أعلنت الصين مؤخراً في الاجتماع رفيع المستوى لمبادرة التنمية العالمية الذي استضافته الصين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك ما يلي: بصفتها دولة نامية كبيرة ومسؤولة، لن تطلب الصين أي معاملة خاصة ومميزة جديدة في مفاوضات منظمة التجارة العالمية الحالية والمستقبلية. وقالت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نجوزي أوكونجو إيويالا، إن هذا يعد لحظة حاسمة للمنظمة، وإن قرار الصين يعكس التزامها ببناء نظام تجاري عالمي أكثر توازناً وعدلا. وأضافت أن الصين أرسلت إشارة قوية لدعم إصلاحات منظمة التجارة العالمية، وأن هذه الخطوة بلا شك ستضخ نشاطاً في المناقشات ذات الصلة وتساعد في بناء منظمة أكثر مرونة وكفاءة.
يواجه نظام التجارة متعددة الأطراف القائم على القواعد تحديات شديدة في الوقت الحالي. إن صوت المجتمع الدولي المطالب بالحفاظ على نظام التجارة متعددة الأطراف يزداد قوة، كما تتصاعد التوقعات لدور المنظمة العالمية للتجارة بشكل أكثر فعالية.
أعرب هوجيان قوه وهو أستاذ مساعد بكلية القانون بجامعة نانكاي، بأن الاقتصاد والمجتمع الصينيين قد تطورا بشكل شامل وسريع منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، وأصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأول دولة في تجارة السلع وثاني دولة في تجارة الخدمات، ولديها القدرة على لعب دور أكبر في الحفاظ على نظام التجارة متعددة الأطراف والمشاركة في إصلاح منظمة التجارة العالمية وتعديل القواعد التجارية والاقتصادية الدولية. وفي هذا السياق، فإن هذه الخطوة الصينية تعد إجراءً هامًا للحفاظ على نظام التجارة متعدد الأطراف وتعزيزه.
كما أوضح البروفيسور جي ون هوا من كلية القانون بجامعة الاقتصاد والتجارة الدولية أن المعاملة الخاصة والمتميزة هي ترتيب مؤسسي يُمنح للدول الأعضاء النامية في إطار منظمة التجارة العالمية. وباعتبارها أكبر دولة نامية في العالم، التزمت الصين دائمًا بقواعد المنظمة وأوفت بالتزاماتها كلها منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية. وعلى هذا الأساس، تواصل الصين ممارسة الحقوق ذات الصلة وفقاً للقانون، وهو ما يتفق مع القانون الدولي ومبادئ منظمة التجارة العالمية. في الوقت الحاضر، شنت بعض البلدان حروبًا تجارية وحروبًا جمركية واحدة تلو الأخرى، مما يهدد بشكل خطير النظام التجاري المتعدد الأطراف، ويعطل النظام الاقتصادي والتجاري الدولي، ويجلب عدم اليقين وعدم الاستقرار للتنمية الاقتصادية العالمية. وباعتبارها عضوا مهما في منظمة التجارة العالمية، فإن الإعلان الاستباقي للصين من شأنه أن يساعد في كسر الجمود في قضايا التنمية في منظمة التجارة العالمية، وتعزيز إصلاح هذه المنظمة، وتعزيز ثقة البلدان النامية في نظام التجارة المتعدد الأطراف.
وقال هان يونغ مدير دائرة التجارة العالمية بوزارة التجارة الصينية إن هناك "ثلاثة أشياء لن تتغير" بالنسبة للصين في مفاوضات منظمة التجارة العالمية الحالية والمستقبلية: لن يتغير وضع الصين كعضو نام، ولن يتغير تصميمها على الدفاع عن الحقوق والمصالح المشروعة للدول الأعضاء النامية، ولن يتغير موقفها بشأن تعزيز تحرير وتسهيل التجارة والاستثمار العالميين.
وقال تو شين تشوان عميد المعهد الصيني لأبحاث منظمة التجارة العالمية في جامعة الاقتصاد والتجارة الدولية، إن وضع العضو النامي هو شرط أساسي للتمتع بمعاملة خاصة وتفضيلية، ولكن عدم السعي للحصول على معاملة خاصة وتفضيلية جديدة لا يعني التخلي عن العضو النامي. لطالما كانت الصين جزءًا من دول الجنوب العالمي، وستظل دائمًا إلى جانب الدول النامية. ورغم أن الصين لا تسعى إلى أي معاملة خاصة أو تفضيلية جديدة، فإن وضعها كعضو نامٍ في منظمة التجارة العالمية لن يتغير، وستواصل دعمها القوي للدول النامية الأخرى في سعيها إلى حقوقها ومصالحها المشروعة. مضيفا، أن "ثلاثة أشياء لن تتغير" هي التزام الصين الرسمي بالحفاظ على نظام التجارة المتعدد الأطراف، وهي أيضا الإجراءات العملية التي اتخذتها الصين لحماية المكانة الصحيحة للدول النامية في الحوكمة العالمية.
وقال جي ون هوا إنه من المهم الإشارة إلى أن ورقة الموقف والشروحات السياسية ذات الصلة التي قدمتها الصين إلى منظمة التجارة العالمية تحدد بكل وضوح ودقة الظروف ونطاق الخطوة الصينية المعمول بها. أولا، لا ينطبق هذا الإجراء إلا في إطار منظمة التجارة العالمية، ولن يشكل سابقة أو يكون له أي تأثير على وضع الصين ومعاملتها في المنظمات أو المعاهدات الدولية الأخرى. ثانيًا، يتعلق هذا الإجراء فقط بما إذا كانت الصين تسعى للحصول على معاملة خاصة وتفضيلية في المفاوضات، ولا يتضمن تغيير وضعها كدولة نامية. وإن كون الصين دولة نامية يتوافق مع قواعد وممارسات منظمة التجارة العالمية، كما أنه يتماشى مع مرحلة نموها. وعلاوة على ذلك، فإن هذا الإجراء يقصد فقط عدم السعي إلى الحصول على معاملة خاصة وتفضيلية جديدة في مفاوضات منظمة التجارة العالمية الحالية والمستقبلية، ولا يتضمن (أو ينطبق بأثر رجعي على) المعاملة الخاصة والتفضيلية التي تتمتع بها الصين بالفعل والتي طلبتها في المفاوضات الحالية. ولذلك فإن أي تصريح أو تعبير بأن هذه الخطوة تعني أن الصين تحولت إلى دولة متقدمة ولم تعد دولة نامية في إطار منظمة التجارة العالمية هو تفسير غير صحيح أو مشوه ومضلل.
وفي السنوات الأخيرة، دعمت الصين بقوة نظام التجارة المتعدد الأطراف، وشاركت بشكل كامل وعميق في إصلاح منظمة التجارة العالمية وتعديل القواعد الاقتصادية والتجارية الدولية، وعززت بشكل مستمر تطوير نظام الحوكمة الاقتصادية العالمية في اتجاه أكثر عدالة ومعقولية.
وقال جي ون هوا: "في الوقت الحالي، تستمر الحمائية والأحادية في الانتشار، خاصة مع تجاهل بعض الدول الكبرى للقواعد الدولية وتطبيق تدابير تعريفية أحادية الجانب بالقوة، مما يشكل تحديًا خطيرًا لسلطة وفعالية منظمة التجارة العالمية. في هذه المرحلة الحرجة، تتخذ الصين إجراءات عملية لكسر قيود لعبة المحصلة الصفرية، وإظهار مسؤوليتها الكاملة في تعزيز التنمية العالمية. وتعكس هذه الخطوة التزام الصين بحماية النظام الاقتصادي والتجاري العالمي، وتُبرز دورها الريادي في الحوكمة العالمية".