خبراء : إسرائيل تحاول استنساخ تجربة جيش لحد اللبناني في جنوب سوريا للمحافظة على أمنها

دمشق 5 مارس 2014 / أكد خبراء ومحللون في سوريا أن إشراف إسرائيل على تدريب مقاتلي المعارضة المسلحة في المناطق الجنوبية السورية ، والسماح لهم بالدخول إلى الأراضي المحتلة والمعالجة في مستشفياتها ، ونزع الألغام في الشريط الحدودي ، ما هو إلا محاولة لاستنساخ تجربة جيش لبنان الجنوبي أو ما اصطلح على تسميته بجيش ( انطون لحد )، في جنوب سوريا للمحافظة على أمنها ، وليكون خط دفاع أول عنها ، مؤكدين في الوقت ذاته أن ما قامت به إسرائيل اليوم هو عدوان " سافر وخرق للمواثيق الدولية ، ويثبت تورطها بما يجري في سوريا".

وأكد مصدر عسكري سوري اليوم أن إسرائيل قامت بإطلاق أربعة صواريخ من داخل الأراضي المحتلة في اتجاه الداخل السوري في محافظة "القنيطرة" (جنوب سوريا) ما أسفر عن إصابة 7 من عناصر الشرطة و4 مدنيين ، مشيرا إلى أن هذا العدوان يؤكد مجددا حقيقة التورط المباشر للكيان الصهيوني في دعم ومساندة المجموعات الإرهابية ويبرهن بما لا يدع مجالا للشك مدى التنسيق القائم بين العدو الصهيوني وهذه المجموعات ، وفقا لوكالة الأنباء السورية"سانا".

وأكد وليد المعلم وزيرالخارجية السوري اليوم في كلمة له في مجلس الشعب السوري أن الاعتداء الاسرائيلى على بلدة "الحميدية" فى الجولان جاء بعد أن شعرت اسرائيل أن الجيش السوري يقوم بعملية استباقية من شمال "الجولان" وصولا إلى محافظة "درعا" جنوب سوريا والحدود الأردنية من أجل نسف أي حزام أمن يهدف إلى حفظ أمن إسرائيل .

وقال ماهر مرهج أمين حزب الشباب السوري المعارض في تصريحات خاصة لوكالة أنباء ( شينخوا ) بدمشق اليوم ( الأربعاء ) إن " إسرائيل بالنهاية ما يهمها هو أمنها وما حدث من انسحابات من قرية "الغجر" الموجودة في "الجولان" المحتل تمهيد لإعطاء المسلحين حرية التحرك والتقدم والمناورة باتجاه الاراضي السورية".

وأضاف مرهج " نحن نشهد ولادة جيش لحد سوري في جنوب سوريا ، وقد بدا ذلك واضحا من خلال انسحاب اسرائيل من قرية "الغجر" التي تحتلها منذ 34 سنة " ، مشيرا إلى أنها لم تغادر تلك القرية ، وهناك المنطقة المنزوعة السلاح بعمق 10 كيلو مترات هي مرتع لهؤلاء المسلحين ، وإسرائيل تقوم بتنظيمهم وتسليحهم لينتشروا على شكل جيش جنوبي وهم لا يريدون الهجوم على دمشق ، وأنما يريدون التمركز في تلك المنطقة لحماية أمن إسرائيل ومستوطناتها".

واشار مرهج إلى أن هذا الحشد لمقاتلي المعارضة المسلحة في المنطقة الجنوبية في محافظة "القنيطرة" وجنوب محافظة "درعا" ما هو إلا محاولة لاستنساخ تجربة لحد في جنوب سوريا بما يحقق أمن إسرائيل الكبرى ، مؤكدا أن هؤلاء المقاتلين سيشكلون " خط دفاع أول أمام أي ردة فعل سورية باتجاه إسرائيل".

وبين مرهج أن إسرائيل شعرت بأن المنطقة ستخرج من تحت سيطرة النظام ، فعملوا على احتضان هؤلاء ليكونوا عناصر حماية لهم ، مؤكدا أن إسرائيل في الحقيقة تقوم بتدريبهم ليكونوا عناصر لحماية حدود اسرائيل الشمالية .

ويشار إلى أن جيش لبنان الجنوبي أو جيش لحد هو ميليشيا تشكلت بدعم من إسرائيل من أبناء القرى الجنوبية ووحدات من الجيش اللبناني منشقة. وتم تأسيس هذه الميليشيا عام 1976 على يد أفراد من الجيش اللبناني في مدينة "مرجعيون"، وكان أغلب أعضائه من اللبنانيين المسيحيين و المسلمين الشيعة الذين كانت لهم مشاكل مع فصائل من المقاومة الفلسطينية التي سيطرت على جنوب لبنان في ذلك الحين. كما أنه بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1978 الذي عرف بعملية الليطاني توسعت منطقة سيطرة هذا التشكيل من عملاء إسرائيل بحكم السيطرة الميدانية لجيش الاحتلال، وقاتلت هذه الميليشيا أعداء إسرائيل، منظمة التحرير الفلسطينية و المقاومة اللبنانية (حركة أمل والحزب الشيوعي اللبناني وحركة المرابطون) وبعد 1982 العدو الجديد حزب الله.

وفي مايو من سنة 2000، انسحبت القوات الإسرائيلية من المنطقة المحتلة في جنوب لبنان طبقا لتصريحات إيهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي في حملته الانتخابية في مايو 1999، وبعد إبلاغ الأمم المتحدة عن ذلك في أبريل 2000.

ومن جانبه أكد الباحث الاستراتيجي السوري حسن حسن في تصريحات مماثلة لوكالة ( شينخوا ) بدمشق إن ما حدث اليوم من قبل اسرائيل تجاه سوريا هو " عدوان سافر خارج عن القوانين الدولية ، ويناقض نص اتفاق فصل القوات الموقع الذي دخل حيز التنفيذ منذ عام 1974 " ، مؤكدا أن سوريا " من حقها الرد على هذا العدوان السافر".

وأضاف الباحث الاستراتيجي السوري إن " قادة تل أبيب كانوا يعملون على اتخاذ ما حدث في لبنان في ثمانينيات القرن الماضي نموذجا عبر إقامة جدار أمني اطلقوا عليه في ذلك الوقت جيش انطون لحد ، وفيما يخص سوريا أطلقوا عليه اسم الجدار الطيب من خلال قيام هذه المجاميع المسلحة باحتلال شريط حدودي ملاصقا للمنطقة العازلة كي يضمنوا أمن إسرائيل " ، مؤكدا أن هذا الامر " هو تورط واعتراف مباشر لاشتراك الكيان الصهيوني بهذه الحرب المفتوحة على سوريا قرابة ثلاثة أعوام".

ولفت حسن إلى أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو زار جرحى تلك العصابات المسلحة في المستشفيات " ، موضحا انه كان يزور " جرحى جيشه لأنهم يقومون بدور الجندي الاسرائيلي، من أجل رفع الروح المعنوية لهذه المجموعات المسلحة التي بدأت تنهار".

ونقلت وسائل إعلام عن ضابط إسرائيلي رفيع في 25 فبراير الماضي أن حوالي 1600 جريج من مقاتلي المعارضة المسلحة تمت معالجتهم في مستشفيات بالمناطق الحدودية المحتلة من قبل اسرائيل .

وأكد خبراء أمنيون اسرائيليون أن المؤسسة الأمنية الاسرائيلية تجري اتصالات مع المتمردين السوريين ليس فقط في مسألة نقل جرحى ومصابين وعلاجهم بل أيضا بهدف خلق حوار أوسع في مواضيع مختلفة من خلال الاستعداد لاحتمال أن يتفكك نظام الرئيس السوري بشار الاسد في الجولان .

وبين الباحث الاستراتيجي حسن أن هذا العدوان استهدف مكانيين مدنيين ، مدرسة وجامع في بلدة "الحميدية" في القطاع الأوسط لمحافظة "القنيطرة" المحررة ، مؤكدا أن هذا التصعيد في هذا التوقيت جاء ليعبر عن العجز الفعلي عن انجاز ما يمكن البناء عليه .

وأكد أن هذا النموذج الاسرائيلي في الشريط الحدود السوري " لن يكتب له النجاح " ، موضحا أن هذا العدوان يندرج في الاخفاق الميداني لانهم اخفقوا في الرد على الجدار العازل فأرادوا أن يردوا شيئا من ماء الوجه وأن يوصلوا رسالة إلى هؤلاء الإرهابيين بأنهم ليسوا متروكين وحدهم .

وتوتر الوضع في الجولان، منذ بدء الأحداث في سوريا، لكن الحوادث بقيت محدودة نسبيا واقتصرت على سقوط قذائف سورية في الجانب الذي تحتله إسرائيل وإطلاق رشقات تحذيرية إسرائيلية، إلا أن التوتر تزايد مؤخرا عقب عدوان إسرائيلي بالصواريخ وغارات جوية على مواقع قرب دمشق، ما دفع السلطات السورية إلى استهداف آلية عسكرية إسرائيلية، الأمر الذي ردت عليه إسرائيل بإطلاق صاروخين على موقع عسكري سوري.

ومن جانبه أكد المحلل السياسي السوري عبد الحميد سلهب لوكالة ( شينخوا ) بدمشق أن اسرائيل تحاول اضعاف سوريا ، مشيرا إلى أن السيناريو الذي تحاول اسرائيل أن تحيكه الآن عبر الشريط الحدودي في المناطق الجنوبية في سوريا ، هو محاولة لاستنساخ نموذج جيش لحد في لبنان ، عبر ايوائها لمجموعات مسلحة ، بغية الحفاظ على أمنها بالدرجة الأولى . وأشار سلهب أن هذه المنطقة العازلة ، لن تقام في أي بقعة حدودية في سوريا ، لطالما هناك قوات الجيش السوري التي تعمل على طرد الإرهابيين .

وكانت بثينة شعبان المستشارة السياسية والاعلامية للرئيس السوري بشار الأسد، قد قالت في لقاء تلفزيوني على قناة "الميادين" اللبنانية قبل يومين وردا على سؤال حول دور اسرائيل في الأزمة السورية، إن "إسرائيل ترسل مقاتلين إلى الأراضي السورية، ولديها ضباط يشرفون على المعارك".

وتتهم السلطات السورية إسرائيل بدعم المجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا والتنسيق معها، وقال الرئيس بشار الأسد، مؤخرا، إن إسرائيل تدعم بشكل مباشر الجماعات الإرهابية بطريقتين، الأولى تكمن في تقديم الدعم اللوجيستي لهم، والثانية عن طريق تحديد المواقع التي سيهاجمونها وكيفية مهاجمتها.

ملف خاص: تطورات الوضع في سوريا

/مصدر: شينخوا/