أكد الرئيس شي جين بينغ خلال المحادثة الهاتفية التي اجراها مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، بناء على طلب الأخير، يوم 17 يناير الجاري، على أن الصين والولايات المتحدة تتقاسمان مصالح مشتركة واسعة النطاق ومساحة واسعة للتعاون، وتحدث بالتفصيل عن مبادئ تطوير العلاقات الصينية ـ الأمريكية، كما أعرب عن استعداده لتعزيز تقدم أكبر في العلاقات الصينية ـ الأمريكية من نقطة بداية جديدة. ومن جانبه، أعرب ترامب عن اعتزازه بالعلاقة العظيمة مع الرئيس شي جين بينغ، ويأمل في مواصلة الحفاظ على الحوار والتواصل، ويتطلع إلى لقاء الرئيس شي جين بينغ في أقرب وقت ممكن. كما اتفق رئيسا البلدين على إنشاء قنوات اتصال استراتيجية والحفاظ على اتصالات منتظمة بشأن القضايا الرئيسية ذات الاهتمام المشترك لكلا البلدين. وقد ساهمت هذه المكالمة الهاتفية، التي حظيت باهتمام واسع النطاق من المجتمع الدولي، في ضخ الثقة في تعزيز الانتقال السلس والبداية الطيبة في العلاقات الصينيةـ الأمريكية.
تعد العلاقات الصينية ـ الأمريكية من أهم العلاقات الثنائية في العالم، ولا تتعلق برفاهية الشعبين فحسب، ولكنها تؤثر أيضًا على مستقبل ومصير البشرية. لهذا السبب، فإن تنمية العلاقات الصينية ـ الأمريكية يجب أن تكون لها رؤية استراتيجية طويلة المدى. لقد كانت هناك دائما آمال كبيرة في التفاعلات الإيجابية بين الصين والولايات المتحدة، من "المصافحة عبر المحيط الهادئ" التي حققها قادة الجيل السابق في الصين والولايات المتحدة، إلى إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، التي وصفت بأنها "الحدث الهام الأكثر لفتًا للانتباه الذي غيّر المشهد الاستراتيجي الدولي"، إلى اليوم، حيث يعتقد الناس أنه "من أجل تحقيق قرن الحادي والعشرين المستقر، يتعين على الصين والولايات المتحدة العمل معا". وقد كانت سياسة الصين تجاه الولايات المتحدة دائما ملتزمة بالاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين. في الوقت الحاضر، تسعى كل من الصين والولايات المتحدة إلى تحقيق أحلامهما وتلتزمان بجعل شعبيهما يعيشان حياة أفضل، وتحتاجان إلى التقارب وتعزيز التنمية المستقرة والصحية والمستدامة للعلاقات الثنائية.
إن الصين والولايات المتحدة لديهما مصالح مشتركة واسعة النطاق ومجال تعاون واسع، ويمكنهما أن يصبحا شريكين وأصدقاء، ويحققا النجاح المتبادل، ويزدهرا معًا، مما يعود بالنفع على البلدين والعالم. وفي السبعينيات، حققت العلاقات الصينية ـ الأمريكية "كسراً للجليد"، وكانت المصالح المشتركة هي الغراء الأكبر. وبعد 46 عاما من التطور، أصبحت العلاقات الصينية الأمريكية مجتمع المصالح المشتركة، حيث يجمعنا بعضنا بعضا ولدينا أنتم. إن بعض المشاكل القائمة في العلاقات الصينية ـ الأمريكية نشأت في عملية نمو التكامل مصالح الجانبين، ولابد من حلها في عملية النمو، ولا ينبغي أن تؤدي إلى سوء التفاهم الاستراتيجي بين الجانبين. وفي ظل الوضع الدولي الحالي، تتوسع المصالح المشتركة بين الصين والولايات المتحدة بدلا من أن تتقلص. وإن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة هي في الأساس ذات منفعة متبادلة ومربحة للجانبين. والاستكشاف المستمر لفرص النمو الاقتصادي والتجاري بين البلدين وجعل "الشعيرات الدموية" للتبادلات الاقتصادية أكثر سلاسة سيضيف قوة دافعة للجانبين لتحقيق تعاون أكبر مربح للجانبين.
إن الصين والولايات المتحدة دولتان كبيرتان لهما ظروف وطنية مختلفة، ومن الطبيعي أن تكون هناك بعض الاختلافات، والمفتاح هو احترام المصالح الأساسية والاهتمامات الرئيسية لبعضهما البعض وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل. في السنوات الأربع الماضية، حددت بعض المبادئ التوجيهية للعلاقات الصينية ـ الأمريكية من خلال المشاورات بين الجانبين، ودفعت بشكل مشترك الحوار والتعاون بين البلدين إلى المسار الصحيح، واستعادت وأنشأت أكثر من 20 آلية اتصال، وحققت نتائج إيجابية في مجالات عديدة، مما يثبت تماما أن التعاون أفضل من الاحتكاك، والحوار أفضل من المواجهة. وتتعلق قضية تايوان بالسيادة الوطنية للصين ووحدة أراضيها، ويتعين على الولايات المتحدة أن تتعامل مع هذه القضية بحكمة. ولا يمكن للاحتواء والقمع أن يوقف التنمية في الصين، بل سيضران بمصالح الولايات المتحدة أيضًا. كما يتعين على الصين والولايات المتحدة التعامل بشكل صحيح مع خلافاتهما بالبصيرة والتصميم على البحث عن أرضية مشتركة مع تنحية الخلافات، من أجل إرساء أساس جيد للتنمية المستقبلية للعلاقات الثنائية.
الوضع العالمي متشابك وتعمه الفوضى، وأصبح اليقين مورداً نادراً في العالم. ويتعين على الصين والولايات المتحدة، باعتبارهما قوتين عالميتين، أن تتمتعا بما يكفي من الحكمة السياسية والمسؤولية التاريخية لإيجاد طريقة للدول الكبرى للتوافق مع بعضها البعض في العصر الجديد، وذلك لطمأنة شعبي البلدين، وشعوب جميع البلدان في جميع أنحاء العالم. وإن نوايا الصين وسياساتها الاستراتيجية تجاه الولايات المتحدة مؤكدة، وطبيعة المنفعة المتبادلة للعلاقات الصينية ـ الأمريكية مؤكدة، وإن التجربة التاريخية المتمثلة في قدرة التعاون بين الصين والولايات المتحدة على تحقيق إنجاز الأشياء، والقيام بالأشياء الجيدة، والقيام بأشياء عظيمة أصبحت أكثر يقينا. وإن فهم الصين والولايات المتحدة العلاقات الثنائية وتتعاملان معها من منظور استراتيجي وطويل الأجل، وتلعبان دورًا إيجابيًا في الوحدة العالمية بروح "العمل معًا على نفس الكوكب"، وتعزان الحوار والتواصل، وإدارة الخلافات بشكل صحيح، وتوسيع التعاون متبادل المنفعة، من شأنه أن يجلب المزيد من اليقين إلى عالم متقلب.
تبنى العلاقات بين الدول على الصداقة بين الشعوب. وإن تنمية العلاقات الصينية ـ الأمريكية تتمتع بأساس قوي للرأي العام، ولم تتغير الرغبة الأساسية للشعبين في التبادل والتعاون. " كل طرق العالم ستلتقي بك/ وسأحب العالم الذي تحبه/ أتمنى لك الابتسامة التي تريدها..." في الآونة الأخيرة، غنت الجوقة الأمريكية " أطفال صوت واحد" أغنية «تحقيق ما تريده» باللغة الصينية في حديقة معبد السماء في بكين. وقد أشعل صوت الأطفال النقي قاعة الصلاة المهيبة والرائعة اللهيب بين الكثير من المعجبين على الإنترنت، مما يثبت مرة أخرى أن تعزيز التبادلات الشعبية بين الصين والولايات المتحدة أمر شائع وفي تماشيا مع إرادة الشعب. في العام الماضي، كانت مبادرة "دعوة 50 ألف شاب أمريكي للقدوم إلى الصين للتبادل والدراسة في السنوات الخمس المقبلة" من أبرز معالم العلاقات الصينية ـ الأمريكية، لتترسخ وتؤتي ثمارها. وقد جاء أكثر من 16 ألف شاب أمريكي من جميع الولايات الخمسين وواشنطن العاصمة إلى الصين للتبادل والدراسة، مما أظهر رغبة جيل الشباب في تعزيز التبادلات والتفاعلات وتعزيز التفاهم المتبادل.
إن نهر التاريخ الطويل لا نهاية له، والنقاط الحرجة غالبا ما تكون على بعد خطوات قليلة فقط. ويتعين على الصين والولايات المتحدة الالتزام بمبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين، وتعزيز التعاون، والقيام بالمزيد من الأعمال الرئيسية والعملية والجيدة التي تعود بالنفع على البلدين والعالم، حتى يتمكن البلدان من تحقيق المزيد من النجاح، ويمكن للسفن العملاقة من الصين والولايات المتحدة التحرك على طريق مستقر وصحي ومستدام، ويستمر طريق التنمية في المضي قدمًا.