بكين   32/22   مشمس جزئياً

مالذي يخيف الغرب من التنمية الصينية بالضبط، التهديد أم السلم؟

2012:07:13.09:57    حجم الخط:    اطبع

بقلم/ وليد عبدالله – باحث تونسي مقيم ببكين

منذ بداية تسارع النمو الإقتصادي الصيني وتزايد أهمية الصين على مسرح السياسة الدولية، أصبح مفهوم "التهديد الصيني" الزاوية التي تجمع أكبر قدر من الأنظار الغربية الموجهة صوب الصين، وأصبحت التنمية الصينية محل إتهام وتشكيك، كما أصبحت تمثل قلقا متزايدا بالنسبة للدول الغربية، في المقابل يدافع الصينيون على سلمية نموذجهم التنموي، ويكسبون من خلاله ثقة متزايدة من دول الجوار والدول النامية، فما مصدر مشاعر الإمتعاض الغربي من التنمية الصينية، وهل تمثل هذه الأخيرة تهديدا للدول الغربية؟

الصين ليست الشريك الذي يريده الغرب

بات مسلّما عند الكثيرين أن المفهوم الحقيقي للشريك بالنسبة للدول الغربية لايعني الدول التي تقاسمها المصالح وتمارس نظاما ديمقراطيا، بل هي الدول التي تقبل بالإملاءات الغربية، ومن ثم تسهم في توسيع دائرة الهيمنة الغربية على العالم وإثقال وطأتها على "المخالفين". وإذا نظرنا من هذه الزواية نرى أن الصين الحالية ليست الشريك الذي يتمناه الغرب، فهي لاتقبل حتى مقاسمة "الغنائم" وفقا لمبدأ المحاصصة من "الحروب" التي تشنها الدول الغربية أو النهب المنظم لثروات العالم النامي، كما أن الصين ليست مجالا لتطبيق سياسات البنك الدولي وإشاعة مبادئ الليبرالية الجديدة. لذا فإنه بقطع النظر عن الإختلافات الإيديولوجية الكامنة بين الصين والغرب، فإن إستقلالية التنمية الصينية عن النظام الغربي في حد ذاتها تعني أن سرعة النمو الإقتصادي وتنامي القوة الصينية الشاملة تجعل الصين تدور خارج فلك الهيمنة الغربية، ولا تجعل هذه القوة الصينية المتنامية في موقع العضلة التي تقوي قبضة الهيمنة الغربية كما كان الحال مع عدة دول آسيوسة أخرى. ورغم أن الصين لاتطرح نفسها عدوا للغرب إلا أن مجرد إستقلاليتها وعدم قبولها بقواعد اللعبة الغربية يجعل الغرب يراها على طرف نقيضه.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الصين كانت تحظى برضا غربي كبير إبان حكم الحزب الوطني، وكانت أمريكا أكبر داعم لدخول الصين إلى مجلس الأمن خلال أربعينات القرن الماضي، ظنا منها بأن دولة بحجم الصين وبحكومة طيوعة مثل حكومة الحزب الوطني ستكون سندا عظيما لمشروع الهيمنة الأمريكية، في حين إنقلب الموقف الأمريكي كليا بعد وصول الحزب الشيوعي للسلطة وكانت أمريكا أشد المعارضين لإستعادة الصين مقعهدها في مجلس الامن. وهذا لوحده يعكس التصور الغربي للطبيعة التي يجب أن تكون عليها الصين.

[1] [2] [3]


مقالات وليد عبد الله الأخرى:
إجتماع تونس، فرصة لتعزيز التعاون والنظر بعيدا إلى العلاقات العربية الصينية
جورج شفيق حاتم، العربي الذي رافق ماوزيتونغ في الثورة وساهم في بناء الصين الجديدة
النموذج الصيني من الإعتماد على"شعب كادح " إلى الحاجة لـ"شعب مرفه"
إستراتيجية إحياء الهيمنة الأمريكية والتحديات التي تفرضها على الصين والعالم العربي
النبي محمد في الثقافة الصينية
الثقافة الصينية وإستراتيجيا "الخروج" إلى العالم
ضرورة تفعيل الحوار المباشر بين الحضارتين العربية و الصينية
مقال: الأحزاب الإسلامية المعتدلة وخيار التقارب مع الصين



/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/

تعليقات