غزة 13 مارس 2025 (شينخوا) يراقب عماد الحداد، وهو أب لسبعة أطفال، صهاريج المياه التي تتنقل بين أزقة حيّه المكتظ وسط مدينة غزة، متسائلًا متى سيصل دوره في الحصول على ما يكفي من الماء لعائلته.
ويقول الحداد بينما كان يجلس أمام منزله المتواضع، المدمر جزئيا، الأمر أصبح أكثر صعوبة والماء شحيح، ومحطات التحلية بالكاد تعمل، وصهاريج المياه التي توفرها المؤسسات الدولية لم تعد تكفي.
-- تعطل محطة الكهرباء
ومنذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، تفاقمت أزمة المياه في قطاع غزة بعدما أوقفت إسرائيل جميع خطوط الكهرباء المغذية للقطاع، مما أدى إلى تعطّل محطة توليد الكهرباء الوحيدة بسبب نقص الوقود؟ وتسبّب ذلك في شلل شبه تام للبنية التحتية، بما في ذلك محطات تحلية المياه التي يعتمد عليها السكان.
ورغم سماح إسرائيل لاحقا، بضغط من منظمات إنسانية، بتزويد بعض محطات التحلية بالكهرباء، إلا أن الكمية لم تتجاوز واحد ميغاوات، أي أقل من واحد في المائة من الإمداد الذي كان متاحا قبل الحرب، لكن هذا الإجراء لم يستمر طويلًا، إذ أعيد قطع الكهرباء، مما أعاد أزمة المياه إلى الواجهة، خصوصا مع دخول شهر رمضان، حيث تزداد الحاجة للمياه مع الصيام.
يقول فادي أبو سنونة، الذي يعمل على نقل المياه المحلاة عبر مركبته في وسط القطاع "قبل القرار الإسرائيلي، كنت أوفر كميات كافية من المياه للزبائن، لكن الآن لا أحصل إلا على ربع الكمية، الناس يحتاجون الماء أكثر في رمضان، لكنني أضطر للاعتذار لأن المياه ببساطة غير متوفرة".
لكن الأزمة لا تتعلق فقط برمضان، بل أصبحت جزءًا من الحياة اليومية في غزة، حيث يعتمد السكان على شراء المياه بأسعار مرتفعة، ما يضيف عبئًا ماليًا جديدًا.
-- 20 دولارا اسبوعيا لمياه الشرب
محمد عبد الله، وهو أب لطفلين من بلدة بيت لاهيا، يقول إنه كان يدفع مبالغ معقولة للحصول على مياه الشرب قبل الحرب، أما الآن فقد تضاعفت الأسعار، "أدفع ما يقارب 20 دولارًا أسبوعيًا فقط لمياه الشرب، هذا عبء كبير، خاصة في رمضان، حيث نحتاج إلى ماء أكثر".
الأمر نفسه يؤكده سامي جاد الله، من سكان مخيم النصيرات، الذي بات يخصص جزءًا من راتبه الشهري فقط لتأمين المياه "أحتاج إلى ما لا يقل عن 100 دولار شهريًا، حتى الماء أصبح رفاهية في غزة".
أما ليلى أبو حمدان، وهي أم لأربعة أطفال من خان يونس، فتشير إلى أن أطفالها يعانون العطش المستمر، لكنها لا تستطيع شراء المياه كل يوم "أحيانًا أضطر لغلي المياه التي نحصل عليها من البلدية رغم أنها غير صالحة للشرب، لأن شراء المياه النقية بات مكلفا جدا، أطفالي يعانون من آلام في المعدة باستمرار، وأنا أعرف أن السبب هو المياه الملوثة".
-- مياه شرب ليست آمنة
التداعيات الصحية للأزمة باتت ملموسة، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، أدى نقص المياه الصالحة للشرب إلى ارتفاع الإصابات بالأمراض المعدية مثل التهاب الكبد الفيروسي وأمراض الجهاز الهضمي.
"المياه المتاحة حاليًا ليست آمنة تمامًا للشرب، لكن السكان لا يملكون خيارًا آخر"، يقول خليل الدقران المتحدث باسم الوزارة "إذا استمر نقص المياه، سنواجه تفشيًا واسعًا للأمراض، مما سيزيد الضغط على النظام الصحي المنهك".
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، فإن 90 % من سكان غزة لا يستطيعون الوصول إلى مياه الشرب الآمنة، فيما يحتاج 1.8 مليون شخص إلى مساعدة عاجلة في مجالات المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية.
وتقول روزاليا بولين، مسؤولة اليونيسف في غزة "600 ألف شخص استعادوا مؤقتًا الوصول إلى مياه الشرب في نوفمبر 2024، لكنها انقطعت عنهم مرة أخرى، الوضع لا يمكن تحمله، والمياه أصبحت رفاهية لا يمكن لكثير من العائلات تحمل تكلفتها".