الفن المصري في الصين نافذة جديدة للصداقة والتعاون

بقلم السيد/ محمد جابر أبو على، المستشار الثقافي المصري بالصين

لم تبدأ العلاقات بين مصر والصين منذ اعتراف مصر بجمهورية الصين الشعبية عام 1956، حيث كانت من أوائل الدول العربية التي اعترفت بها، ولا منذ بدء التبادلات الدبلوماسية بينهما في العصر الحديث عام 1928، بل هي علاقة قديمة تمتد إلي أكثر من ألفي عام عبر مختلف عصور التاريخ، فهما حضارتان من أقدم حضارات العالم. وبينهما الكثير من أوجه التماثل والتقارب.

وفي الوقت الحالي أيضاً، تربط مصر والصين بعلاقات تعاون ثنائية تجارية وثقافية، حيث تجمعهما المصالح المشتركة والأهداف الواحدة في أن يسود السلام والأمن والاستقرار مختلف أنحاء العالم. لقد كانت مصر والصين دائما من الدول الداعية إلي السلام المطالبة بالتصدي لخطر الإرهاب إدراكاً منهما لما يمثله من خطر علي المجتمع والتقدم والتنمية، وعلي الحضارة الإنسانية بوجه عام.

لذلك لم يكن غريباً أن تزداد العلاقة بين البلدين متانة، وأن نجد علي ضفاف النيل بالقاهرة هذا العام احتفالاً صينيا بعيد الربيع ورأس السنة القمرية وأن تقام المهرجانات الفنية المصرية الصينية في قلعة صلاح الدين الأثرية العريقة، فالفن هو الرسالة المعبرة عن تقدم المجتمعات والرقي الإنساني.

وفي إطار الاحتفال بالذكري الثامنة والخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين والجهود التي تبذلها الدولتان لتوثيق أواصر الصداقة فيما بينهما، نظمت السفارة المصرية والمكتب الثقافي المصري مع جمعية الصداقة مع الدول الأجنبية ببكين احتفالاً بهذه المناسبة. وفي هذا الاحتفال يقام معرض للوحات الفنية لفنان مصري عالمي هو الدكتور عبد المنعم معوض، وهو من المبدعين الذين يثرون الحياة الفنية في مصر اليوم. وتجمع أعماله ما بين عراقة التراث المصري الشعبي والإسلامي وإبراز جمال الطبيعة والبيئة في مصر خاصة البيئة الساحلية، حيث يظهر في لوحاته ملامح تلك البيئة الساحرة بألوانها الخلابة.

ومن أهم ما يتميز به هذا الفنان احساسه المرهف بالألوان ومهارته في توظيف اللون واستغلال تداخل الألوان وبهائها في نقل انطباعاته المرهفة عن البيئة المصرية والتراث المصري الذي يظهر تأثيره بوضوح في لوحاته.

كما يقبل علي استخدام مميزات الزخرفة الإسلامية ببراعة واضحة. ولهذا فإن لوحاته تثري خيال المتذوق بحصيلة متنوعة من العناصر الزخرفية والجمالية الفريدة. وتعتبر مشاهدة لوحاته بمثابة تجربة شعورية تسمو بالوجدان وتعكس الجمال الذي قد لا ننتبه إليه في الطبيعة من حولنا.

ولا شك أننا اليوم في أمس الحاجة إلي الدور العظيم للفن من أجل الارتقاء بالإنسان والتصدي لقوي الشر والتطرف والإرهاب. وإذا كنا بصدد تقوية أواصر الصداقة بين مصر والصين فلا شك أن الفن يعتبر وسيطاً مثالياً للقيام بهذا الدور، فالروابط الثقافية والفنية لا تقل أهمية عن العلاقات السياسية والاقتصادية، بل إنها ربما تكون أبعد أثراً وأكثر استدامة.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/