بقلم جلال شين
مع تجاوز عتبة العام الجديد، لا تزال مصر تئن تحت وطأة أزمة اقتصادية حادة متمثلة في ارتفاع حجم عجز الموازنة العامة وتراجع احتياطي النقد الأجنبي وهبوط سعر الجنيه، وجميعها مؤشرات تبعث على القلق وتجعل آفاق الفترة الانتقالية في مصر مشوبة بالكثير من الغموض. كما أن حالة عدم الاستقرار السياسي تضع الكثير من علامات الاستفهام حول إمكانية تجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وأشار خبراء صينيون إلى أن الاقتصاد المصري بات أكبر ضحية لما شهدته البلاد من اضطرابات سياسية وانقسام مجتمعي طوال العامين الماضيين. ورأوا أن الاستقرار السياسي والاجتماعي يعد "جسر العبور" من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تواجهها مصر حاليا، وأعربوا عن اعتقادهم بأن الاقتصاد المصري سوف يتعافي مرة أخرى في حال إحلال الاستقرار السياسي.
-- توافق سياسي مجتمعي مهم لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي
وقال وانغ جينغ لاي مدير مكتب شؤون الشرق الأوسط بأكاديمية دراسات شؤون غرب آسيا وشمال أفريقيا إن الرئيس المصري محمد مرسي تولى الرئاسة في وقت كان فيه الوضع الاقتصادي للبلاد في أسوأ حالاته ، موضحا أن حكومة مرسي تواجه مشكلات جمة وتعمل في ظل ظروف صعبة جراء استمرار الاضطرابات السياسية التي ألحقت أضرارا جسيمة بالاقتصاد المصري.
وأشار وانغ إلى أن الرئيس المصري محمد مرسي حقق انتصارا بتمرير مشروع الدستور الجديد مؤخرا، وكان يأمل في أن تلبى المعارضة دعوته للعمل معا من اجل التصدى للأزمة الاقتصادية، إلا انه لم يتمكن من الحصول على ردود فعل إيجابية من المعارضة ولا يزال يواجه العديد من التحديات في ظل أوضاع سياسية واجتماعية دقيقة للغاية.
وأكد الخبير الصيني أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري لا يمكن أن ينجح بدرجة فاعلة دون توافق سياسي مجتمعي، وأنه من الصعوبة بمكان نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي على خلفية الانقسام المجتمعي حول الشئون السياسية، إذ أن هذا يضعف ثقة المستثمر والمجتمع الدولي في قدرة الاقتصاد المصري على استرداد عافيته سريعا.
-- المساعدات المالية والاستثمارات الأجنبية تدفع "عجلة" الانتعاش الاقتصادي
ورأى لي قوه فو الباحث بالمعهد الصيني للدراسات الدولية أنه ربما يصعب على مصر تحقيق انتعاش اقتصادي على الأمد القصير نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية الحادة والمعقدة، وأبرزها عدم ثقة السوق في الحالة العامة لاقتصاد مصر. لذا، ينبغى على الحكومة المصرية إيلاء اهتمام كبير بالحصول على مساعدات مالية خارجية وجذب الاستثمارات الأجنبية، الأمر الذي يساعد من ناحية في التخفيف من مشكلة نقص التمويل الحكومي ويسهم من ناحية أخرى في استعادة ثقة السوق لتهيئة بيئة اقتصادية مواتية وتحفيز الانتعاش والتنمية في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني.
ولفت لي إلى أن مضاعفة قطر مساعداتها المالية لمصر من 2.5 مليار دولار أمريكي إلى خمسة مليارات دولار، بالإضافة إلى المفاوضات الجارية بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي بخصوص قرض بقيمة 4.8 مليار دولار أمريكي باتت مصر الآن في أمس الحاجة إليه، ستساعد مصر على تهدئة حدة أزمتها الاقتصادية .
وذكر لي أن قرضا بقيمة 4.8 مليار دولار أمريكي ليس كبيرا بالنسبة لمصر، لكن منحه لها سوف ينم على مدى الثقة في الاقتصاد المصري. ونظرا لمكانة صندوق النقد الدولي على الصعيد الاقتصادي الدولي، فإن موقفه سيؤثر قطعا على توقعات بقية البلدان الكبرى بشأن متانة مفاصل الاقتصاد المصري، كما سيعد مؤشرا بل ودليلا على إيجابية المناخ الاستثماري والآفاق السياسية في مصر، الأمر الذي سيحفز بلدان أخرى على تقديم كميات أكبر من المساعدات والقروض لمصر في المستقبل.
ورجح لي بأن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ستكلل بالنجاح بفضل الجهد الدؤوب الذي تبذله الحكومة المصرية في هذا الصدد ومضيها بخطى ثابتة في تنفيذ العديد من شروط صندوق النقد الدولي.
ومن وجهة نظر لي، فإن القروض الخارجية تمثل الحل المؤقت لمعالجة الأزمة الاقتصادية الحالية في اللحظة الراهنة، إذ أن مفتاح انعاش الاقتصاد المصري يكمن في تنفيذ الإصلاحات الداخلية وتحسين كفاءة الإنتاج في ظل أجواء من الاستقرار السياسي والاجتماعي .
-- آفاق التعاون بين الصين ومصر رحبة وواعدة
ومن قلب العاصمة المصرية القاهرة، قال تشن لين المستشار التجاري بالسفارة الصينية هناك إن الصين تعد شريكا استراتيجيا هاما لمصر، وإن آفاق التعاون بين الصين ومصر جيدة ورحبة للغاية.
وأضاف أن الجانب الصيني يتابع عن كثب تطور الفترة الانتقالية التي تمر بها مصر حاليا، معربا عن دعمه لتمسك الجانب المصري برؤية بعيدة المدى وعن أمله في استمرار التعاون والتنسيق مع الجانب الصيني في تنفيذ السياسات الاقتصادية والتجارية المشجعة للصناعات الصينية القائمة حاليا بمصر وكذا في تهيئة مناخ ملائم لجذب المزيد من الاستثمارات الصينية.
وأشار المستشار إلى أن الجانب الصيني يتابع النتائج البارزة التي تمخضت عن زيارة الرئيس مرسي للصين في العام الماضي، موضحا أن الجانبين الصيني والمصري يعكفان حاليا على تحقيق تنفيذ سلس للاتفاقات التي تم التوصل إليها، كما يدرس الجانب الصيني تنفيذ المشروعات التي طرحها الجانب المصري.
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn