الصفحة الرئيسية >> التبادلات الدولية

مقالة: "التكنولوجيا الصينية" تحول الصحراء المصرية إلى أرض خصبة تنتج حصادا وفيرا

/مصدر: شينخوا/   2025:05:30.09:28

القاهرة 29 مايو 2025 (شينخوا) مع بداية الصيف، غطت موجات القمح منطقة الصحراء الشاسعة في محافظة الوادي الجديد جنوب غرب القاهرة، بعد أن روتها الآبار التي حفرتها الشركات الصينية لتتحول إلى حقول خصبة تحقق حصادا وفيرا.

وفي محافظة المنيا جنوب القاهرة، أيضا وبفضل الاعتماد على تكنولوجيا الري الصينية، أصبحت مزارع بنجر السكر، واحات خضراء، مما ساهم في زيادة معدل الاكتفاء الذاتي المحلي من السكر.

وبالاعتماد على تقنياتها المتميزة، أجرت الشركات الصينية تعاونا عميقا مع المناطق المحلية لاستكشاف "مصدر الحياة" في أعماق الصحراء، وقدمت نموذجا للتنمية المستدامة في المناطق القاحلة، وأظهرت إمكانات هائلة للتعاون عبر الحدود في مجالات التحول البيئي والأمن الغذائي.

-- استخراج المياه يسهم في توفير الغذاء والكساء

ويبلغ عدد سكان مصر أكثر من 100 مليون نسمة، وتغطي الصحراء حوالي 96% من أراضيها. ولتخفيف ضغط الطلب على الغذاء، عززت الحكومة المصرية جهودها باستمرار لاستصلاح الصحاري، وإضافة أراض جديدة صالحة للزراعة منذ عام 2015، ويعد استغلال مصادر المياه أولوية قصوى.

وانطلاقا من التعاون في بناء "الحزام والطريق"، أسست مجموعة (زيبك) الصينية شركة (زيبك مصر) في أكتوبر 2016 لتعزيز آبار المياه المحلية.

ومن شبه جزيرة سيناء إلى أعماق الصحراء في محافظة المنيا، ومن واحة سيوة في محافظة مطروح إلى صحراء كوم أمبو في أسوان، وعلى مدار السنوات التسع الماضية، تغلب فريق حفر آبار المياه، المكون من موظفين صينيين ومصريين، على الصعوبات، وساعد مصر في حفر أكثر من 680 بئر مياه صحراوية.

وتستخدم مياه هذه الآبار في رش الحقول المستصلحة بشكل دائري على مدار الساعة من خلال معدات الرش الدائرية، مما يرطب الحقول في الصحراء، التي لم تكن تزرع أصلا.

وفي موقع تشغيل مشروع آبار المياه في العوينات بمحافظة الوادي الجديد، شاهد صحفيون هدير العديد من منصات الحفر التي يزيد ارتفاعها عن 30 مترا، وأجزاء مختلفة منها تعمل في الرياح والرمال.

فيما عمل موظفون صينيون ومصريون، وهم يرتدون ملابس وخوذات حمراء، بحماس وتنظيم رغم أشعة الشمس القوية والغبار.

وصرح مدير المشروع، تشاو باوجيانغ، بأن فريق الحفر تغلب على تحديات مثل ارتفاع درجة الحرارة، والعواصف الرملية، والطبقات المعقدة، وصعوبة نقل المعدات، وأكمل حفر 63 بئرا بعمق حوالي 450 مترا في أقل من عام.

وقد ساعدت مياه هذه الآبار وغيرها في دعم العديد من المشروعات الزراعية.

وقال مدير منطقة العوينات في مشروع "مستقبل مصر" للإنتاج الزراعي أبو الخير إبراهيم، وهو يلتقط حفنة من حبوب القمح الكامل ويعرضها بحماس على الصحفيين، "أنا سعيد جدا بالتعاون الزراعي مع الشركات الصينية، حصاد القمح الأول لهذا العام جيد، ونحن سعداء للغاية".

وأضاف أن المشروع انطلق في العام 2022 برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل أن يردف أنه "مشروع وطني مهم لمصر لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية".

ويعد القمح الغذاء الرئيسي للمصريين. ووفقا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، يبلغ استهلاك الفرد السنوي من القمح في مصر حوالي 146 كيلوغراما.

وأوضح مدير إدارة الكهروميكانيكا في منطقة العوينات محمد الحصري، للصحفيين أن كل فدان من الأرض هنا ينتج ثلاثة أطنان من القمح.

في حين قال تشاو ووتاو، المدير العام لشركة ((زيبك مصر))"، للصحفيين إن "كل مو (وحدة صينية) ينتج ما يقرب من 480 كيلوغراما من القمح، ما يعني أن كل مو يمكن أن يحل مشكلة الغذاء السنوية لثلاثة مصريين على الأقل".

وتابع تشاو، أنه بالإضافة إلى القمح، تزرع محاصيل أخرى مثل البرسيم والبطاطس، والنمو مُرضٍ للغاية.

-- بحر الرمال اللامتناهي ينتج حصادا وفيرا

وبفضل الآبار الصينية، حققت مزرعة (القناة للسكر)، التي تبعد 360 كيلومترا عن العاصمة القاهرة، حصادا وفيرا.

وفي عام 2015، بعد أن طرحت الحكومة المصرية خطة "المليون فدان" لاستصلاح أراض زراعية جديدة في الصحراء، وقعت شركة (القناة للسكر)، وهي مشروع مشترك بين مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، اتفاقية مع الحكومة المصرية لتحويل أكثر من 70 ألف هكتار من الأراضي الصحراوية في محافظة المنيا إلى مزارع لزراعة محاصيل مثل البنجر والبرسيم والقمح، وأنشأت مصنع سكر ضخم في المزرعة.

وفي أبريل 2018، وقعت شركة (القناة للسكر) عقدا لمدة ثلاث سنوات مع شركة (زيبك مصر)، المسؤولة عن حفر الآبار في المنطقة الصحراوية.

ووفقا لأبو مسلم محمد جودة مدير العمليات المصري في زيبك مصر، فإن طبقات المياه الجوفية في صحراء محافظة المنيا تتفاوت في العمق، وحفر الآبار الكبيرة معرض للانهيار والتسرب.

وأضاف أنه "لحل هذه المشاكل، استخدم الفريق الفني في شركة زيبك تقنية الحفر بالرغوة الهوائية، أي استخدام الهواء مع عامل الرغوة بدلا من الطين التقليدي للمساعدة في الحفر، مما ساهم في التغلب على مشكلة تسرب الآبار وتحسين سرعة الحفر بشكل كبير، ولاحقا تعلمت العديد من شركات الحفر المصرية هذه التقنية الجديدة من زيبك من خلال التبادل والمشاركة".

-- بناء "الحزام والطريق" معا لتحسين معيشة الشعب واقتصاده

وخلال ثلاث سنوات، كانت الآبار التي حفرتها شركة زيبك مصر في منطقة المنيا كافية لري 30 ألف فدان من الأراضي.

وصرح مدير مزرعة (القناة للسكر) حسن جمال، بأنه في عام 2023، تم زراعة 22 ألف فدان ببنجر السكر، الذي حوّله مصنع السكر التابع للمزرعة إلى سكر صالح للاستخدام، وجرى بيعه إلى جهات مختلفة، مشيرا إلى أن المزرعة تشهد أيضا زراعة محاصيل مثل البرسيم والقمح، والتي تباع بسرعة بعد حصادها.

وأضاف حسن أن "هذا جزء لا يتجزأ من 193 بئرا حفرتها شركة زيبك".

بينما قال تشاو ووتاو، إن "فريق الحفر في شركة زيبك يعمل بلا كلل في مشاريع توفر سبل العيش في ظل هذه الظروف الصعبة، وذلك للمساهمة في البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق بين الصين ومصر، ويسعدنا بصدق أن نرى مياه الآبار تفيد السكان المحليين".

وتابع أن "مشروع آبار المياه التابع لشركة زيبك لا يساعد السكان المحليين على حل مشكلة الغذاء فحسب، بل يساعد أيضا في حل مشكلة تعاني منها شريحة الشباب المصريين من خلال توفير فرص عمل".

بدوره، قال المصري محمد جابر، الذي يعمل في شركة (زيبك مصر) منذ 5 سنوات، للصحفيين إنه بدأ كعامل عادي، ثم أصبح الآن مدير منصة، قبل أن يضيف "هنا، علمني الأساتذة الصينيون العديد من المهارات، ووجهوني للتغلب على الصعوبات، وأسعى دائما لبذل قصارى جهدي بدعم من فريق التشغيل، وأنا فخور بالنمو والتطور في هذا الفريق".

في حين أوضح فهمي عبد الحميد، مدير تشغيل مشروع بئر مياه العوينات، أن "فريقنا أشبه بأسرة كبيرة، وعند مواجهة الصعوبات يتعاون الموظفون الصينيون والمصريون بخبراتهم لحلها، ومن الأهمية بمكان أن نشارك في بناء هذا المشروع، ونبث الحيوية في هذه الأرض".

صور ساخنة