تقرير سنوى : الصين وماليزيا تأملان فى إقامة علاقات أوثق فى الذكرى الأربعين للعلاقات الدبلوماسية

كوالالمبور 17 ديسمبر 2013 /هناك مثل ماليزي يقول "الماء المتدفق لايمكن قطعه "، ولا يوجد ماهو أفضل من ذلك لوصف العلاقات الودية التقليدية التي تجمع الصين وماليزيا، وفقا لما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارته الى ماليزيا في اكتوبر.

وقد أعلنت زيارة شي عن بدء عصر جديد في العلاقات الصينية - الماليزية وباتت معلما هاما منذ اقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل قرابة أربعة عقود. ومع احتفال الصين وماليزيا بالذكرى الاربعين لاقامة علاقات رسمية بينهما، فإن فرصا كبيرة في انتظارهما.

صداقة قديمة قال شي خلال منتدى اقتصادي عقد بالعاصمة الماليزية كوالالمبور "أثبتت البلدان أنهما جارتان جيدتان وصديقتان جيدتان وشريكتان جيدتان في السراء والضراء معا". وذكر كيف ان البلدين عملا معا في أعقاب الازمتين الماليتين في عامي 1997 و 2008 والمساعدات التي قدمتها ماليزيا للصين في اعقاب زلزال ونتشوان المدمر في 2008. ويعود تاريخ الصداقة التقليدية الى عقود مضت، عندما وصل البحار الصيني الكبير تشنغ خه الى سلطنة ملقا في شبه الجزيرة الماليزية خلال حكم أسرة مينغ الصينية ومد أيادي الصداقة للشعب في الأراضي البعيدة. وبعد 600 عام وفي 1974، اتخذت ماليزيا، بقيادة رئيس وزرائها الثاني عبد الرزاق بن حسين، خطوة شجاعة لتصبح اول دولة في رابطة دول جنوب شرق اسيا (الآسيان) تقيم علاقات مع الصين بينما أخرت الخلافات الايديولوجية نظراءها عن اتخاذ الخطوة نفسها.

ويقول بونج هون ليونج رئيس غرفة التجارة الماليزية - الصينية الذي شهد النمو السريع للعلاقات الثنائية خلال مهنته فى الأعمال في كلا البلدين منذ أكثر من عقدين "كان رئيس الوزراء عبد الرزاق بعيد المدى في تحقيقه الاختراقه".

ثمار وفيرة منذ اقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وبخاصة عقب الاصلاح والانفتاح في الصين، استثمرت الشركات الماليزية، خاصة الشركات الصينية المملوكة لصينيين فى ماليزيا ، بكثافة وحققت اسهامات كبيرة للاقتصاد الصيني. ومن ناحية، تتطلع الكثير من الشركات الصينية الى الحصول على فرص في ماليزيا. وتعد الصين حاليا اكبر شريك تجاري لماليزيا عالميا كما تعد ماليزيا اكبر شريك تجاري للصين بين دول رابطة الآسيان، ويتوقع ان تصبح ثالث دولة يصل حجم تجارتها السنوي مع الصين الى 100 مليار دولار في آسيا بنهاية عام 2013 بعد اليابان وكوريا الجنوبية. ووفقا لآخر الإحصاءات التي أصدرتها الإدارة الصينية العامة للجمارك، فقد سجل حجم التجارة الإجمالي بين ماليزيا والصين زيادة قدرها 12.1 في المائة على اساس سنوي ليصل الى 85.85 مليار دولار خلال الشهور العشرة الاولى من 2013 وهو ما يمثل ربع اجمالي التجارة بين الصين والاسيان. وفي خطوة تهدف الى دفع التجارة والاستثمارات، أقامت الصين وماليزيا منطقتين صناعيتين مشتركتين في تشينتشو بالصين وكوانتان بماليزيا. كما وافقت الصين على منح اثنين من الباندا العملاقة لماليزيا على سبيل القرض ، ومن المتوقع أن يصلا فى مطلع 2014 تزامنا مع احتفالات الذكرى ال40 لإقامة علاقات دبلوماسية في بادرة على الصداقة الكبيرة التي تجمعهما. وفي الحقيقة، فإن العلاقات الثنائية تدعمها الروابط الوثيقة والتبادل المتكرر بين كبار الزعماء، وكما قال شي انه ورئيس الوزراء الماليزى نجيب رزاق "نشعر وكأننا صديقين قديمين من اللقاء الأول" وعندما زار نجيب الصين للمرة الاولى بعد توليه منصب رئيس الوزراء في 2009، قدم هدية لنظيره الصيني ون جيا باو، عبارة عن صورة لرئيس الوزراء رزاق، والد نجيب الراحل،، وهو يوقع بيانا مشتركا لإقامة العلاقات الدبلوماسية مع رئيس مجلس الدولة الصينى آنذاك تشو ان لاي.

الارتقاء بالعلاقات وعززت زيارة الدولة التي قام بها شي العلاقات الوثيقة بالفعل. وخلال الزيارة، ارتقت الصين وماليزيا الى مستوى جديد من التعاون الثنائي عبر رفع علاقاتهما الى شراكة استراتيجية شاملة ووقعا برنامجا للتعاون الاقتصادي والتجاري يستمر لخمسة أعوام، وأعلنا عن توسيع حجم تجارتهما السنوية الثنائية إلى 160 مليار دولار بحلول 2017. كان وزير الخارجية الافغاني حنيفة امان قد صرح لوكالة انباء (شينخوا) قبيل زيارة شي "ان اختيار الرئيس شي جين بينغ زيارة ماليزيا قبل مرور أقل من عام على توليه منصبه هو برهان على العلاقات الثنائية القائمة الممتازة ويعكس التزام الصين العميق بتقوية العلاقات الوثيقة مع ماليزيا خلال رئاسته". وكما أشار شي خلال الزيارة، فإن "الصين تقدر بقوة علاقاتها مع ماليزيا التي تقع في صدارة علاقات الصين بدول الآسيان". ومن جانبه، قال رئيس الوزراء نجيب ان بلاده تأمل فى تحسين الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع الصين قائلا "إن الصين صديق جدير بالثقة لماليزيا، وتتمتع علاقاتنا الثنائية بآفاق رحبة".

شركاء اقليميون فى الوقت نفسه ،عملت الصين وماليزيا عن قرب لمعالجة القضايا الدولية والاقليمية. وقال وزير الخارجية الماليزى حنيفة "اعتبرت ماليزيا الصين على الدوام صديقا وشريكا حقيقيا فى السعى الى تحقيق السلام والازدهار للمنطقة". وحول التعاون الاقليمي، قال نجيب ان ماليزيا، بوصفها عضوا مؤسسا للآسيان، مستعدة للاسهام فى علاقات أقوى بين الصين والآسيان. واضاف خلال مقابلة اجرتها معه وكالة انباء (شينخوا) "ان الصين ليست مجرد شريك للحوار مع الآسيان فحسب، وانما هى ايضا جزء لا يتجزأ من قمة شرق آسيا". وتابع "ولذلك، فالعلاقات بين الصين والآسيان هامة للغاية ومستمرة بالنمو خاصة فيما يتعلق بالتجارة والاستثمارات الصينية في مشروعات البنية الأساسية الكبرى في المنطقة بكاملها". ويقول محلل ان العلاقات والتعاون بين الصين وماليزيا من شأنها ان تمثل نموذجا مشرقا في المنطقة. ويقول اوه اي سون المحلل السياسي والسكرتير السياسي السابق لنجيب " رغم استمرار وجود نزاعات اقليمية بينهما في بحر الصين الجنوبي، الا ان التركيز الذي لا يتجزأ لعلاقاتهما هو التعاون الاقتصادي". وعندما تحتفل البلدان بالذكرى ال40 لاقامة علاقات ثنائية في 2014، هناك إمكانية كبرى للتعاون ينبغي اغتنامها في الأمن والمالية والتجارة والاستثمار والجيش والتكنولوجيا. وقال نجيب "انني سعيد كرئيس للحكومة ومن الناحية الشخصية لكون والدى الراحل هو الذى بدأ في 1974 العلاقات الهامة جدا المزدهرة حاليا بين البلدين".

/مصدر: شينخوا/