الصفحة الرئيسية >> الصين

مقالة: معدات صينية تساعد مزارعًا كويتيًا في تحقيق حلمه ببناء واحة خضراء في الصحراء

/مصدر: شينخوا/   2025:11:05.16:44

الكويت 5 نوفمبر 2025 (شينخوا) على بُعد أكثر من ساعة بالسيارة جنوب العاصمة الكويتية، تقع منطقة الوفرة الزراعية التابعة لمحافظة الأحمدي، حيث تتحول المناظر تدريجيًا من ملامح المدينة إلى صحراء قاحلة ممتدة على مدّ البصر، حتى إن رؤية شجرة واحدة خضراء على الطريق تكفي لإثارة الدهشة.

تقع الكويت في منطقة الشرق الأوسط وتتميز بمناخ صحراوي حار وجاف، وتربتها فقيرة، مما يجعل النباتات فيها قليلة الأنواع وصعبة النمو، لكن في قلب هذه الصحراء، تمكن المزارع الكويتي ساري العازمي، البالغ من العمر نحو 50 عامًا، من إنشاء مزرعة خضراء نابضة بالحياة بفضل المعدات القادمة من الصين.

وقال العازمي، في حديثه لوكالة أنباء ((شينخوا))، وهو يعبر عن سعادته بإنجازٍ وصفته وسائل الإعلام المحلية بأنه علامة فارقة في تطور الزراعة الكويتية

"في أغسطس الماضي، تمكّنت لأول مرة من بيع الموز الذي زرعته في مزرعتي إلى السوق المحلي، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها بيع الموز المزروع محليًا في الكويت بكميات تجارية".

عند لقائه الصحفيين الصينيين، بدا العازمي متحمسًا وهو يشرح تجربته، وسرعان ما اصطحب الفريق في جولة داخل "واحة الخضار" التي أنشأها في قلب الصحراء، وبمجرد دخول أحد البيوت المحمية، شعر الزائرون بنسمة باردة منعشة، وامتلأت أنظارهم بالخضرة والثمار المتدلية من الأغصان.

وخلال الجولة، أشار العازمي إلى الأنابيب المعدنية الحاملة للهيكل، وسقف البلاستيك الشفاف، كما عرض النظام الإلكتروني للتحكم في التبريد المائي داخل البيت المحمي، مرددًا كلمة "الصين" مرارًا وهو يشير إلى كل قطعة من المعدات، موضحًا أن جميعها صُنعت في الصين، فمن الشريط اللاصق والمنجل إلى الدراجات الكهربائية والجرارات الزراعية، كلها معدات صينية.

تعلّم العازمي أساسيات الزراعة من والده منذ صغره، ونمت معه أحلام تحويل مزرعته الصحراوية إلى واحة خضراء تنتج أنواعًا مختلفة من الفواكه والخضروات. لكن، كما كان الحال مع أجداده، كانت الظروف المناخية القاسية تحول دون تحقيق الزراعة على نطاق واسع.

ومع تعمّق التعاون بين الصين والكويت في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للكويت على مدى 10 سنوات متتالية، كما ازدادت ثقة السوق الكويتي بالمنتجات والتقنيات الصينية. ومن هنا، بدأ العازمي يفكر في السفر إلى الصين بحثًا عن حلول لمشكلاته الزراعية.

يقول العازمي "بدأنا في عام 2016 تطوير الزراعة الحديثة، زرنا عدة دول للاطلاع على التقنيات والمعدات الزراعية، إلى أن شاركت في معرض كانتون في الصين، وهناك رأيت لأول مرة نظام تبريد مائي أوتوماتيكي متطور للبيوت المحمية، أدركت حينها أن هذا هو الحل الذي كنت أبحث عنه".

وأضاف "لقد تركت الصين انطباعًا عميقًا لدينا، في مدينة قوانغتشو تعلمنا أحدث التقنيات الزراعية، ونقلنا كثيرًا منها إلى الكويت".

وبفضل إدخال المعدات الصينية بشكل مستمر، توسعت مزرعته تدريجيًا لتصل إلى 85 ألف متر مربع، تضم أكثر من 200 بيت محمي مجهزة جميعها بأنظمة تبريد مائي، وبفضل هذه الأنظمة، تنخفض درجة الحرارة داخل البيوت إلى أقل من 30 درجة مئوية، حتى عندما تصل الحرارة خارجها إلى نحو 50 درجة، وهو ما مكّنه من تجاوز أكبر عقبة في الزراعة الصحراوية "التبخر الشديد بسبب الحرارة العالية".

ووفقًا لاتحاد المزارعين الكويتيين، يوجد في الكويت حاليًا نحو 7500 مزرعة تجارية تتركز في منطقتي الوفرة والعبدلي، ويعتمد معظمها على المعدات والمواد الزراعية المستوردة من الصين، بدءًا من الآلات الثقيلة والخفيفة إلى أنظمة التبريد والتهوية والمبيدات والأسمدة وأنظمة الري بالتنقيط ومواد الحماية.

بدافع شغفه بالزراعة، بدأ العازمي يتابع أسعار الفواكه في السوق المحلي، ويقول "تعتمد الكويت بشكل كبير على استيراد الخضروات والفواكه، وكانت أسعار الموز مرتفعة نسبيًا، ومع توفر البيوت المحمية، تساءلت: لماذا لا نزرع الموز بأنفسنا؟".

بدأ العازمي التجربة بزراعة ثماني شجرات موز فقط، فنجحت التجربة بدرجة غير متوقعة، أثمرت الأشجار وأنتجت فسائل جديدة من الجذور، وهكذا توسعت المزرعة من 1000 شجرة إلى 2000 ثم إلى أكثر من 20 ألف شجرة موز اليوم.

وأوضح العازمي "نحن نزرع ليس فقط من أجل الربح، بل لخدمة وطننا العزيز الكويت، كما ذكرت سابقًا، يبلغ سعر الموز المستورد حوالي 0.6 دينار كويتي للكيلو جرام، بينما يُباع الموز المحلي بنحو 0.3 دينار (الدينار الكويتي الواحد يعادل نحو 3.25 دولار أمريكي)، أي أننا خفضنا السعر إلى النصف، فضلاً عن ميزة الطزاجة لأن الموز المحلي يُنقل مباشرة من المزرعة إلى المستهلك".

وفي الوقت نفسه، تتزايد أنواع الفواكه المزروعة في مزرعته، حيث نجح حتى الآن في زراعة أكثر من 30 نوعًا من الفواكه والخضروات، منها البرتقال والتنين (فاكهة التنين)، وباتت مزرعته واحة خضراء حقيقية وسط الصحراء، كما أصبحت وجهة سياحية يقصدها المواطنون وأفراد من الأسرة الحاكمة في الكويت، وحصل العازمي على تكريمين من أمير البلاد تقديرًا لجهوده.

وعند غروب الشمس، ومع مشهد قرصها الأحمر يختفي خلف الكثبان الرملية، واصل العازمي جولته مع الصحفيين عبر أركان مزرعته، قبل أن يشعل بخورًا عربيًا تقليديًا رمزًا للترحيب والصداقة، مقدّمًا المبخرة مرارًا لضيوفه الصينيين.

وبينما انتشرت رائحة العود الزكية في المكان، بقيت في الأذهان قصة هذه "المعجزة الخضراء" التي ازدهرت في صحراء الكويت بفضل التعاون الصيني الكويتي. /نهاية الخبر/

صور ساخنة