بنوك السائل المنوي في الصين تناضل من اجل جذب متبرعين

بكين 14 يوليو 2013/ " انه لشعور غريب أن تدرك أن أحدا ممن تقابلهم في الشارع يوما ما قد يكون ولدك وأنت لا تعرف ذلك." قال تشو تشنغ، احد المتبرعين بالسائل المنوي من مقاطعة خبي شمالي الصين، ومازالت تنتابه أحاسيس معقدة بعد عقد من تبرعه.

كان تشو طالبا في الجامعة عندما قرر أن يتبرع بسائله المنوي من أجل مساعدة الأزواج الذين يعانون من العقم، بيد أن الفكرة في كونه الأب البيولوجي لطفل لا يعرفه جعلته يشعر بالخوف وأبعدته عن القيام بذلك مرة أخرى.

ووفقا للقانون الصيني، إن الحيوانات المنوية المتبرع بها من قبل رجل واحد، يمكن أن تستخدم في تلقيح خمس نساء على الأكثر.

وبالنسبة إلى تشو، وهو متزوج ولديه طفل، يعني هذا أنه ربما لديه ستة أطفال على الأكثر.

وقال "إن ذلك يؤرقني كثيرا، عندما يخطر ببالي أن هناك خمسة أطفال آخرين قد يكونوا من ذريتي."

وتواجه بنوك السائل المنوي نقصا متزايدا في الحيوانات المنوية السليمة الصحية، على الرغم من الجهود الكبيرة المستمرة للبحث عن المزيد من المتبرعين .

وأنشأ أول بنك للسائل المنوي في الصين في ثمانينات القرن الماضي في مقاطعة هونان بوسط الصين، ووصل عدد البنوك إلى 17 في عموم البلاد بعد حوالي ثلاثة عقود، ويعد بنك السائل المنوي في خبي آخر بنك يعلن عن نقص في الحيوانات المنوية المؤهلة للإخصاب .

وأشار تشاو بانغ رونغ، مدير بنك السائل المنوي، إلى أن هناك نحو 700 زوج في انتظار الحيوانات المنوية، إلا أن البنك لم يستقبل إلا 200 متبرع فقط في النصف الأول من العام الجاري، مقارنة مع 650 متطوع في نفس الفترة من العام الماضي.

وليس كل متطوع قادرا على التبرع ، إذ يمكن لـ20% فقط من المتبرعين مطابقة المواصفات التي تحددها هيئات الصحة لضمان جودة الحيوانات المنوية، وفقا لتشاو.

حيث انه لا يمكن للمصابين بأمراض وراثية أو بنشاط أشعاعي ، إضافة إلى من سبق لهم التدخين بكثرة أو إدمان المشروبات الكحولية أن يتبرعوا بمنيهم.

كما أن هناك طلبات أخرى لعدد معين من الحيوانات المنوية في عينة النطفة.

وقال تشاو "يعتقد بعض الناس بالخطأ أن عدم التأهل للتبرع يعني أن لديهم مشاكل في القدرة الإنجابية", مضيفا إن مثل هذه المخاوف تزيد من نفور المتبرعين المحتملين.

ويرجع السبب الآخر إلى التصورات الثقافية، إذ يتردد بعض المتطوعين في التبرع لأنهم يعتقدون أن ذلك يعني خيانة للنسب الذي ينبغي أن يستمر داخل العائلة.

"يعتبر السائل المنوي، في الأفكار التقليدية الصينية، جزءا ثمينا من جسم الرجل، لذلك يخشى الكثير من الرجال من إضرار صحية في حال تبرعه ." وفقا لتشاو.

كما يعد التبرع بالسائل المنوي، إلى حد ما، أمرا محرجا في مجتمع ما زال يجد صعوبة عند فتح نقاش عام حول الموضوعات المتصلة بالجنس.

وذكر تشاو أنه من المقبول بالنسبة لبعض الناس أن يشاهدوا الإعلانات غير التجارية التي تشجع على التبرع بالدم، ولكن الإعلانات التي تدعو إلى التبرع بالسائل المنوي قد لا يتقبلونها.

وأصبح هذا النقص مشكلة أكبر في وقت يعاني الأزواج فيه من صعوبة الإنجاب .

وفي هذا السياق، أوضحت أرقام إحصائية صادرة عن جمعية الصين للسكان في نهاية عام 2012، أن 400 مليون شخص لديهم مشكلات في الخصوبة، وهو ما يمثل 12.5% من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و49 سنة، في حين كانت هذه النسبة 3% فقط قبل عقدين.

"يعتبر التلوث البيئي والغذاء غير الآمن فضلا عن ضغوط العمل الكبيرة وغيرها من العوامل من الأسباب التي تخفض من احتمالات الحمل الناجح والصحي." حسبما قال ليو شياو تشيون، نائب عميد معهد البحوث لتنظيم الأسرة.

وقال ليو إن عيادته كانت تستقبل نحو عشرة مرضى يعانون من مشاكل في الخصوبة يوميا قبل خمس سنوات، ولكن الآن ارتفع العدد إلى 30 مريضا يوميا."

وأدى نقص الحيوانات المنوية، علاوة على نمو نسبة العقم إلى الاتجار والتلقيح غير الشرعي في الأسواق السوداء.

ويغامر الأزواج الذين يلجؤون إلى التلقيح الاصطناعي غير القانوني ، حيث من الممكن أن يصابوا بأمراض تناسلية نظرا لأن المتبرعين لم يخضعوا للفحص الطبي.

وفي إطار الجهود المبذولة للتخفيف من حدة النقص، أطلقت بنوك السائل المنوي في عموم الصين حملة لإلقاء المزيد من الضوء على التبرع بالسائل المنوي وجذب المزيد من المتبرعين.

ويوجد على موقع المدونات الصغيرة الصينية سينا ويبو رسائل عديدة تنذر بالنقص في بنوك السائل المنوي وتشجع الناس على التبرع ، بيد أن تأثير الجهود المبذولة على الإنترنت ما زال غامضا.

"مثلما تتبرع بالدم، يعد التبرع بالسائل المنوي عملا إنسانيا وخيريا." وفقا لما قال تشاو, مضيفا بأن جذب الجماهير من خلال حملة توعوية يعتبر طريقا فعالا للحد من النقص.

/مصدر: شينخوا/