بكين   مشمس 9/-3 

الأفلام الصينية في الأسواق الخارجية (2)

2013:02:26.14:39    حجم الخط:    اطبع

التطور المشترك

في أواسط تسعينات القرن الماضي، إضافة إلى أفلام تشانغ يي مو، عرف مزيد من المتفرجين الأجانب أفلاما صينية لمخرجين آخرين.

في عام 1993، حصدت الأفلام الصينية جوائز كثيرة، فقد فاز فيلم ((صانعة زيت السمسم)) للمخرج شيه في الذي يمثل الجيل الرابع للمخرجين الصينيين، وفيلم ((مأدبة الزفاف)) للمخرج آنغ لي، على جائزة الدب الذهبي لأفضل الأفلام في الدورة الثالثة والأربعين لمهرجان برلين السينمائي، وحصل ((صباح دموي))) و((صورة العائلة)) و((السياف في بلدة العلم المزدوج)) و((أم)) على جوائز في المنتدى السينمائي الدولي الجديد وحصل ((الجواب من السماء)) على جائزة الأفلام الدولية للأطفال والشبان، وحصل ((البحث عن سعادة)) على جائزة المنتدى السينمائي الدولي الجديد والجائزة الشرفية الخاصة.

وحصل فيلم ((وداعا محظيتي))، للمخرج تشن كاي قه، على جوائز متنوعة في العالم، ومن بينها: جائزة السعفة الذهبية في الدورة السادسة والأربعين لمهرجان كان السينمائي وجائزة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية من جمعية نقاد السينما في لوس أنجلوس. تشن كاي قه مخرج مشهور في الصين، ومن أعلام الجيل الخامس للمخرجين الصينيين. كشف هذا الفيلم قدرات تشن كاي قه الفنية بصورة أعمق. وقد تميز الفيلم بعناصر جاذبة للمجمهور الغربي، ومنها أوبرا بكين والمثلية الجنسية وتاريخ الصين في الفترة من عشرينات إلى سبعينات القرن الماضي. حقق الفيلم نجاحا كبيرا داخل الصين وخارجها، وبلغ عائد إيرادات الشباك له 48 مليون يوان، بينما تجاوز هذا الدخل في الولايات المتحدة الأمريكية خمسة ملايين دولار أمريكي، وقد عرض في 79 دار سينما هناك. منع عرض هذا الفيلم في الصين في البداية، ولكن بعد فوزه بجوائز عالمية، سمحت السلطات الصينية بعرضه، وقد اعتبره الناقد السينمائي الصيني قو شياو باي أفضل فيلم صيني على الإطلاق!

فيلم ((عصابة شانغهاي)) (SHANGHAI TRIAD) حصل على جائزة التقنيات السينمائية في الدورة الثامنة والأربعين لمهرجان كان السينمائي، ومنحه الاتحاد الأمريكي للنقاد السينمائيين جائزة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية. في الدورة السابعة والأربعين لمهرجان كان السينمائي، حصل ((لكي نعيش)) على الجائزة الكبرى، وحصل بطله قه يو على جائزة أفضل ممثل. يحكى الفيلم قصة فو قوي كنموذج لعجز عامة الشعب عن تقرير مصيرهم في تلك الفترة.

لم يكن الممثلون في ((لا غنى عن واحد))، محترفين، وبرغم ذلك حصل على جائزة الدب الذهبي في الدورة السادسة والخمسين لمهرجان البندقية السينمائي سنة 1999. يعكس هذا الفيلم حالة التعليم في المناطق الريفية بالصين. وقد اعترف تشانغ يي مو بأن موضوع وأسلوب هذا الفيلم بسيطان وتقليديان، لكنه عبر عن حرمان الأطفال الريفيين من دخول المدارس مما أثار تعاطف المحكمين والمشاهدين، ففاز بأكثر من عشر جوائز صينية ودولية.

صعوبات التسويق
صارت العلاقة بين الأفلام الصينية والسوق وثيقة مع دخول القرن الجديد.

((طريق المنزل))، الذي أخرجه تشانغ يي مو سنة 1999، ويحكى قصة حب بين زوج وزوجته في فترة تاريخية خاصة، حصل على جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي سنة 2000، وكان له الفضل في شهرة بطلته؛ تشانغ تسي يي.

بعد فوز ((النمر الرابض والتنين الخفي)) للمخرج آنغ لي بأوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، طفق تشانغ يي مو يغير موضوعات أفلامه من القصص الريفية إلى حكايات السيوف، فأخرج ((البطل)) بتكلفة إنتاج بلغت ثلاثين مليون دولار الأمريكي، الذي كان أول فيلم صيني بإنتاج ضخم في القرن الجديد. في ذلك الوقت، قال تشانغ يي مو: "تكاليف تصوير الفيلم كبيرة، وأتمنى أن يلقى إعجاب المشاهدين في الصين وفي أنحاء العالم." حقق هذا الفيلم نجاحا كبيرا من حيث عائدات الشباك، ولكنه لم يحصل على جوائز في الأوسكار وإن كان تم ترشيحه لأوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، ثم حصل على جائزة المساهمة الفنية الخاصة في الدورة الـثالثة والخمسين لمهرجان كان السينمائي سنة 2003.

((بيت الخناجر الطائرة)) الذي أخرجه تشانغ يي مو سنة 2004 و((لعنة الزهرة الذهبية)) الذي أخرجه سنة 2006 من أفلام السيوف أيضا. حقق((بيت الخناجر الطائرة)) نجاحا جماهيرا في الخارج، ولكن آراء النقاد تباينت حوله. أما ((لعنة الزهرة الذهبية))، فقد اعتبر تجسيدا للسعي الفني لتشانغ يي مو، الذي استخدم خمسة ألوان في ((البطل))، ثم استغرق في استخدام اللون الذهبي في ((لعنة الزهرة الذهبية)) من أجل تشكيل صورة مقبولة في أفلامه، دون النزر إلى التكلفة. وقد رأى كثير من المشاهدين الصينيين أن هذه الأفلام الضخمة لا تتمتع بمعنى عميق وإنما بمشاهد ضخمة.

بدأ تشانغ يي مو يتجه إلى الأفلام التاريخية والحربية في سنة 2011 بإخراج ((حرب الزهور))، الذي بلغت تكلفة إنتاجه ستمائة مليون يوان، ولعب دور البطولة فيه كريستيان بيل الذي فاز بأوسكار أفضل ممثل. يحكي الفيلم قصة أمريكي وطالبة ومجموعة من العاهرات والجيش في مواجهة مذبحة نانجينغ. رغم أن الفيلم ضم ممثلين مشهورين ينطق باللغتين الصينية والإنجليزية ولهجات صينية متنوعة، ألا أن عائد شباك التذاكر أحزن تشانغ يي مو. وقد رأى نقاد السينما أن هذا الفيلم الذي تناول موضوع مذبحة نانجينغ، افتقر إلى التحليل العميق.

فيلم ((الوعد)) للمخرج تشن كاي قه جمع ممثلين من الصين واليابان وكوريا الجنوبية سنة2005، لكنه لم يحقق نجاحا جماهيريا واسعا. في سنة 2008، اختار تشن كاي قه فن أوبرا بكين، وأخرج ((مفتون إلى الأبد)) الذي تجاوزت عائدات شباك التذاكر له ف يالصين مائة مليون يوان، ولكنه فشل في الخارج من حيث عائدات الشباك والشهرة. وقد قال بعض نقاد السينما الصينيون إن تشن كاي قه فقد ثقة المتفرجين التي حازها بعد ((وداعا محظيتي)).

((قُبض في الشبكة)) لتشن كاي قه فشل في المنافسة على أوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية في دورة سنة 2013، وبذلك نافس تشن كاي قه على الأوسكار للمرة الرابعة. أما تشانغ يي مو الذي حصلت أفلامه على ترشيحات للأوسكار ثلاث مرات فيواصل جهوده.

مع تغير أساليب الإبداع واتجاه كبار المخرجين الصينيين إلى التعاطي مع متطلبات السوق، بدأ بعض المخرجين الصينيين الشباب يتحملون مسؤولية الاستكشاف الفني للأفلام الصينية. وانغ شياو تشوان واحد من هؤلاء المخرجين الشبان، وقد شارك بنشاط في مهرجانات السينما الدولية في تسعينات القرن الماضي. من أفلامه، ((الأيام)) الذي اختارته محطة (BBC) التلفزيونية البريطانية ضمن قائمة "أفضل مائة فيلم في الذكرى المئوية للسينما". يميل وانغ شياو تشوان، الذي ينتمي للجيل السادس من المخرجين الصينيين، إلى إخراج أفلام مأخوذة من أعمال أدبية، والاهتمام بحياة الجماهير والتعرف على عوالمهم الروحية في أفلامه. حصل فيلمه ((دراجة بكين)) على جائزة الدب الفضي في الدورة الحادية والخمسين لمهرجان برلين السينمائي سنة 2001، لكن البعض اتهموه بانتحال فيلم ((لص الدراجة)) الذي أخرجه فيتوريو دي سيكا سنة 1948. ثم فاز فيلمه ((تشينغ هونغ)) بالجائزة الكبرى في الدورة الثامنة والخمسين لمهرجان كان السينمائي سنة 2005.

قو تشانغ وي وجيا تشانغ كه ووانغ تشيوان آن وغيرهم، مخرجون صينيون انفتحوا على العالم. حصل فيلم ((حياة ساكنة)) على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي بفضل اهتمامه بالبعد الإنساني، وأصبح مخرجه، جيا تشانغ كه، ثاني مخرج من بر الصين الرئيسي بعد تشانغ يي مو يفوز بجائزة الأسد الذهبي. يحكى ((حياة ساكنة)) قصتين، إحداهما قصة عامل بمنجم فحم في مقاطعة شانشي اشترى زوجة قبل 16 سنة. ما إن أنجبت المرأة حتى أنقذتها الشرطة وأعادتها إلى مسقط رأسها في مقاطعة سيتشوان. بعد 16 سنة منذ مغادرة الزوجة، قرر العامل البحث عنها في منطقة المضايق الثلاثة على نهر اليانغتسي، لكني بيت زوجته اختفى مع تنفيذ مشروع المضايق الثلاثة. في النهاية، عثر العامل على زوجته بعد أن واجه مصاعب شتى، وقررا العودة إلى الحياة الزوجية رسميا. القصة الثانية لممرضة وزوجة قررا الطلاق لعدم وجود حب بينهما. يرى نقاد السينما أنه الأفلام الصينية باتت تغرق في موضوعات غير واقعية تفضلها هوليوود. أولى جيا تشانغ كه في هذا الفيلم اهتماما للبعد الإنساني لحالة الصين الحقيقية، مما جعله يحظى بإقبال عالمي.

تعكس أفلام وانغ تشيوان آن ملامح وتقاليد وخصائص القوميات الصينية في غربي الصين. وقد فاز فيلمه ((زواج تويا)) بجائزة الدب الذهبي في الدورة السابعة والخمسين لمهرجان برلين السينمائي سنة 2007 والجائزة الكبرى الخاصة في الدورة الثالثة والأربعين لمهرجان شيكاغو السينمائي. يحكي الفيلم قصة امرأة من قومية منغوليا تبحث عن زوج لمساعدتها على رعاية زوجها السابق المعاق. وحصل فيلمه ((الانفصال معا)) حصل على جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي سنة 2010.

مع اتجاه الأفلام الصينية نحو السوق والعالمية، يسعى كل صناع الأفلام إلى دفع الأفلام الصينية نحو الخارج، وبذل مزيد من الجهود على هذا الطريق.لا شك أن الاهتمام بالديمقراطية والحرية والنظام القانوني وحقوق الإنسان والرعاية الإنسانية لغات مشتركة لكل الأفلام في العالم.

[1] [2] [3]

/مصدر: الصين اليوم/

تعليقات