الصفحة الرئيسية >> العالم

تعليق: محاولات الولايات المتحدة لتشويه مبادرة "الحزام والطريق" لن تؤدي إلا إلى تعزيز روابط الاتصال بين الدول

منذ فترة طويلة، أصبح من الواضح أن مبادرة "الحزام والطريق" تشكل " الوحش الاسود" لواشنطن. ويبدو ذلك جلياً وواضحاً في إجابة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو على أسئلة في جلستي استماع في الكونغرس يوم 20 مايو الجاري، حيث قال: "الصين لا تُقدم مساعدات إنسانية، بل تُقدم قروضًا استغلالية -هذا ما تفعله مبادرة الحزام والطريق."

تسعى واشنطن جاهدةً لخلق انطباعٍ بأن نبل أفعالها لا تشوبه شائبة، وأن كل ما تفعله يتم في بيت زجاجي نظيف بشفافية تامة. لكن في كثير من الأحيان، ينتهي الأمر برمي الحجارة على الذين يخترقون هذه القشرة.

وهذا هو الحال مع التشهير الذي شنه روبيو بمبادرة "الحزام والطريق"، والذي على الرغم من التزامه بالقالب المألوف الذي أنشأته الولايات المتحدة لانتقادها للمبادرة، فقد كشف عن مدى قلق واشنطن بشأن نجاحها.

لقد أصبحت المخاوف المزعومة بشأن استدامة الديون، والشفافية، والآثار البيئية والاجتماعية، والدوافع الاستراتيجية، وانعدام المعاملة بالمثل في نهج الصين تجاه تطوير البنية التحتية والتعاون الاقتصادي، جزءًا لا يتجزأ من حملة واشنطن لتشويه سمعة الصين. ويعود ذلك تحديدًا إلى نجاح المبادرة كمنفعة عامة، إذ عززت التواصل وعززت التعاون الاقتصادي عبر آسيا وأفريقيا وأوروبا، وصولًا إلى أمريكا اللاتينية.

وأمام هذا التشويه التي تقوم به الولايات المتحدة ضد مبادرة " الحزام والطريق"، لا يسع المرء إلا أن يشعر بشرارة الكراهية التي تُطلقها. ولعل الولايات المتحدة لو أظهرت الرؤية والبصيرة لإنفاق حتى جزء بسيط من الثمانية مليارات دولار التي أنفقتها على مغامراتها العسكرية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر على تطوير البنية الأساسية في الجنوب العالمي، فإنها كانت لتحصد الثناء على مد يد المساعدة وتعزيز الاتصال بين البنية الأساسية العالمية، فضلاً عن المكافآت الملموسة للتعاون.

منذ انطلاقتها كجزء من دبلوماسية الجوار الصينية، بهدف إحياء طرق التجارة القديمة مع الدول المجاورة، شهدت مبادرة الحزام والطريق نموًا مطردًا في نطاقها وطموحها. واليوم، تطورت لتصبح أكبر منصة عالمية للتعاون، بمشاركة أكثر من 150 دولة و30 منظمة دولية، وأُسست أطر مؤسسية لاستدامة الديون والتحول إلى التنمية الخضراء.

بينما كان روبيو يُعبّر عن دعمه لتشويه واشنطن لمبادرة "الحزام والطريق"، اضطر إلى تقبّل حقيقة أن "التجارة، لا المساعدات، هي ركيزة السياسة الأمريكية في أفريقيا"، كما قال تروي فيتريل، كبير مسؤوليه في الشؤون الأفريقية، في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي في أبيدجان. وبتلك الدوافع التجارية، تُخفّض الولايات المتحدة تقريبًا جميع مساعداتها الخارجية، وتُعدّ منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا الأكثر تضررًا، حيث خسرت مليارات الدولارات من التمويل الذي كان يُقدّم سابقًا لدعم برامج الصحة والإنسانية والتنمية. وقد بيّن مقالٌ في صحيفة نيويورك تايمز، بعض العواقب المحتملة لهذه الخطوة، والتي تشمل مجاعةً واسعة النطاق في السودان، وانهيار برامج علاج فيروس نقص المناعة البشرية في دول مثل جنوب أفريقيا، وملايين حالات الملاريا وشلل الأطفال الإضافية.

خلال فترة العشر سنوات حتى نهاية عام 2022، بلغ حجم تجارة الصين مع الاقتصادات الشريكة لها في إطار مبادرة الحزام والطريق 19.1 تريليون دولار أمريكي. وإلى جانب التجارة، اتسم دعم الصين للدول المشاركة في المبادرة بالشمولية والتنوع، بما يتماشى مع مبدأ "التخطيط معًا، والبناء معًا، والاستفادة معًا". ونظرًا لحجم المشاريع وآثارها، تُعدّ مشاريع البنية التحتية في مبادرة "الحزام والطريق" أبرز مجالات المساعدات الإنمائية الصينية، على عكس النموذج الغربي التقليدي القائم على مبدأ "المانح والمتلقي"، تتخذ شكل شراكات لبناء القدرات، مثل المنح والقروض المعفاة من الفوائد للمدارس والمستشفيات، وأعمال الإغاثة من الكوارث. كما تُقدّم برامج تدريبية في مجالات كالزراعة والصحة العامة والحوكمة، حيث تم تدريب أكثر من 500 ألف مسؤول وفني في الصين منذ عام 2013.

وفي ظل هذه الظروف، من المؤسف أن تواصل الولايات المتحدة سعيها لترويج سوء الفهم وانعدام الثقة بشأن مساهمات الصين في التنمية العالمية، خاصةً وأن الولايات المتحدة قد رسّخت أولويات مصالحها الخاصة في كل ما تفعله تقريبًا من خلال مبدأ "أمريكا أولاً" الذي تتبناه إدارتها.

أما الصين، فتستمر في الإسهام بحكمتها وحلولها لبناء نظام عالمي أكثر عدلاً وإنصافاً، حيث تتمتع جميع البلدان بفرص متساوية للتنمية.

صور ساخنة