سيواجه تحديات كثيرة منها عدم جدية الحكومة الإسرائيلية ومحاولتها إفراغ الاتفاق من محتواه، من خلال اصطناع أحداث تبرر لها عدم تنفيذه.

وأضاف الشرعبي لـ((شينخوا)) أن "حكومة نتنياهو من الواضح أنها أٌجبرت على الاتفاق لذلك أحاديثها مازالت مستفزة، وتظهر أنها تعاني من الضغوط من الداخل الإسرائيلي والإدارة الأمريكية".

وشاطره الرأي الخبير السوري علي يوسف، بقوله إن التحديات أمام تنفيذ الاتفاق مرتبطة بالجانب الإسرائيلي، الذي يشعر بأن معركته لم تحقق أهدافها، لذلك ربما يسعى لخرق الهدنة.

لكن الدكتور عبدالمهدي مطاوع رأى أن أول التحديات أمام الاتفاق هو أن "المرحلة الثانية والثالثة من اتفاق وقف إطلاق النار لم يتم الاتفاق علي تفاصيلها بشكل أساسي وهذا قد يعطي مبرر سواء لحماس أو إسرائيل للهروب من تنفيذ واستكمال باقي الاتفاق".

وأردف أن "الكثير من العوامل في الداخل الإسرائيلي قد تشكل تحديا لأن الاتفاق برغم الصياغة إلا أنه هناك الكثير من التعميم فيه مما يعطي مجالا للتفسير لكل طرف في الصفقة علي ما تراه".

في حين قال رون بن يشاي إن "عدم وجود منظومة مراقبة وتنسيق يمكنها أن تصعب تنفيذ الاتفاق في كافة مراحله، ومن بينها المرحلة الأولى، فغياب هذه المنظومة يمكنها أن تمنح كافة الأطراف إمكانية تنفيذ الاتفاق حسب تفسيرها له".

وأضاف أن "أساس الاتفاق الذي ينص على التوصل لهدنة (مؤقتة) تنتقل لهدنة دائمة تصل لحد وقف دائم لإطلاق النار ما هي إلا صيغة ضبابية وضعت لتتمكن الحكومة الإسرائيلية من عدم الالتزام بوقف الحرب، ما يستدعي جهدا إضافيا من الوسطاء من أجل التوصل لاتفاق حول هذا الموضوع، وفي حال لم يتم التوصل لاتفاق يمكن لإسرائيل أن تجدد الحرب".

مستقبل الاتفاق

وتوقع الدكتور عبدالمهدي مطاوع أن يصمد الاتفاق خلال المرحلة الأولى لكن لا توجد ضمانات على صموده خلال المرحلة التالية، وهناك عوامل كثيرة ممكن تؤثر عليه، منها عوامل إقليمية وداخلية في إسرائيل ووضع نتنياهو، الذي تعنى نهاية الحرب له "انتخابات جديدة والحساب".

من جهته، أكد رشاد الشرعبي أنه "على مر التاريخ، تعود الفلسطينيون والمجتمع الإقليمي والدولي على نكوص الحكومات الإسرائيلية والتفافها على الاتفاقات مثل اتفاق أوسلو"، على حد تعبيره.

وقال إن حكومة نتنياهو أعلنت عن عدة أهداف بعد 7 أكتوبر 2023 كمبرر لتلك الحرب في غزة لكنها تشعر أنها لم تحقق تلك الأهداف لذلك ربما قد تفرغ الاتفاق من محتواه وتخادع بشأن تنفيذه أو ربما تصنع أحداثا تبرر لها عدم تنفيذ الاتفاق.

في حين توقع المحلل العراقي محمد الجبوري أستاذ الإعلام بالجامعة العراقية أن "الاتفاق لن يصمد طويلا لاختلاف وجهات النظر والمصالح بين طرفيه".

وتابع أن حماس اضطرت للموافقة على الاتفاق لوقف الحرب، بينما تسعى إسرائيل لإطلاق سراح رهائنها بغزة، وعندما يحقق الطرفان أهدافهما المرحلية "ستنتهي الهدنة وتعود التوترات مرة أخرى".

من جهته، قال العميد عادل مشموشي إن صمود الاتفاق "حاجة فلسطينية نظرا لفداحة الخسائر الفلسطينية والحاجة لتضميد الجراح"، لكنه أكد أن "المتشددين في إسرائيل لن ينصاعوا بسهولة لانهيار مشروع الاستيطان في غزة".

تداعيات الاتفاق على الوضع الإقليمي

وقال المحلل العراقي محمد الجبوري إن اتفاق غزة سينعكس بصورة إيجابية على الوضع في عموم الشرق الأوسط، و"سيهدئ الوضع في المنطقة، وسيحصل استقرار وتحسن في الوضع الأمني".

فيما رأى الخبير السوري علي يوسف أن الاتفاق له تأثيرات كبيرة على الوضع الإقليمي، وتحديدا "محور المقاومة"، مشيرا إلى أن "أول من سيتأثر هو إيران، التي لم يعد لديها ذرائع للعمل المقاوم" على حد تعبيره.

في حين اعتبر المحلل اللبناني عادل مشموشي أن "الاتفاق حاضنة دولية لهدنة ربما ستفتح الباب أمام ذهاب المنطقة إلى مرتكزات استقرار جديدة، قد تتفق والمصالح الإسرائيلية والغربية، كما قد ترسو على حل الدولتين للقضية الفلسطينية" بما يجعل حربي غزة ولبنان آخر حروب المنطقة.

صور ساخنة