بقلم / إيمان حمود الشمري، صحفية سعودية
2030 الرؤية والطموح....التقدم والحيطة، إذ أدركت المملكة مخاطر الاعتماد على النفط، وانتشلت نفسها من ضغط تأثيرات تقلب أسعار النفط العالمية، لتنطلق إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي بتنويع مصادر دخلها، ولعبت صداقتها مع الصين دوراً حيوياً في دعم توجهات الرؤية كشريك استراتيجي له نفس المسار والتوجه والطموح، مما انعكس على نوعية التعاونات في عدة مجالات أبرمت من خلالها اتفاقيات عدة، شملت الجانب السياحي، والتكنولوجي والطاقة النظيفة، ومشاريع كبرى تعكس متانة العلاقة بين البلدين .
هناك مثل يقول: ‘‘ لا يوجد إنسان عصامي، لن تصل إلا بمساعدة الآخرين‘‘ فالسعودية والصين يؤمنان تماماً أن علاقتهما تكاملية، وكلاهما يؤمن بروح المشاركة والتبادل والمكاسب المشتركة، وكلاهما لديه رؤية تشمل التنويع الاقتصادي والإصلاحات الاجتماعية والابتكار التكنولوجي وتحسين جودة الحياة، ويريد لتلك الرؤية أن تتجسد على أرض الواقع لتعكس مفهموم تلك الشراكة، فخلال السنوات الأخيرة، سعت المملكة العربية السعودية لتحقيق تحول شامل من خلال التنويع الاقتصادي، وكان لشراكتها مع الصين دوراً مهماً في تأطير تلك العلاقة ضمن خطة واضحة الملامح، لا تقتصر على التبادل التجاري وإنما أيضاً كان لها عمق سياسي حوّل تلك الصداقة لجدار متين لمواجهة الأزمات، والتصدي بنفس الخندق.
بدأت المملكة في تنفيذ خطة التنويع الاقتصادي الذي يشهد نمواً متسارعاً بالأخص في مجال الطاقة الخضراء، والذي كان للصين النصيب الأكبر منه. وفقًا لبيانات من fDi Markets ارتفعت استثمارات الصين في السعودية لتصل إلى 21.6 مليار دولار من عام 2021 حتى أكتوبر 2024، ثلث منها في التقنيات النظيفة مثل البطاريات والطاقة الشمسية والرياح، وأصبحت الصين أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية في المملكة، بحسب تقرير فايننشال تايمز، وتوسعت التعاونات بين البلدين لتحقق تنوع شامل في الاقتصاد الرقمي كمجال رئيسي في مستهدفات رؤية 2030 حيث تسعى المملكة إلى إنشاء مركز عالمي للاقتصاد الرقمي من خلال تعزيز تطبيقات شبكات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، وكانت الشركات الصينية أيضاً واحدة من الشركاء الرئيسيين للمملكة في هذا المجال، وخاصة في بناء المدن الذكية وأنظمة النقل.
وواصلت السعودية زيادة استثماراتها في القطاع السياحي مع الشركات الصينية التي تتمتع بمزاياها الخاصة وتكلفتها التنافسية، إذ أنشأت مجموعة "هواجو" الصينية عدة فروعا لها في المملكة، لافتتاح فنادق جديدة فيها، حيث تسعى المملكة لتحقيق أحد مستهدفات الرؤية بجذب 100 مليون سائح في عام 2030، ولكن المفارقة التي حدثت أن المملكة حققت ذلك بعام 2023 أي قبل أوان التاريخ المنتظر بسبعة أعوام، مما رفع سقف طموحها لاستقطاب 150 مليون سائح بحلول 2030 .
وتبقى الممكلة العربية السعودية نموذج التطور والتحول الهائل الذي يُحتذى به، حيث سارت بخطى ثابتة مستعينة برؤية ملهمة كانت لها بمثابة بوصلة الوصول، لتعزيز نفوذها الاقتصادي، وترسيخ مكانتها في الشرق الأوسط والعالم ككل، تفتح ذراعيها بحب لكل صديق سواء زائر أو مستثمر، وتبرهن للعالم بأجمعه أن تلك الصحراء القاحلة استطاعت أن تنهض وتتحول بفضل رؤية طموحة وقائد ملهم إلى منجم ذهب .