"تحولت الصين من تصدير السلع إلى 'استيراد' المستهلكين." عندما يجرّ السياح الأمريكيون حقائب سفر فارغة عبر المحيط الهادئ للتسوق في الصين، محدثين طفرة شراء عكسية للمنتجات المصنوعة في الصين، فإن المنطق الأعمق وراء هذه الظاهرة يدعو إلى التفكير. ومن الواضح أنه عندما تحاول واشنطن تقسيم الاقتصاد العالمي بشكل تعسفي من خلال حواجز تجارية متصاعدة، فإن المستهلكين الأمريكيين غير مستعدين لدفع ثمن "اقتصاد روبنسون كروزو" غير المناسب، بل إنهم يبدؤون "وضع الإنقاذ الذاتي". ومن خلال اجراءاتهم وممارساتهم، يرسلون رسالة إلى الحكومة الأمريكية: الرسوم الجمركية المرتفعة لم تقلل من جاذبية المنتجات الصينية عالية الجودة، ولا يمكنها قمع الرغبة في حياة أفضل في عصر العولمة.
يكتشف عدد متزايد من المستهلكين الأمريكيين أن السفر إلى الصين لا يتيح لهم شراء المنتجات التي يرغبون فيها بأسعار أقل فحسب، بل يتيح لهم أيضًا الاستمتاع بالمناظر الخلابة والأطباق الصينية اللذيذة والمميزة. والمثير للدهشة أن التكلفة الإجمالية أقل حتى من التسوق محليًا في الولايات المتحدة مع تضمين الضرائب. يُبرز هذا أن الحواجز الجمركية المرتفعة التي فرضتها الحكومة الأمريكية تتعارض مع مبادئ السوق، مما يُجبر المستهلكين المحليين على تحمل تكاليف ارتفاع الأسعار. كما يلاحظ أنه بالإضافة إلى السياح القادمين إلى الصين للتسوق، يستخدم العديد من المستهلكين في الولايات المتحدة منصات التجارة الإلكترونية العابرة للحدود لشراء المنتجات المصنوعة في الصين. وتُثبت الحقائق أن سياسات واشنطن الجمركية غير شعبية ولا تُلبي احتياجات الشعب.
تُوضّح خيارات المستهلكين الأمريكيين أمراً واحداً: لا يُمكن للحمائية التجارية أن تُشوّه مبادئ السوق، وأن جاذبية المنتجات عالية الجودة تخترق في نهاية المطاف حواجز السياسات. وأن القدرة التنافسية للمنتجات المصنوعة في الصين لا تنبع من مزايا التكلفة فحسب، بل أيضاً من التكامل العميق في سلسلة الإنتاج والتوريد العالمية. علاوة على ذلك، تطورت الصين من "مصنع العالم" إلى "مركز حيوي في شبكة الابتكار العالمية"، حيث تُشكّل قدرتها الإنتاجية الفعالة وإنجازاتها المبتكرة ركائز أساسية للاقتصاد العالمي. وحتى الآن على الأقل، لا توجد أي إشارة إلى أن الرسوم الجمركية المرتفعة قد أعادت "التصنيع إلى الولايات المتحدة". وإنما أصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى مدى استحالة استنساخ أو إعادة هيكلة منظومة إنتاج وسلسلة توريد ناضجة دون مشاركة الصين.
"بينما يبني الغرب جدرانًا تجارية، تبسط الصين السجاد الأحمر للمتسوقين العالميين." يُجسّد هذا التعليق الأخير في قسم التعليقات بصحيفة "تايمز أوف إنديا" رؤية الصين العالمية للانفتاح رفيع المستوى ومسؤوليتها كقوة عظمى. وتُحدث خدمة "استرداد الضرائب الفوري"، إلى جانب سياسات مثل الدخول بدون تأشيرة، وتسهيل الدفع، وبيئة أعمال مُحسّنة، تأثيرًا تآزريًا. كما يتيح هذا للمستهلكين الأجانب التمتع بحرية السفر التلقائي مع تجربة سهولة "استرداد الأموال الفوري" على مشترياتهم. وتُحفّز هذه "الحزمة" السياساتية سوق الاستهلاك المحلي، وتُعبّر عن صدق انفتاح الصين على العالم. وفي مواجهة بيئة دولية مُعقّدة ومتغيرة، تُركّز الصين على إدارة شؤونها الخاصة بكفاءة، وضخّ المزيد من اليقين والاستقرار في العالم، والتغلب على موجة تراجع العولمة المُتصاعدة، مُسلّطةً الضوء على عزمها الاستراتيجي على تعميق الانفتاح المؤسسي.
علّقت بعض وسائل الإعلام الأجنبية على أن الصين، من خلال الجمع بين إعفاء عشرات الدول من تأشيرة الدخول واسترداد الضرائب عند نقاط الشراء، تُحوّل السياحة الدولية استراتيجيًا إلى محرك اقتصادي قوي. ويُعدّ السياح الأجانب القادمون إلى الصين للتسوق نموذجًا مصغرًا لجهود الصين لتقاسم عوائد تنميتها مع العالم. وقد أقرّ مجلس الدولة مؤخرًا، خطة تهدف إلى توسيع نطاق البرامج التجريبية الشاملة لتسريع انفتاح قطاع الخدمات، وتوسيع نطاق البرنامج التجريبي من 11 مقاطعة ومدينة إلى 20 مقاطعة ومدينة، وتحديد 155 مهمة تجريبية في قطاعات مثل الاتصالات، والرعاية الصحية، والمالية، والتجارة، والثقافة والسياحة، والنقل. ويوفّر توسيع الانفتاح المستقل والأحادي الجانب بشكل منظم للشركات الأجنبية رؤية استثمارية مستقرة طويلة الأجل، ويعزز في الوقت نفسه تحويل "مصنع العالم" إلى "جاذب للاستهلاك"، و"سوق ثقافي"، و"محيط أزرق من الفرص". ويكمن وراء ذلك منطق تنموي قائم على الانفتاح والتعاون، ومواجهة التحديات الاقتصادية بفرص السوق بدلًا من الحواجز التجارية.
بينما تتعامل بعض الدول مع "فكّ ارتباط سلاسل التوريد وقطعها" كأدوات سياسية، تُثبت الصين، من خلال انفتاح سوقها الاستهلاكي الذي يضم 1.4 مليار نسمة، أن الأمن والتنمية في عصر العولمة ينبعان من تعميق التواصل. وإن مشهد هواتف آيفون، والنبيذ الفرنسي، والساعات السويسرية، ومجموعة واسعة من المنتجات الصينية التي تتشارك رفوفها، يعكس جهود الصين المستمرة لتوسيع الانفتاح وبناء نظام سوق أكثر شمولاً. هنا، ليست القواعد لعبةً صفرية، بل منفعة متبادلة ونتائج رابحةً للجميع. وليست جدرانًا تبنيها الحمائية، بل جسورًا تُبنى من خلال الابتكار المؤسسي. كما يوفر هذا النظام البيئي السوقي المزدهر والمتنوع والتكافلي فرص نمو للشركات حول العالم، ويُمكّن من جني ثمار تنمية الصين بما يعود بالنفع على العالم أجمع.
في ظلّ موجة العولمة الاقتصادية التي لا رجعة فيها، لا تقتصر كل حقيبة تُستخدم في "التسوق في الصين" على بضائع مختارة بعناية من قِبل السياح الأجانب فحسب، بل تحمل أيضًا دعوةً لبناء عولمة اقتصادية شاملة ومفيدة معًا. ومهما ارتفعت الحواجز الجمركية، فلن تتمكن من عكس المسار التاريخي لسلاسل التوريد والصناعة العالمية المتكاملة بعمق. وإن بمواجهة العزلة بالانفتاح، وحل المواجهة من خلال التعاون، واستبدال المنافسة على الربح بالتمكين، تُطمئن الصين المستهلكين حول العالم بمنتجاتها عالية الجودة وبأسعار تنافسية، وبفضل نهجها الشامل نحو تقاسم الأرباح، تُصبح حجر الزاوية في الاستقرار الاقتصادي العالمي.