قريباً في الصين .. الروبوتات البشرية تدخل مرحلة التوظيف والعمل في المصانع

30 ابريل 2025/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ تُنجز روبوتات بشرية، بطول 1.72 متر، في هياكل فضية أنيقة، مهام دقيقة على خطوط الإنتاج حالياً، حيث تُفرز المواد، وتحمل الصناديق، وتُجمّع المكونات. وتُحوّل هذه القفزة التكنولوجية الرؤى المستقبلية إلى واقع صناعي.

طورت هذه الآلات المتطورة، المعروفة باسم روبوت ووكر إس الصناعية، من قبل شركة روبوتات يو بي تيك، ومقرها شنتشن في مقاطعة قوانغدونغ جنوب الصين. وقد بدأ أسطول كامل من هذه الروبوتات رسميًا العمل في مصنع ذكي بتقنية الجيل الخامس تابع لشركة زكر، التابعة لشركة صناعة السيارات الصينية جيلي، في منطقة تشيانوان الجديدة بمدينة نينغبو، مقاطعة تشجيانغ شرق الصين.

"تخضع سلسلة ووكر إس حاليًا للتجارب في مصانع جيلي، وبي واي دي، وفوكسكون، وإس إف إكسبريس." صرّح تشو جيان، مؤسس شركة روبوتات يو بي تيك. "بعد أكثر من عقد من الاستكشاف، دخلنا مرحلة جديدة من التطوير، مع الحصول على أكثر من 500 وحدة كطلبات مقصودة."

رغم أن الأذرع الروبوتية والآلات الآلية على خطوط التجميع كانت تُسمى منذ فترة طويلة "روبوتات"، إلا أن تشو يعتقد أن الروبوتات الشبيهة بالبشر تمثل نموذجًا لأصدق أشكال الروبوتات ــ الإدراك النهائي للذكاء المتجسد.

وفي يوم 19 أبريل الجاري، أُقيم أول نصف ماراثون للروبوتات البشرية في بكين. وقد عبر تيانغونغ ألترا، الذي طوره مركز بكين لابتكار الروبوتات البشرية، والذي أطلقته شركة يو بي تيك، خط النهاية أولاً، محرزاً لقب البطولة.

في يوليو 2024، بدأ روبوت ووكر إس لايت الصناعي، ذو الشكل البشري من شركة يو بي تيك، تجربة تشغيلية لمدة 21 يومًا بدون توقف في مصنع زيكر الذكي، المخصص لمهام نقل المواد ذاتية التشغيل. لكن للأسف، لم يُحقق الروبوت النجاح المطلوب، حيث كانت سرعته بطيئة، ولم تتجاوز كفاءته 20% من كفاءة العمل البشري.

بعد ثلاثة أشهر من تحسينات تقنية كبيرة، طُرح ووكر إس 1 المُحسّن لأول مرة، بحجم شخص بالغ تقريبًا، ويعمل ضمن مساحة عمل أوسع بنسبة 30%. وبفضل التكنولوجيا المُطوّرة داخليًا، تم تحسين ثبات الروبوت في المشي وقدرته على الحركة بشكل ملحوظ.

بالإضافة إلى التعامل الأساسي مع المواد، يمكن لووكر إس 1، المجهز بكاميرات ذكية ونماذج التعلم العميق، أيضًا إجراء عمليات تفتيش دقيقة وغير مدمرة لشعارات السيارات والمصابيح الأمامية، مع معدل دقة يتجاوز 99 بالمائة.

لتحقيق وظائف شبيهة بالبشر، يجب أن تتجاوز الروبوتات البشرية مجرد تنفيذ المهام لتشمل قدرات تفاعلية وتعاونية. ووفقًا لجياو جي تشاو، نائب رئيس يو بي تيك والعميد التنفيذي لمعهد أبحاث يو بي تيك، فإن تطوير ذكاء سرب الروبوتات البشرية يمثل مسارًا حاسمًا لتحقيق تطبيقات صناعية قابلة للتطوير.

في شهر مارس من هذا العام، أطلقت شركة يو بي تيك أول تجربة تعاونية متعددة الروبوتات تتضمن عمليات منسقة عبر سيناريوهات ومجموعات مهام متنوعة.

في أحد الاختبارات، سارت وحدتان من طراز ووكر إس 1بثبات إلى صندوق، ورفعتاه معًا في مزامنة مثالية، ثم اتبعتا مسار تسليم مخطط ذاتيًا، مع التنقل بين الروبوتات المتحركة الأخرى على طول الطريق.

كيف يتم التنسيق بينهم؟

كما هو الحال مع البشر، زوّدنا الروبوتات بـ"مخ" و"مخيخ". أوضح جياو، يُمكّن "المخ"، المُدعّم بنموذج استدلال مُجسّد متعدد الوسائط قائم على ديب سيك-ر1، من الاستدلال المنطقي. أما "المخيخ"، الذي يدمج تقنيات الإدراك والتحكم الموزع، فيتيح التعلم الموزع المتوازي، مما يُسرّع من تطوير المهارات ونقلها.

خلال المهام التعاونية، يتولى "المخ" تخطيط المسار، وتقسيم العمليات، والتنسيق في الموقع، بينما يتولى "المخيخ" إدارة حركات الأطراف، وتعديل وضعية الجسم، وقوة القبضة. كما يتفاعل نظام دماغ كل روبوت مع شبكة ذكية مركزية بشرية، مما يُمكّن من سلوك جماعي متزامن بدلاً من العمل الفردي المتجزئ.

عند معالجة صناديق ذات أحجام مختلفة، تعتمد الروبوتات على الذكاء الاصطناعي لتقسيم المهام. وتُكيّف كل وحدة سير العمل آنيًا أثناء تنفيذ استجابات الأوامر في أجزاء من الثانية.

في مصنع بي واي دي، تضاعفت كفاءة عمل روبوت لووكر إس 1، ومن المقرر نشره على نطاق واسع في الربع الثاني. وفي مصنع فوكسكون في لونغهوا بمدينة شنتشن، تم التحقق بنجاح من صحة استخدامه في مجال الخدمات اللوجستية. وفي قاعدة إنتاج أودي-فاو في تشانغتشون، بمقاطعة جيلين شمال شرق الصين، يخضع روبوت لووكر إس 1 لتجارب تجريبية للكشف عن تسربات مكيفات الهواء. وتمثل هذه التجارب إنجازات بارزة في مجال الاعتماد الصناعي على الروبوتات البشرية.

وأضاف تشو قائلا: "من أجل تحقيق التكامل الواسع النطاق في خطوط الإنتاج، يتعين على الروبوتات أن تتطور من القابلة للاستخدام إلى ممتازة الأداء، ويجب أن تنخفض التكلفة."

وبحسب قوله، تُخصص شركة يو بي تيك ما يقرب من 50% من إيراداتها للاستثمار في البحث والتطوير. وبحلول نهاية عام 2024، كانت الشركة تمتلك 2680 براءة اختراع سارية المفعول حول العالم، وقادت أو شاركت في صياغة ما يقرب من 40 معيارًا عالميًا متعلقًا بالروبوتات الذكية، مما يجعلها من الشركات الرائدة عالميًا في تسجيل براءات اختراع الروبوتات الشبيهة بالبشر.

ما مدى قربنا من الإنتاج الضخم؟

"لقد دخلنا بالفعل مرحلة الإنتاج التجريبي على نطاق صغير، ولكن الأمر سيستغرق عامًا أو عامين آخرين للوصول إلى القدرة الكاملة على الإنتاج الضخم على المستوى الصناعي". قال جياو. وأشار إلى أن الصناعة تمر الآن بنقطة تحول حاسمة، إذ من المتوقع أن يصبح التصنيع الذكي أول مجال تطبيق رئيسي للروبوتات البشرية.