عندما تلتقي أكبر منطقة غنية بالنفط والغاز مع أكبر دولة مستهلكة للطاقة، يصبح التعاون بينهما خيارا طبيعيا وضروريا، وذلك ما تشهده الصين والدول العربية التي قررت دفع وتعميق التعاون في الطاقة التقليدية والطاقات الجديدة في المستقبل.
ودعا الرئيس الصيني شي جين بينغ في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني العربي المقام مؤخرا في بكين، دعا الصين والدول العربية إلى تشكيل إطار تعاون " 1+2+3 "، حيث يمثل " 1 " يقصد ضرورة اتخاذ التعاون في مجال الطاقة كقاعدة أساسية وإقامة علاقات التعاون الاستراتيجي الصينية العربية في مجال الطاقة التي تتميز بالمنفعة المتبادلة والوثوقية والود الدائم من خلال تعميق التعاون في سلسلة صناعة النفط والغاز الطبيعي بأكملها والحفاظ على سلامة قنوات النقل للطاقة. أما بالنسبة إلى " 3 " فيقصد به ضرورة الارتقاء بمستوى التعاون العملي الصيني العربي في 3 مجالات ذات تكنولوجيا متقدمة كنقاط اختراق تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة.
وشهدت الصين والدول العربية تجارة ثنائية مزدهرة وخاصة في مجال الطاقة التقليدية. إذ أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية كافة ، في حين تعد أكبر شريك تجاري لتسعة منها. من ناحية أخرى، إن الدول العربية شريك تجاري مهم للصين وأيضا أكبر شريك تعاوني مع الصين في مجال الطاقة وأهم سوق للصين في مجالي مقاولة المشاريع والاستثمار الخارجي. وخصوصا في مجال النفط والغاز، حيث واصلت الصين زيادة وارداتها من النفط والغاز الطبيعي من منطقة الشرق الأوسط ، وقد حلت محل الولايات المتحدة لتصبح أكبر مستورد لنفط منطقة الشرق الأوسط.
وحسب إحصاءات بلاتس ، وهو مزود بيانات رئيسي في العالم عن معلومات الطاقة، فإن واردات الصين من النفط الخام من الشرق الأوسط ازدادت بنسبة 8.6%، لتصل إلى 147 مليون طن في عام 2013، مشكلة 52% من إجمالي وارداتها. وفي الأربعة الأشهر الأولى من العام الجاري، استوردت الصين 52.6 مليون طن من النفط الخام من دول الشرق الأوسط ، بزيادة 10.9% على أساس سنوي.
بجانب تجارة النفط الخام، تعد الصين مستوردة رئيسية للغاز الطبيعي المسال لمنطقة الشرق الأوسط . حيث أظهرت أحدث الأرقام الجمركية أن الصين استوردت قرابة 7 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال ، حيث شكلت الواردات من منطقة الشرق الأوسط حوالي 47% من الإجمالي. وخاصة من قطر، فقد تجاوز استراليا ليصبح أكبر مصدر لواردات الصين من الغاز الطبيعي المسال اعتبارا من عام 2012.
ورغم أن الصين والدول العربية تشهد تجارة ثنائية متزايدة، فإن التعاون بين الجانبين ما يزال يتطلع إلى زيادة العمق على نطاق أوسع.
قبل افتتاح الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني العربي، أعبر رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ في لقائه مع نظيره الكويتي الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، أعرب عن الأمل في أن يفتح الجانب الكويتي صناعة التنقيب عن النفط والغاز أمام الشركات الصينية.
كما أشار بيان بكين الصادر خلال الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني العربي يوم الخميس السابق أن الجانبين يرغبان في توسيع التجارة الثنائية والاستثمار المتبادل وسيجريان التعاون في مجال بناء البنية التحتية الأساسية وتعميق التعاون في مجالات الطاقة والمالية والموارد البشرية.
بجانب مجال الطاقة التقليدية، يتطلع الجانبان إلى إجراء التعاون في مجال الطاقات الجديدة نظرا للقوة الكامنة الضخمة في هذا المجال، إذ أن الدول العربية غنية بالموارد المتجددة مثل الطاقة الشمسية وتدفع برنامج تطوير الطاقات الجديدة، أما الصين فتحتل تكنولوجيا متقدمة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية.
مع أن دول الشرق الأوسط غنية بالنفط والغاز، إلا أنها تشهد ازديادا في حجم استهلاك الطاقة، حيث تنفق 40% من حجم إنتاج النفط والغاز، وازداد الطلب على الطاقة بنسبة 8.3% سنويا في غضون الخمسة الأعوام المقبلة وفقا لتقرير صادر عن شركة آبيكورب، وتعادل النسبة 3 أضعاف معدل النمو العالمي.
لذلك تعمل الدول العربية على دفع برنامج الطاقة المتجددة باستغلال مواردها الوافرة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الحرارة الجوفية، في حين تمتلك الصين سلسلة كاملة للصناعة الكهروضوئية بالطاقة الشمسية وتكنولوجيا ناضجة ووفرة الإنتاج بالإضافة إلى التحكم الجيد بالتكاليف، الأمر الذي يجعل الجانبين يسعيان وراء التعاون لتحقيق المنفعة المشتركة.
وعبر عدد كبير من المسؤولين العرب الكبار في منتدى الصين والدول العربية للتعاون في الطاقة المنعقد في سبتمبر 2013، عن أملهم في إجراء التعاون مع الصين في مجالات الطاقة الجديدة، بواسطة إنشاء الشركات بتمويل مشترك لدفع نقل تكنولوجيا الطاقة الجديدة وحماية البيئة وتعزيز بناء المحطات الكهروضوئية في دول الشرق الأوسط .
في السنوات الأخيرة، بدأت الشركات الصينية تدخل مجال الطاقة الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، حيث قامت شركتي يينغلي وشانغده ( سنتيك ) وغيرهما من الشركات الصينية بالتعاون مع الإمارات والسعودية في مجال توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية.
وأعلنت شركة يينغلي مؤخرا أنها تعمل على تطوير السوق في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في العام الجاري، لأجل تلقى الطلب التجاري وطلب المستهلكين الأفراد على الكهرباء بالطاقة النظيفة، كاشفة عن عزمها المشاركة في مشروع للطاقة الشمسية سعته 100 ميغاواط في الإمارات .
في حين تعرضت الشركات الكهروضوئية الصينية لتحقيقات مكثفة لمكافحة الإغراق ومكافحة الإعانة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واستراليا، باتت منطقة الشرق الأوسط سوقا جديدا لها.
وذكرت شركة يينغلي أنها تخطط لبيع منتجات كهروضوئية سعتها 4.5 جيغاواط في هذا العام، ومن المتوقع أن تصبح منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا أهم سوق لمبيعاتها.
وكشف خبراء صينيون في مجال الطاقة الجديدة أن التعاون في الطاقة الجديدة بين الصين والدول العربية له فضاء واسع في خمس جوانب، بما في ذلك بناء المحطات الكهربائية التي تساعد على معالجة التصحر وإصلاح المروج وأنظمة توفير الطاقة في المنشآت المعمارية والمنشآت الزراعية الحديثة ومنشآت تحلية المياه البحرية.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn