جميع الأخبار|الصين |العالم|الشرق الأوسط|التبادلات |الأعمال والتجارة | الرياضة| الحياة| العلوم والثقافة| تعليقات | معرض صور |

الصفحة الرئيسية>>الصين

الحلم الصيني مشترك.. تعالوا نحلم سوية (2)

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/  16:58, July 05, 2013

الحلم الصيني مشترك.. تعالوا نحلم سوية  (2)

هناك قول عربي مأثور هو "الدهرُ يومان، يومٌ لك ويوم عليك." وهذا القول ينطبق على معظم البشر في دنيانا. لم تكن حياتنا في الصين وردية دائما، فقد مررنا بأيام صعبة وعانينا من منغصات، ولكن صبرنا عليها ومرّت، لأنها في الإطار الطبيعي لمسيرة الحياة والعمل. أما الأيام اليسيرة، فكانت تستمر وتجذب بعضها بعضا، بفضل الدوران العام لعجلة الحياة، التي طالما دارت فهي تجذب الجميع مع زخم دورانها. وهذا هو السرّ في دوران عجلة الصين للأمام. فالعجلة لا يمكن أن تدور وهناك العديد من العصي في دولابها؛ وأقوى العصي الكابحة لدوران عجلة الحياة هي غياب السلام وعدم الاستقرار وفقدان الثقة بالمستقبل.

وبسبب الحركة الدائبة والنشيطة والحيوية يوميا، كانت الأيام غنية بالمضامين الحياتية وتمر سريعة بشكل ملموس واضح، حتى يعتبرها المرء الأسرع في الدنيا. في ظل تلك الظروف الجديدة علينا، لم ننس بالطبع الأوضاع التي تركنا عليها بلدنا، وعائلاتنا هناك، لكن الذي ساعدنا في التحمل والصبر هو أن الصينيين عموما يحملون مشاعر محبة صادقة تجاه العرب عامة، والعراق خاصة، في ظل محنته آنذاك. وبمجرد أن نقول نحن من العراق، كانوا يبادرون بصدق عفوي ملحوظ، إلى رفع شارة الإبهام، تعبيرا عن الإعجاب والمساندة، ورفض الحصار والعقوبات الدولية على الشعب العراقي.

هناك أمر طريف بين الصينيين يعود إلى نهاية خمسينات القرن الماضي. حينذاك، أي في نهاية الخمسينات، عانى الصينيون من مجاعة خطيرة، الأمر الذي دفع اليساريين بالعالم، إلى مساعدتهم قدر الإمكان. وكان الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم(1914-1963) من ضمن من قدموا مساعدات متيسرة للصينيين، تمثلت في إرسال سفينتين محملتين بالتمور العراقية. كانت تلك التمور نعمة كبيرة وحلاوة لا يمكن أن تنسى، وظلّ في بال الكثير من الصينيين حتى اليوم أن كلّ التمور بالدنيا، أصلها عراقي.

خلال الفترة التي وصلت فيها للصين وبدأت العمل في صيف عام 1998، كانت حركة البناء والتعمير واضحة متواصلة والمباني تشمخ هنا وهناك، والتنمية الاقتصادية تسير بخطوات سريعة مثمرة، جعلت كل من يتابع الصين، يوقن تماما أن هذا البلد في طريقه لمكانة متميزة. في تلك الفترة، كان الجميع على حالهم المعهود من التواضع، منهمكين بعمل واقعي هادئ دؤوب مثمر، ولم نسمع أحد يتحدث عن حلم، كما يحدث الآن. في تلك الفترة، بدا أنه لا مجال للأحلام، رغم أن الحلم يرافق البشر جميعا منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، وهو في كثير من الأحيان المتنفس لهم!

هذه الأمة الصينية لها حلمٌ كبير يتركز على ضرورة نهوضها من كبوتها، ولحاقها بركب العالم الكريم المتقدم. وفي ظل التطورات المتلاحقة والمعقدة في العالم، أيقنت هذه الأمة أنه لا مجال للنهوض بدون نهضة علمية أساسها التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفروعها القوية تشمل التعليم والإبداع والاستقلالية. في خضم هذه الحركة والنشاط والتطور، بقينا نتابع ونسجل الأحداث الكبيرة فعلا في هذا البلد. أبرز نقطة لحياتنا في بكين، هي الربط التلقائي بين المكان الجديد لمسيرة ترعرع وتطور أبنائنا مع مسيرة التطور والبناء في هذه المدينة النابضة بالحياة، الفاتحة ذراعيها للجميع. لقد بذلنا- زوجتي وأنا- جهدا كبيرا لينشأ أبناؤنا الثلاثة ويترعرعون محافظين على عادات ديننا وتقاليدنا ولغتنا، وفي الوقت نفسه يتطورون في حياتهم ودراستهم مع تطور ونمو العصر والزمان والمكان، وأقصد بالمكان هنا بكين، التي كانت في حينه خلية عمل لا تهدأ. وبدافع من الحرص العائلي الذي وضعه الله سبحانه في كل البشر، كنا نتابعهم وهم ينمون ويسيرون على طريق الحياة، وبسبب التركيز كانت صورةُ نموّهم واضحة أمام أعيننا، وكثيرا ما أجّجت فينا مشاعر الرفض العارم والقاطع لكل من يسبب مشكلة أو فتنة أو يشعل حربا، يروح ضحيتها أروع وأعزّ الشباب، وهي حالة عانى منها العراق أقسى معاناة. لقد حدث ارتباط تلقائي لحالتنا وحرصنا على أولادنا ونموهم وتطورهم مع الحركة النشيطة لنمو بكين، ولا اعتقد أن هناك سببا وجيها أكثر من هذا للارتباط بالمكان. وكأبوين، كنا- زوجتي وأنا- نحلم مع حلم الصينيين، بتحقيق ما نصبوا إليه في الحياة، وربما يكون مستقبل الأولاد هو الحلم الأكبر لأي أبوين في الدنيا. ووسط حركة الإعمار والبناء والتنمية، كم تمنينا لو تسير الدول النامية الأخرى، ومنها العراق، على هذا الطريق التنموي المثمر ماديا ومعنويا. وفي ظل المعاناة التي مر بها العراق وشعبه، كان الألم يعتصر قلوبنا بسبب التأخر الذي عاناه بلدنا ومراوحته بمكانه، إن لم نقل تراجعه، خلال عشرات السنين! وكم تأخر العديد من بلداننا العربية، بسبب ظروف معقدة وصعبة، موروثة تاريخيا، وأخرى بسبب التخلف عن ركب الاقتصاد العالمي! ولكن، ورغم الظروف المعقدة الحالية، فإن الأمل موجود في التجديد والنهضة الحديثة. إن مسيرة الصين من نوع السهل المُمتنع؛ سهلة لأنها ممكنة لأي بلد نامٍ مستقل، وصعبة لأن البناء صعب بحد ذاته، خاصة إذا كان هناك الكثير من التحديات الجسام التي لا بد من معالجتها بالشكل المناسب، وهناك متطلبات للتضحية، إضافة لوجود من يتربّص بالبناء. مسيرة أو تجربة الصين ليست خالية من العقبات والمشاكل، وليست بدون ثمن، ولكنها فعلا نموذج يُحتذى. مسيرة الصين وتضحياتها ونجاحها، تركز الأضواء على نقاط الضعف والتراخي في بلدان نامية أخرى، وتجعل من المُحتم عليها العمل كما فعلت الصين.

[1] [2] [3]

صور ساخنة

 

أخبار ساخنة