خبراء صينيون: حادث المنصورة الإرهابي يسرع بشكل خطير إدراج الاخوان كمنظمة إرهابية

بقلم إلهام وانغ ومحمد مازن

بكين 24 ديسمبر 2013 / رأى محللون صينيون إن الحادث الإرهابي الذي استهدف مديرية أمن الدقهلية بمدينة المنصورة في ساعة مبكرة اليوم ((الثلاثاء)) يدفع الحكومة المصرية بخطى متسارعة نحو إدراج جماعة الإخوان المسلمين رسميا كمنظمة إرهابية، في ضوء ما نقل من تعليقات في وقت لاحق عن كبار المسؤولين المصريين حول الحادث.

وقال رئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي إن جماعة الاخوان المسلمين "جماعة إرهابية" عقب الانفجار الذي أوقع 14 قتيلا وأكثر من 130 جريحا، في حصيلة مرشحة للزيادة، بحسب وكالة أنباء ((الشرق الأوسط)) الرسمية.

وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء شريف شوقي إن الببلاوي أكد أن "جماعة الاخوان أظهرت وجهها القبيح كجماعة إرهابية تسفك الدماء وتعبث بأمن مصر".

وحذر الخبراء الصينيون من إن اصدار قرار بهذا الحجم ضد الجماعة الأقدم والأكثر انتشارا في مصر دون انتظار نتائج التحقيقات قد يدفع البلاد الى سيناريو مشابة لما حدث في الجزائر في التسعينيات من القرن الماضي، عندما تدخل الجيش الجزائري لإلغاء نتيجة الانتخابات التشريعية التي فازت فيها الجبهة الاسلامية للانقاذ ، ودخلت البلاد على خلفية هذا التدخل في حرب أهلية استمرت 10 أعوام أوقعت عشرات الآلاف من القتلي والجرحي.

وأكد الخبراء أن هذا السيناريو يمكن تجنبه بضبط النفس وإتخاذ إجراءات عملية لتسوية الانقسام السياسي الذي نجم عقب أحداث 30 يونيو عندما تدخل الجيش لعزل الرئيس المنتخب والمنتمي الى الجماعة محمد مرسي.

-- قرار لن يكون مفاجئا

وقال وو سي كه، مبعوث الصين الخاص للشرق الأوسط والسفير الصيني الأسبق لدى مصر، " الاعلان عن إدراج جماعة الأخوان المسلمين لن يكون شيئا مفاجئا أو مستغربا، إذ تجد السلطة المصرية المؤقتة أن الجماعة تقف حجر عثرة أمام خارطة الطريق للانتقال السياسي".

ويأتي هذا الانفجار قبل ثلاثة أسابيع من استفتاء على مشروع الدستور يتوقع إجراؤها في يومي 14 و 15 يناير، وهو خطوة أولي على خارطة طريق وضعها الجيش في اعقاب عزل مرسي في 3 يوليو تتضمن أيضا اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.

وأكد رئيس الوزراء حازم الببلاوي عقب الحادث أن انفجار المنصورة هو "عمل إرهابي بشع الغرض منه ترويع الشعب حتى لا يستكمل طريقه في تنفيذ خارطة الطريق"، مشددا على أن "الإرهاب لن ينجح في ذلك، والشعب المصري سيقف بقوة لاستكمال خارطة الطريق".

وتشهد مصر مسيرات واحتجاجات متواصلة من جانب أنصار جماعة الاخوان المسلمين والتحالف المؤيد لها منذ عزل مرسي، وعادة ما يتخللها فوضى وأعمال عنف واشتباكات مع قوات الأمن وينجم عنها ضحايا. وقد أعلن التحالف الوطني لدعم الشرعية المؤيد لعودة مرسي رفضه لمسودة الدستور ودعا الجماهير الى مقاطعة الاستفتاء.

وقال وو إن " الحكومة المصرية حثت الجماعة مرارا على الانخراط في خارطة الطريق و الإسهام في دفع عملية التطوير السياسي المصري, لكن الجماعة لم تستجب, بل أصرت على المواجهة حتى تعمقت الفجوة بين الجانبين".

وشاطره الرأي تيان ون لين، الباحث في المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، مضيفا أن الخطوة باتت " متوقعة" في ضوء اجراءات متعاقبة إتخذتها الحكومة ضد الجماعة مؤخرا، بما في ذلك اصدار حكم سابق بحل الجماعة وحظر نشاطها، ومحاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي بتهم التخابر والإرهاب، وتجميد أموال جمعيات ومنظمات تابعة للجماعة في البنوك المصرية.

وأضاف تيان أن كل هذه الاجراءات تدل على أن موقف الجيش المصري تجاه الإخوان أصبح أشد تدريجيا ولا يسعى الى الحوار والمصالحة معها.

--حرب أهلية محتملة

وذكر وو سي كه إن اعتبار الجماعة كمنظمة إرهابية سيدفع أنصارها الى مواصلة المواجهة والعودة الى العمل السري بما ينطوي ذلك على استخدام وسائل متطرفة ضد الحكومة وهو أمر يعيد سيناريو الحرب الأهلية الجزائرية الى الأذهان.

وتسببت الحرب الأهلية في الجزائر في مقتل مئات آلاف من الأشخاص فضلا عن معاناة الشعب الجزائرى وأضرار جسيمة ألحقتها بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية .

ودعا وو الجانبين الى التعلم من درس الجزائر وممارسة ضبط النفس واللجوء الي إجراءات عملية لإنهاء الصراع الحالي.

وقال "قد زرت مصر هذا الشهر ووجدت أن معظم المصريين يتطلعون إلى تحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعي والتطور الاقتصادي , لا يريدون استمرار الفوضى والاضطرابات, وآمل في أن يضع الجانبان مصالح الشعب فوق كافة الاعتبارات."

وأشار وو إلى أن تطورات الوضع المصري مرهون بالخطوات التفصيلية القادمة التي ستتخذها الحكومة.

ورأى تيان أن الحكومة من الصعب أن تتعامل مع العدد الكبير من أعضاء الجماعة وأنصارها على أنهم كلهم إرهابيين ." هذا لن يسهم في الحفاظ على استقرار الوضع وقد يجبر الإخوان والتنظيمات الأخرى الموالية لهم على استخدام المزيد من القوة والتخطيط لمزيد من التفجيرات والهجمات".

وأضاف تيان أن هذا سوف يعزز أيضا الانقسام الاجتماعي والسياسي في المجتمع المصري والذي برز جليا في انتخابات الرئاسة عام 2012 حيث فاز مرسي بفارق طفيف بنسبة 51.73% من الأصوات على منافسه رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق الذى حصل على 48.27% .

من جانبه, قال ما شياو لين، الخبير في شؤون الشرق الأوسط ، إن الحكومة المصرية تؤكد مرارا أنها تخوض حربا ضد الإرهاب وتتهم الاخوان المسلمين بالتحريض عليه وتمويله، لكنها تبدو مترددة في إدارج الجماعة رسميا كمنظمة إرهابية.

واعتبر " تردد الحكومة يبدو مفهوما في ضوء التأثير والتغلغل القويين للحركة الاسلامية في المجتمع المصري بكافة فئاته وطبقاته".

وقال " للحركة أنصار تقريبا في كل المناطق والمؤسسات والنقابات والاتحادات وفي جميع الأوساط ، وبرز وجودها الفاعل في الجامعات منذ بدء الدراسة حتى الآن، كما حضرت بقوة في الانتخابات الأخيرة وحققت النسبة الأعلى من الأصوات ".

وقال إن " توجيه تهم مثل"التخابر والإرهاب" الى شخص ما في ضوء توفر القرائن القانونية أمر لا غبار عليه، لكن لا ينبغى أن تتهم كل الجماعة وكافة أعضاءها بالارهاب، هذا شئ خطير على العملية الديمقراطية والمصالحة السياسية واستعادة الاستقرار الاجتماعي ".

يذكر أن محكمة ادارية مصرية كانت قد أجلت أمس الاثنين دعوى إدراج الاخوان منظمة ارهابية الى 21 يناير المقبل.

وكانت النيابة العامة المصرية قد أحالت الاسبوع الماضى مرسي وعدد من قيادات الجماعة إلي محكمة الجنايات بتهم التخابر مع منظمات أجنبية خارج البلاد بهدف ارتكاب أعمال إرهابية داخل البلاد ، وإفشاء أسرار الدفاع عن البلاد لدولة أجنبية وتمويل الإرهاب والتدريب العسكري لتحقيق أغراض التنظيم الدولي للإخوان.

/مصدر: شينخوا/