17 يونيو 2025/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ تتخلّى بعض الدول المتقدمة في الوقت الحالي عن واجبها في خفض انبعاثات الكربون. في المقابل فإن الصين تؤكد التزامها بالمضي قدما في تحقيق هذه المهمة، حيث تعي الصين جيّدا أن الاحتباس الحراري يُهدد بقاء البشرية واستمرار الحضارة.
يُطلق على غازات الاحتباس الحراري، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، اسم غازات الاحتباس الحراري، وهي السبب الرئيسي في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. وفي سياق "خفض الكربون"، يُشير مصطلح "الكربون" إلى هذه الغازات.
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت مرارا من وجود علاقة مباشرة بين ارتفاع انبعاثات هذه الغازات وزيادة وتيرة الكوارث المناخية الخطيرة، مؤكدة على أن الاحتباس الحراري يتسارع بوتيرة مخيفة ومهددة لمستقبل البشر. وتُظهر بيانات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن عام 2024 كان الأكثر حرارة على الإطلاق، وأن الظواهر الجوية المتطرفة قد تكرّرت في أماكن عديدة حول العالم.
وبالمقارنة مع بيانات بداية هذا القرن، فإن معدل تسجيل الأرقام القياسية الجديدة لهطول الأمطار شهريا في عام 2024 كان أعلى بنسبة 27%، وأعلى بنسبة 52% على المستوى اليومي.
أمام المخاطر المناخية التي تعصف بالكرة الأرضية، لا توجد دولة بمنأى عن آثار الاحتباس الحراري. وبالنسبة للصين، تُشير "نشرة المناخ الصينية" إلى أن متوسط درجة الحرارة على مستوى البلاد في عام 2024 قد بلغ 10.9 درجات مئوية، وهو أعلى مستوى منذ عام 1951، كما تجاوز عدد أيام درجات الحرارة المرتفعة المتوسط السنوي بـ6.6 أيام، وهو ثاني أعلى معدل منذ عام 1961. فيما بلغ متوسط هطول الأمطار 697.7 ملم، بزيادة قدرها 9.0% عن المعتاد. وتحدث هذه الكوارث الطبيعية المرتبطة بهذه التغيرات آثارا خطيرة على الإنتاج الزراعي وحياة السكان وممتلكاتهم.
الصين بصفتها دولة كبرى، فإنها تتحمّل مسؤوليات خفض انبعاثات الكربون، بما يسهم في بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية. كما أن خفض الانبعاثات يُمكّن الصين من الحفاظ على مبادرتها الاستراتيجية في مسار التنمية العالمية الخضراء منخفضة الكربون.
ويمكن لهذه الجهود أن تساعد الدول النامية على تحسين قدرتها في مواجهة تغير المناخ، والمساهمة في تحقيق المصير المشترك للبشرية. وتُعدّ الصين اليوم مشاركا ومساهما وقائدا مهما في بناء الحضارة البيئية العالمية. وتشارك بعمق في الحوكمة البيئية العالمية، مع تعزيز مكانتها وصوتها وتأثيرها في نظام هذه الحوكمة.
وفي إطار هذه الجهود، أنشأت الصين أكبر سلسلة صناعية للطاقة الجديدة في العالم، وساعدت صادراتها من منتجات طاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية في عام 2023 وحده، العديد من الدول الأخرى على خفض انبعاثات الكربون بما يقارب 810 ملايين طن.
وعلى صعيد التنمية المحلية، يسهم خفض الكربون في تعزيز التحول الأخضر والتنمية المستدامة في الصين، ويدفع نحو تحسين البيئة الإيكولوجية، وتعزيز التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة. وقد قامت الصين بتعديل هيكل الطاقة، مما انعكس بشكل إيجابي على مستوى توليد الطاقة من المصادر الكهرومائية والنووية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
هذه السياسات الصينية، لم تسهم في خفض انبعاثات الكربون فحسب، بل خففت أيضا من انبعاثات PM2.5 وغيرها من الملوثات. ومنذ عام 2015 إلى عام 2023، انخفض متوسط تركيز PM2.5 في المدن على مستوى المحافظة وما فوق بأكثر من 30%.
وفي منطقة بكين-تيانجين-خبي، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 60% من عام 2013 إلى عام 2022، بينما انخفض تركيز PM2.5 بأكثر من 60%، حيث أسهم خفض الكربون في حل مشكلات ندرة الموارد والضغوط البيئية، وساهم في تحقيق تنمية أكثر استدامة.
وتحتل الطاقة المركبة للصين من مصادر الرياح والطاقة الشمسية والمائية والكتلة الحيوية المرتبة الأولى عالميا. وفي السنوات العشر الأخيرة، انخفضت نسبة الفحم في إجمالي استهلاك الطاقة في الصين بمقدار 12.6 نقطة مئوية. ومن عام 2013 إلى عام 2023، حافظ الاقتصاد الصيني على متوسط نمو سنوي قدره 6.1%، مقابل معدل نمو سنوي لاستهلاك الطاقة بلغ 3.3% فقط. وفي عام 2023، شكّلت الطاقة المتجددة نحو ثلث إجمالي استهلاك الكهرباء في المجتمع.
ويُسهم خفض انبعاثات الكربون في تسريع التقدم التكنولوجي، وتعزيز تحول وارتقاء الهيكل الاقتصادي. وقد أزالت الصين أكثر من 150 مليون طن من الطاقة الإنتاجية المتخلفة في قطاع الصلب، وقامت بتحويل 134 مليون طن نحو الانبعاثات المنخفضة للغاية في كامل عملية الإنتاج.
من جهة أخرى، نجحت الصين في إنشاء أكثر سلاسل إنتاج الطاقة النظيفة اكتمالا وتنافسية في العالم. وتشمل هذه السلاسل إنتاج البولي سيليكون، ورقائق السيليكون، وخلايا البطاريات، والوحدات النمطية، التي تُشكّل أكثر من 80% من إجمالي الإنتاج العالمي، في حين تمثل طاقة تصنيع توربينات الرياح 60% من الإجمالي العالمي.
ويرى الخبراء بأن التزام الصين بخفض الانبعاثات يكشف بأن الأمر يتجاوز البعد البيئي ليصل إلى استكشاف سبل تنموية جديدة. فعندما تتراجع بعض الدول عن التزاماتها، يبقى التزام الصين راسخا، لأن التنمية التي تسعى لتحقيقها تهدف إلى تلبية تطلعات الشعب إلى حياة أفضل، وتعكس فهما عميقا لمفهوم التنمية الجديد.