الجزائر 20 ديسمبر 2012 / توجت زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إلى الجزائر التي اختتمت مساء اليوم (الخميس) باتفاق البلدين على "فتح مرحلة جديدة" في علاقات البلدين وتجاوز الخلافات التاريخية بينهما.
ونص إعلان الجزائر حول الصداقة والتعاون بين البلدين الموقع بين الرئيسين عبدالعزيز بوتفليقة وأولاند على أن "الجزائر وفرنسا عازمتان على فتح مرحلة جديدة في علاقاتهما" فيما أكدا البلدان ضرورة " وضع حد" لخلافات الذاكرة بين البلدين بعد استقلال الجزائر.
وأكد الإعلان المشترك أنه لبلوغ ذلك ينبغي علي البلدين "مواجهة الماضي سويا بتبصر وموضوعية مع البحث عن طريقة تسمح بقراءة موضوعية للتاريخ".
وتناول الاعلان علاقات التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي فضلا عن التبادلات البشرية.
ووفقا للاعلان، فان البلدين أقاما "علاقات إنسانية وودية وثقافية مكثفة في جميع المجالات وان الوقت قد حان لإعطاء هذه العلاقات دفعا قويا من أجل ترقيتها إلى مستوى قدراتهما وتطلعات شعبيهما".
وأكد البلدان، بحسب البيان، عزمهما الاضطلاع بـ"دور متميز" في بناء فضاء أورومتوسطي للسلم والأمن والديمقراطية والعدالة والحرية والتنمية والرقي.
كما قررا "تطوير شراكة متميزة وطموحة تقوم على المساواة والتبادل المحترم وتوازن المصالح والتضامن"، وأكدا أن هذه الشراكة "لابد أن تدمج جميع أبعاد علاقتنا كما أنها ستتطور بسرعة في شتى الميادين".
وأعرب البلدان عن أملهما في "ايجاد سويا" ردود تتلاءم مع تحديات عالم يشهد تحولات عميقة .
واعتبر البلدان أن كلاهما "يتوفران على مؤهلات بإمكانهما تثمينها في إطار حوار سياسي مفعم بالثقة ومعمق".
وقررا بهذه المناسبة تعزيز التبادل الرفيع المستوى حول المسائل الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك .
ومن أجل ضمان متابعة العلاقة الثنائية في جميع جوانبها أنشأ الجانبان "لجنة حكومية مشتركة رفيعة المستوى" يترأسها مناصفة الوزيران الأولان (رئيسا حكومتي البلدين).
وستعقد هذه اللجنة اجتماعها الأول في 2013 لتجتمع بعد ذلك بصفة منتظمة وفق الإجراءات التي سيتم تحديدها لاحقا.
وفيما يتعلق بالتبادلات البشرية ، اعتبر الاعلان أنها "تؤكد الروابط الوثيقة وتمثل ثروة هائلة بالنسبة للبلدين".
واتفق البلدان في هذا الاطار على " تشجيع أوسع لتنقل الرعايا بين البلدين ".
وأكد الجانبان ضرورة "العمل للاستجابة للانشغالات المعبر عنها من أحد الطرفين فيما يخص دخول وإقامة رعاياه على أراضي الطرف الآخر وكذا احترام حقوقها".
أما بشأن التعاون الإقتصادي بين البلدين ، قرر الجانبان إعطاء دفع جديد لها من خلال "تشجيع انتعاش متوازن لتبادلاتهما وتشجيع تطوير الاستثمارات بين مؤسساتهما".
ويعتزم الجانبان ، وفق الاعلان ، " تطوير إستراتيجية تهدف إلى ترقية الشراكات الصناعية بين المتعاملين الجزائريين والفرنسيين".
وحسب الاعلان " من المفترض أن تعود هذه الإستراتيجية بالفائدة على الطرفين وأن تتجسد من خلال تطوير الاستثمار أو استحداث مناصب عمل على أراضي كل منهما إضافة إلى تحويل الكفاءات والتكنولوجيات".
ولهذا الغرض ، قرر الطرفان المصادقة على إعلان مشترك لصالح شراكة صناعية وتكنولوجية.
وبخصوص التعاون الثقافي ، نص الإعلان على أن "الجزائر وفرنسا وعلى مدار السنين عملتا على تطوير تعاون وثيق في العديد من المجالات، ووعيا منهما في مواصلة التبادلات وتكثيفها أعد البلدان سويا وثيقة تحدد محاور تعاونهما خلال الفترة 2013 /2017".
وأعرب الطرفان عن أملهما في "إيلاء أولوية واضحة للتربية والتكوين حيث قررا إعطاء بعد هام للتكوين المهني لفائدة الشباب ضمن الوثيقة الإطار الجديدة للشراكة".
واتفقا على "إعطاء دفع معتبر لعلاقاتهما وللتبادلات الثقافية من خلال إبرام اتفاقات في هذا المجال وتسهيل كل نشاطات المؤسسات التربوية من الطرفين على أراضيهما".
كما قرر الجانبان "وضع كل التسهيلات التي من شأنها ترقية وتشجيع المبادرات التي تسمح بالتوصل إلى معرفة متبادلة بين شباب البلدين تلبية لتطلعاتهما".
وكان الرئيس الفرنسي دعا في وقت سابق من اليوم في خطاب أمام نواب البرلمان الجزائري إلى تجاوز عقدة الماضي الاستعماري والنظر إلى مستقبل البلدين، معترفا بوقوع جرائم في حق الشعب الجزائري في تلك الفترة التي دامت 132 عاما.
وقال أولاند "إن السؤال البسيط العميق المطروح على بلدينا، هل باستطاعتنا معا كتابة صفحة جديدة في تاريخنا؟ إنني أعتقد ذلك، وهذا ما أريده و أتمناه".
وأقر بأنه " خلال 132 سنة (1830-1962) خضعت الجزائر لنظام ظالم ووحشي، وهذا النظام يحمل اسما هو الاستعمار".
وأضاف " أعترف هنا بالمعاناة التي تسبب فيها الاستعمار للشعب الجزائري ومن ضمن هذه المعاناة مجازر سطيف وقالمة وخراطة (مدن جزائرية تقع شمال شرق البلاد) التي تبقى راسخة في ذاكرة ووعي الجزائريين".
وتابع أنه "في الثامن من مايو 1945 بسطيف (300 كلم شمال شرق الجزائر العاصمة) عندما كان العالم ينتصر على البربرية تخلت فرنسا عن مبادئها العالمية" في إشارة إلى مقتل 45 ألف جزائري على يد الجيش والشرطة الفرنسية في مظاهرات خرجت للمطالبة باستقلال الجزائر، وهو اليوم الذي انتصر فيه الحلفاء على ألمانيا النازية.
واعتبر الرئيس الفرنسي أنه "يجب قول الحقيقة أيضا بشأن الظروف التي تخلصت فيها الجزائر من النظام الاستعماري، وبشأن هذه الحرب التي لم تسم باسمها في فرنسا، أي حرب الجزائر".
وقال "نحن نحترم الذاكرة .. كل الذاكرة، ومن واجبنا أن نقول الحقيقة حول العنف والظلم والمجازر والتعذيب.. التاريخ حتى عندما يكون مأساويا ومؤلما بالنسبة لبلدينا لابد من تسليط الضوء عليه".
وأضاف "لكي تستمر الصداقة يجب أن تقوم على الحقيقة والحقيقة واجبة علينا إزاء جميع الذين تضرروا بتاريخهم المؤلم ويريدون فتح صفحة جديدة".
وفي أول تصريح لمسؤول جزائري حول الخطاب، رحب وزير المجاهدين (قدامى المحاربين) الشريف عباس باعتراف الرئيس أولاند بما ارتكبته بلاده في الجزائر خلال فترة الإحتلال التي دامت 132 عاما.
وقال عباس " إنه خطاب قريب مما نتمناه بنسبة محترمة بخصوص الإعتراف بجرائم الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري".
وأوضح أن هذا الخطاب "سيكون محل دراسة وتحليل معمق وعندها يمكن أن نوضح الرؤية أكثر فأكثر لكن على العموم الخطاب متفائل وحمل تصريحا جيدا".
يشار إلى أن البلدين وقعا خلال الزيارة على سبع اتفاقيات تعاون تتعلق بالصناعة والزراعة والدفاع والدبلوماسية والتعاون المالي والحماية والأمن المدني بالإضافة إلى اتفاقية لإنشاء مصنع السيارات رينو-الجزائر بتكلفة تقدر بمليار يورو.
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn