الصفحة الرئيسية >> الثقافة والحياة

لماذا يحتفل الصينيون بعيد الربيع؟

هكذا بدأت الحكاية..

لماذا يحتفل الصينيون بعيد الربيع؟

وان لي، باحث في الأكاديمية الصينية للعلوم

ترجمة: د. وليد عبدالله

23 يناير 2025/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ في النصوص العظمية الصينية القديمة، أو مايعرف بـ "جياقوون"، كُتب "العام الصيني" على هيئة رجل عائد إلى بيته حاملاً سنابل القمح. ممايعد إشارة على أن "العام الجديد" في الثقافة الصينية القديمة، كان عبارة عن نشاط طقسي يقام بعد حصاد الخريف. ولذلك جاء في قاموس "كلمات ومعاني" (شوون جييه زي، سنة 121 م) : "العام الصيني يعني حصاد الحبوب".

وفي البداية لم يكن العام الصيني، كما عليه الآن عند الشهر الأول من العام، بل كان في الشهر العاشر بعد حصاد الخريف. وهذا ما عرف بـ"تقويم الشهر العاشر" ماقبل عهد أسرة تشين. وإلى اليوم، لاتزال عادة الاحتفال بالعام الجديد في هذه الفترة منتشرة بين عرقيات مياو ودونغ ويي وبعض الأقليات الصينية الأخرى.

على مر التاريخ، كانت العديد من الأعياد والاحتفالات التقليدية الصينية ينظر إليها كـ "أيام شريرة". وكان على الناس في هذه الأياب العمل على تجنب هذه الشرور، وبالتالي ظهرت مختلف طقوس طرد الأرواح الشريرة. على سبيل المثال، من أجل تجنب إله الطاعون أثناء مهرجان قوارب التنين، ابتكر الناس طقوسا احتفالية لإبعاده عن مدنهم وبلداتهم على متن القوارب. ومن هنا جاء سباق قوارب التنين.

ومن أجل إبعاد الأرواح الشريرة في مهرجان "التاسع المزدوج" (عيد تشونغ يانغ)، كان الناس يعتقدون بأن عليهم ترك منازلهم والاختباء في الجبال أثناء هذا اليوم، وإلا فإنهم سيتعرّضون إلى الكوارث. ولذلك نشأت عادة تسلّق الجبال في هذا اليوم، كطقس احتفالي بعيد تشونغ يانغ.

وبما أن العديد من الاحتفالات القديمة قد ارتبطت بـ"الشر"، فقد كانت هناك طقوس مقابلة لطرد الأرواح الشريرة ودفع الكوارث، واتسمت جميعها بلونها الديني القوي.

مثل العديد من الاحتفالات التي كانت في الأصل تعتبر أياما سيّئة، ظهر "رأس السنة الصينية" في البداية كيوم شرور أيضًا. وعبارة "قضاء ليلة رأس السنة"، كانت تعني في الأصل، "عبور عقبة العام". حيث كان على الناس في ذلك الوقت تسوية حسابات العام مع نهاية العام القمري. وكان أولئك الذين عليهم ديون الإيجار أو القروض ينظرون إلى هذه الفترة الزمنية باعتبارها عقبة صعبة يجب التغلب عليها وتجاوزها.

لكن على عكس احتفالات الأعياد الأخرى التي تقام خلال النهار، فإن طقوس عيد الربيع تتم في ليلة رأس السنة الجديدة. ووفقا للأسطورة، كان هناك وحش في العصور القديمة يسمى "نيان"، ينزل من الجبل ليأكل الناس خلال رأس السنة. لاحقًا، اكتشف حكيم عجوز أن الوحش "نيان" يخاف النار واللون الأحمر والضوضاء. ومن ثم توصل الناس إلى فكرة استخدام الفوانيس وإلصاق صور الآلهة والتعاويذ على الأبواب والنوافذ لطرد هذا الوحش الشرير.

وتنص التقاليد الصينية القديمة أيضًا على أنه من أجل تجاوز "عقبة العام الجديد" بأمان، يجب على العائلة بأكملها، بغض النظر عن مكان تواجد مختلف أفرادها، العودة جميعا إلى المنزل وتناول عشاء ليلة رأس السنة معًا، حيث يجتمعون معًا للاحتفال بالعام الجديد وقضاء أخطر أوقات العام.

الخط الفاصل بين العام الجديد والعام القديم هو منتصف الليل في ليلة رأس السنة الجديدة. ولتوديع العام الماضي والترحيب بالعام الجديد، يأكل الناس معجّنات الجياوزي المحشوّة، ويطلقون الألعاب النارية في منتصف الليل للترحيب بقدوم العام الجديد.

تتكون السنة من 365 يوماً، لكن حينما يتعلّق الأمر بتوارث الحضارة المادية والروحية للأمة الصينية، ليست كلّ الأيّام على نفس المستوى من الأهمية. ومن بين هذه الأيام الـ 365، هناك دائمًا أيام قليلة تتمتع بمكانة خاصة، وهذه الأيام هي الأعياد التقليدية.

وفي أثناء فترات الفاقة والأزمات، أسهم الحفاظ على الأعياد التقليدية، في حماية فنون الطبخ والغذاء الصينية من الاندثار. وحافظ الصينيون على حرف صنع الملابس وفنون الاستعراض والاحتفال... والأهم من ذلك، ظلت الأعياد التقليدية حامية لفضائل وأخلاق الأمة الصينية وحاملة لزادها الروحي.

صور ساخنة