تعليق: كشف عمليات التجسس الأمريكي في الوقت الحالي في صالح الإتحاد الأوروبي

قالت صحيفة "القارديان" البريطانية يوم 24 أن الوثائق التي كشفها عميل الإستخبارات الأمريكية السابق إدوارد سنودن حول برنامج بريزم للتجسس قد كشفت عن أن أمريكا قامت بالتنصت على 35 زعيم دولة ومنطقة، بما في ذلك قادة أهم حليفين لها في أوروبا فرنسا وألمانيا.

وقامت أوروبا حيال ذلك برد قوي. حيث إتصلت فرنسا وألمانيا مباشرة بالرئيس الأمريكي باراك أوباما وطلبتا منه تقديم تفسير عن عمليات التنصت على المكالمات الهاتفية. كما قامت ألمانيا بإرسال وفد رفيع المستوى. وخلال قمة الخريف للإتحاد الأوروبي، كان السؤال الأول الذي وجه إلى القادة الأوروبيين "هل تم التنصت على هاتفك؟" وليس "كيف تتقدم أزمة الديون الأوروبية؟"

لماذا قامت أوروبا بهذا الرد القوي؟ في هذا السياق يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بكين تشو فنغ أن قضية التنصت قد أضافت إلى أوروبا وغيرها من حلفاء أمريكا رأس مال للمساومة على جملة من القضايا. حيث تعمل الولايات المتحدة في الوقت الحالي على دفع المحادثات في القضية السورية، والقضية النووية الإيرانية، والتجارة العابرة للمحيط الأطلنطي والشراكة الإستثمارية وغيرها من القضايا، ومن المتوقع أن تطرح فرنسا وألمانيا شروط تفاوضية جديدة حول هذه القضايا.

أثارت عمليات التنصت الأمريكية التي لم يسلم منها عدو ولا صديق ردود فعل قوية في أوروبا، ومع تتالي التسريبات يتوقع أن تتضح المزيد من التفاصيل في المستقبل. ووفقا للمطلعين، فإنه إضافة إلى ألمانيا، فرنسا، إيران، روسيا، الهند، البرازيل، المكسيك والصين، فإن مكتب الأمن القومي الأمريكي يتحكم في أكثر من 200 رقم هاتفي لقادة 35 دولة، ويمارس تنصت مستمر على هذه الأرقام.

واتصلت المستشارة الأمريكية إنجيلا ميركل خلال الأربعاء الماضي بباراك أوباما وأشارت إلى أن عملية التنصت على المكالمات السرية قد تؤثر على العلاقات الأمريكية الأوروبية. كما بدت فرنسا غاضبة، ورفع البرلمان الأوروبي طلبا إلى الإتحاد الأوروبي لمطالبة أمريكا بتقديم رد إجابي عن عملية التنصت الواسعة. كما قام البرلمان الأوروبي بتمرير قرار يقضي بإلغاء إتفاقية تبادل البيانات المصرفية. ووفقا لهذه الإتفاقية، يقوم الإتحاد الأوروبي بتزويد الولايات المتحدة بمعولمات عن الملايين من عمليات التحويلات المالية، ويعكس تمرير هذا القرار مدى مشاعر عدم الرضا التي أثارتها عمليات التنصت الأمريكية في بروكسال.

وفي مواجهة ردود الفعل والإدانة القوية من العديد من الدول، تجد أمريكا نفسها مضطرة للتجاوب، وتأمل في معالجة هذه المشكلة من خلال الحوار السري. وقد قالت المتحدثة بإسم الخارجية الأمريكية في 25 أكتوبر الجاري ان كشف عمليات التنصت أدت إلى توتير علاقات أمريكا بحلفائها.

وقالت المتحدثة "ان قيام أمريكا بجمع المعلومات على نطاق عالمي يهدف إلى حماية مواطنيها، وأمن أراضيها وحلفائها، وهذا ليس سرا، بل إن جميع الأجهزة الإستخباراتية تفعل نفس الشيء. لكن بالمقارنة مع أي دولة أخرى في العالم، وأي دولة في التاريخ، فإن الأعمال الأمريكية لجمع المعلومات تتعرض لأكثر مراقبة وتقييد، ونحن على ثقة أنه بعد المعلومات السرية التي كشف عنها سنودن، فإن أمريكا ستتعرض للمزيد من موجات الإتهام. وأمريكا لا ترغب في إلإنكار أو الإعتراف بهذه الأنشطة، لكنها تأمل فتح قنوات حوار سرية مع الدول الشريكة."

وفي الحقيقة، إن إثارة قضية التنصت في الوقت الحالي في صالح الإتحاد الأوروبي. وخاصة على صعيد المفاوضات التي تجري حاليا بين الإتحاد الأوروبي وأمريكا. وفي هذا السياق قال تشو فنغ في تصريح لصحيفة "المالية الدولية" ان "علاقات الشراكة الأوربية الأمريكية قد تتأثر، لكن هذا التأثير سيكون محدودا." وأكد على أن الإتحاد الأوروبي قد يحصل على رأس مال جديد للتفاوض. وخاصة على صعيد الأزمة السورية وقضية النووي الإيراني والتجارة العابرة للمحيط الأطلنطي ووإتفاقية الشراكة التجارية وغيرها من القضايا، وان تسريب هذه المعلومات السرية لايخدم الجهود الدبلوماسية الأمريكية في القضايا المذكورة سلفا، وقد تطرح فرنسا وألمانيا شروط تفاوضية جديدة حول هذه المسائل.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/