بكين   مشمس جزئياً 8/0 

مقالة خاصة: من أرض العراق... قصة حقيقية تفوق الخيال من قلب الحرب وأهوالها (2)

2013:03:20.08:25    حجم الخط:    اطبع

وصلت إلى البيت وأخذت زوجتي وأولادي معي إلى المكتب في المنصور بعيدا قليلا عن ساحة المعركة واكثر أمانا. ولكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، ففي تلك الأيام كان الأمريكيون يتخوفون من استخدام صدام حسين لترسانته المزعومة من الأسلحه الكيميائية والبيولوجية وكانت المعارك دائرة في ضواحي بغداد ، لذلك فإن الأمريكيين حذروا من أنهم سيضربون بقوة اذا ما فعلها صدام.

وعندئذ ، طلبت من زوجتي أن تأخذ الأولاد إلى مدن أخرى خارج بغداد مع عوائل اخوتي ووالدتي وهي امرأة طاعنة في السن بينما ابقى أنا في المكتب لاواصل مهمتي. ولكن ما حدث هو أن زوجتي رفضت وقررت البقاء معي وسمعت أن والدتي أيضا رفضت ترك المنزل وقالت عشت هنا كل السنين في منزلي لن اتركه وسأموت هنا إن كان هذا قدري.

وعلى أية حال، فإن حيرتي لم تدم طويلا فقد علمت أن الحافلات التي كانت تنقل العوائل إلى خارج بغداد قد استهدفت من قبل طائرات أمريكية كانت تظن أنها تهرب صدام ومقربين منه وقيادات عسكرية وقتل العديد من المدنيين لذلك قررنا أن لا فائدة من الخروج، فقد تساوت فرص الموت والحياة سواء خرجوا أم لم يخرجوا من بغداد.

وعندما واصلت الطائرات الأمريكية قصف بغداد شعرت بالقلق لأني كنت ارسل الاخبار من بغداد بواسطة الساتفون (تليفون الساتلايت) وقد علمت فيما بعد من مراسلي ((شينخوا))ا الصينيين أن اشارة هذا التليفون يمكن أن يستلمها الطيارون الأمريكيون وبالتالي يمكن أن يستهدفوا المكتب بصواريخهم ، وكان في هذا الأمر خطورة على المكتب حيث عائلتي وجميع العوائل التي في البيوت المجاورة.

وقد حذرني بعض الجيران الذين كانوا أيضا خائفين من هذا الأمر . فطمئنمتهم من أنه لن تكون هناك أية خطورة، إذ أننى لم أكن ارسل الخبر بعد الانتهاء من كتابته إلا بعد التأكد من عدم وجود طيران فوق بغداد. فكان أولادي وزوجتي يتناوبون على الصعود فوق سطح المنزل للتأكد من خلو الجو حتى ارسل الخبر أو اجري بعض المكالمات والمقابلات والتي كنت اقطعها احيانا عند قدوم الطائرات حفاظا على أرواح من حولي من الأبرياء.

كان أصعب ما واجهته اثناء تغطية المعارك على العراق هو لحظات دخول القوات الأمريكية إلى بغداد، كنت حينها اتابع فجر يوم التاسع من أبريل الاخبار واتنقل بين القنوات الفضائية فوجدت قناة تبث بثا حيا دخول الدبابات الأمريكية إلى القصر الجمهوري وسط بغداد، لم اصدق ما حدث وصدمت حينما رأيت احد الجنود يُقتل ويسقط في النهر وانا أصيح بأعلى صوتي أين مقاومة الدبابات؟ لماذا لم يطلق أي منها النار؟ ماذا ينتظرون؟ فأنظر جيدا غير مصدق ما أرى هذا الجسر المعلق وهذه هي السدة داخل القصر الجمهوري، هل يعقل هذا؟

وفي اللحظات التي رأيت فيها دبابة أمريكية تقف على جسر الجمهورية وسط بغداد وهي تطلق الرصاص والقذائف باتجاه منطقة الباب الشرقي على الضفة الشرقية لنهر دجلة انتظرت دون جدوى أن يُطلق عليها النار وكنت استعيد في ذاكرتي أنواع الأسلحة المضادة للدبابات وقلت في نفسي لابد أن أحدا ما يمتلك على الأقل سلاح RPG أو أي شي آخر ليصيبونها، ولكن طال انتظاري ولم يحدث شي.

وبعد ذلك تقدمت دبابات ومدرعات أمريكية على ساحة الفردوس وسط بغداد بالقرب من تجمع الصحفيين الأجانب في فندقي الميريديان والشيراتون وأزالوا تمثال لصدام حسين، كان علي أن ابلغ أن بغداد قد سقطت ولكني رغم وضوح الصورة اصريت في نفسي على أن ذلك لايعني سقوط بغداد أو بالأحرى لم أكن اريد أن أصدق ، فهناك لازالت معارك في الأعظمية شمالي بغداد ومناطق أخرى لكنها في الحقيقة ليست ذات أهمية تذكر.

[1] [2] [3]

/مصدر: شينخوا/

تعليقات